مسرح

منيرة العبد الجادر:صفر والمظفر يُتوجان (الجمهور).. “ملكاً” على المسرح!

منيرة العبد الجادر ★

عندما يتم تسليط الضوء على الجمهور، ويتم تتويجه بلقب (ملك المسرح)، فهذا يعني أننا أمام عرض مختلف، فما الذي حدث!؟

مسرحية “ملك المسرح” من تأليف وإخراج “عبد العزيز صفر” وبطولة: “خالد المظفر، خالد العجيرب، وأحمد المظفر، وإيمان ‏فيصل وآخرون”.

عبد العزيز صفر وخالد المظفر

تتأرجح أحداث المسرحية بين حقبتي 2025 – 2060، عبْر شخصية (إبراهيم أحسنهم)، الذي ظهر لنا في عام 2060 وهو كبير في السن، بصحبة فتاة ورجل،ط يحاولان إقناعه بالعودة إلى النجومية، التي عاشها في 2025 ؛ حيث كان نجماً كوميدياً حقق العديد من النجاحات، وعودته للمسرح الكوميدي في 2060 عبر إحياء مسرحياته السابقة، ستعمل على إنعاش المجتمع، الذي بات حزيناً وبحاجة للضحك.

تفاعل الجمهور

لعل أبرز ما يميز هذا العرض هو التفاعل مع الجمهور، والاهتمام به كعنصر أساسي وليس مجرد متفرج؛ حيث وضع المخرج “عبد العزيز صفر” الجمهور تحت المجهر، وقام بعرض مشهد يحتوي على مجموعة تجسد أنماط الجمهور، وكأنهم مرآة عاكسة للجمهور الفعلي، وبدأ “إبراهيم أحسنهم” يصنف الجمهور حسب الحالة المزاجية وأطلق عدة مسميات مثل: القهوة المرة، العصير، أو الخبز الدافئ.

شدّ انتباهي تفاعل الجمهور مع شخصية “إبراهيم أحسنهم” عندما يطلب تحية يحظى بتجاوب فوري، وهذا يرمز للمدرسة الملحمية، على الرغم من ذلك تم التلاعب بعقلية الجمهور من ناحية أن أصبح الممثل قريباً منهم، وبالتالي حين جاءت لوحة أنماط الجمهور تقبَّل النقد الساخر مما أضحكهم على أنفسهم، وهذه لعبة ذكية نسجها المؤلف والمخرج” صفر” بذكاء.

صورة نمطية

دائماً ما نلاحظ شخصية الناقد تنحصر في قالب التجريح والتشهير، وذلك ما حدث مع الناقد الأول في العرض؛ حيث كان يقدم برنامجاً، ليوقع الفنانين بخلافات على الهواء خلال أسئلته المغلفة بمسمى (الفن)، وقد ‏أحالني هذا المشهد إلى برنامج سابق يعرض على ‏إحدى القنوات الخاصة ، يهتم بطرح ‏الامور الشخصية للفنانين، ويطلق عليه برنامج “نقد فني”!، في المقابل، تضمَّن العرض صورة أخرى للناقد، عبر ناقد ثانوي عبَّر عن رأيه بالعرض بعد سؤال “إبراهيم أحسنهم” قائلاً بأن العرض المسرحي يحتوي على إيجابيات ثم صمت، وانتقل إلى السلبيات، على الرغم من أن الموقف كوميدي إلا أنه إسقاط واقعي ‏وصورة نمطيه لأشباه النقاد.

إعادة المسرحيات

تطرَّق العرض إلى إشكالية إعادة المسرحيات حين جاءت شخصية “إبراهيم أحسنهم” وفرقته بإعادة مسرحية “دزني وأطيح على المجرم”، حيث قاموا بارتجال (إفيهات) على الشكل الخارجي، بالإضافة للخروج عن النص، وذلك أثناء البروفة كما أنه تم استخدام مفردات مكررة في مسرح الكبار مثل دخول نجم العرض بمقولة: وينه هذا وينه، وهو لا يبحث عن أحد… إلخ من (الكليشيهات).

ثم نجد أصحاب الجيل الجديد الذين طلبوا من “إبراهيم أحسنهم” تقديم مسرحية يُعبِّرون عن استياءهم من البروفة، ولربما المخرج “صفر” يعطي رسالة للمنتجين الحاليين خلال هذا المشهد، بأن إعادة العروض المسرحية كما هي تماماً يعتبر إفلاساً فنياً.

الفلاش باك

كان هناك نوع من التوازن في طريقة التنقل بين الماضي والمسقبل، إلا أن الحوار في مشهد الرجوع إلى 2025 أشعرني بالملل ‏نتيجة الإيقاع البطيء، حيث توالى التكرار في التطرق إلى مسألة التكنولوجيا واستخدامها الخاطئ عبر مدمني الهواتف، بل إن العرض استخدم بعض المفردات والموضوعات المكررة، خاصة في مشهد تقليد المشاهير على منصة (التيك توك) بالتوقف عند كلمة (كبسوا) التي تشبعنا من ‏سماعها.

منيرة العبد الجادر وفريق مجلة نقد x نقد في زيارة سابقة لفريق عمل مسرحية (المحترمين) ويبدو المظفر وصفر.

أما خاتمة العرض، فجاءت متضمنة لإدراك واضح ومهم من “إبراهيم أحسنهم” لقلم المؤلف، الذي خمد صوته، وضاع تأثيره بسبب الانجراف خلف ضحكات الجمهور، وتهميش النص المكتوب؛ حيث أكد “أحسنهم” على أهمية المؤلف، وضرورة التركيز على دوره في ظل المعاناة، التي يعاني منها المسرح الجماهيري في جميع الحقب.


★ ناقدة ـ الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى