رأي

أسماء طارق: لا تعتادوا المشهد.. فالقصف مازال مستمرًا!

أسماء طارق ★

لطالما كان الفن بكافة أشكاله سبَّاق في دعم القضايا الاجتماعية والسياسية ومعبرًا عنها، ومن منطلق هذا الشعار دعونا نوثق بكلماتنا كيف ساهم الفن في دعم القضية الفلسطينية، مر على (طوفان الأقصى) الذي انطلق في السابع من شهر أكتوبر لعام 2023م من المقاومة الفلسطينية،  أربعون يومًا تلك المدة القاسية التي شهد فيها العالم أجمع أبشع الجرائم التي ارتكبها مجرمي الحرب ضد شعب فلسطين، وأدى هذا الحدث المروع إلى الكثير من التغيرات الجذرية سواء على المستوى السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي، والفني.

تأثير جماهيري

تلك الأحداث الأليمة كشفت لنا الكثير من الأشياء، فمن الطبيعي حب الجمهور للفنانين سواء لموهبتهم أو سمة القبول التي يتمتع بها البعض، أو حتى لشخصهم في الحقيقة، ولكن لم نكن ندرك مدى تأثير صوت هؤلاء الفنانون في دعم أي شكل من القضايا إلا بعد وقوع هذا الحدث المؤلم،  فكرة أن الفنان المشهور يتابعه ملايين من الجماهير بالطبع سيحدث ذلك تأثيرًا في الرأي العام حتى ولو كان بمقدار قليل، خاصة إن كان هذا الفنان يمتلك شهرة عالمية، فقد أصبح الجمهور بأجمعه يناشد جميع الفنانين التحدث عن أحداث فلسطين ودعمهم وإيصال صوتهم للعالم  لكي يعلم الجميع حقيقة مجرمي الحرب، ولم يقتصر الأمر على الفنانين فقط بل شمل كل فرد يحظى بشهرة عالمية، ومن خلال السوشيال ميديا تتأكد لنا الفكرة ونرى تأثيرًا بالغًا من كل فنان دعم القضية الفلسطينية، سواءً بنشر فيديو، أو حتى تغيير صورة الملف الشخصي لصورة (أدعمُ فلسطين)، أو إلغاء الكثير من الفنانين لعقود فنية مع شركات أو جهات تدعم مجرمي الحرب، فقد ساهم كل ذلك في كسر حاجز المشاهدة والتفاعل، وكان للقدر دورًا في هذه الأحداث تمثلت في أن الكثير من المشاهير قد خذلوا جمهورهم، فهناك من كان مغمورًا وبعد دعمه للقضية  الفلسطينية اكتسب شهرة مرة أخرى وهناك من كان مشهورًا ومحبوبًا خسر الملايين من المتابعين وفقد حب الجمهور له. 

 صوتك يفرق

الإعلامي وفنان الاستاند أب كوميدي «باسم يوسف»- المشهور عالميًّا- بعد استقراره في “لوس انجلوس” لم يعد يتذكره الجمهور المصري كما في السابق، ولكن بعد أحداث غزة، ينقلب الأمر رأسًا على عقب لصالحه، خاصة بعد انتشار فيديو مداخلته مع الإعلامي البريطاني «بيرس مورغان» الذي تخطى حاجز المشاهدة ل 15 مليون مشاهدة، حيث تمكن «باسم» في هذا اللقاء من إدانة مرتكبي المجاز ضد المدنيين الأبرياء، وفضح سياستهم ومخططاتهم منذ الأزل ، مستخدمًا حسه اللغوي الساخر أيضًا لصالح دعم القضية الفلسطينية، وقد توسع انتشار هذا الفيديو في منصات التواصل الاجتماعي مما ساهم في تحضير لقاء مباشر آخر بين باسم وبيرس، وانفجرت تعليقات الجمهور المصري بل والغربي بمدح ما قام به «يوسف»، حيث تم نشر تعليقات الأجانب علي هذا اللقاء واكتشافهم حقيقة مجرمي الحرب بحيث أصبحوا في صف القضية الفلسطينية.

باسم يوسف وبيرس مورغان

مواقف فنية
الفنان «محمد سلام»، هو فنان لم يكن يحظى بهذه الجماهيرية التي تفجرت بهذه الصورة، بعد موقفه الشجاع في دعم القضية الفلسطينية الذي أكسبه حب واحترام الجمهور له بشكل مضاعف، وذلك بعد أن نشر فيديو له يعتذر فيه عن تقديم مسرحية (زواج اصطناعي) ، حيث عبر من خلال كلماته الحزينة عن عدم قدرته تقديم محتوى كوميدي في ظل معاناة أهل غزة ، ولم يبال «محمد سلام» بخسارته المالية، ولا وضعه في الوسط الفني بعد ذلك.

وفي المقابل لا يمكن أن  نغفل موقف «أحمد مكي» في دعمه لصديقه «محمد سلام» الذي تمسك به في عمله القادم (الكبير أوي)، مؤكدًا أن العمل لن يتم إلا بوجوده.
تلك المواقف أيًّا كان الاتفاق معها أوضدها ستخلد سيرة كل هؤلاء سلبًا أو إيجابًا إلى أبد الدهر، وسواء اتفقنا أم اختلفنا مع مواقف بعض الفنانين من القضية الفلسطينية، فإن هذا الاختلاف لا يعطي لنا  الحق في الإساءة لهم، كما حدث مع بعض الفنانيين الذين تعرضوا لحملة شرسة نظير مواقفهم تجاه الأحداث الجارية، من خلال مقاطع مسيئة في السوشيال ميديا، الأمر الذي وصل إلى حد الإعلانات المبتذلة بهدف الإساءة لهم.

مكي وسلام من مسلسل الكبير أوي

حلمه مستقبلٌ زهيد!

فنانون آخرون استمروا في دعم القضية سواء بالنشر المستمر للأحداث أو بفسخ عقود فنية  مثل الفنان «عمرو دياب» حيث قام بفسخ عقده مع شركة بيبسي.

وهناك من استغل موهبته وفنه في إيصال صوته، مثل اشتراك 25 مغنيًّا ومغنيةً من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في أغنية (راجعين) التي تم تأليفها خصيصًا لدعم قضية فلسطين، فكانت الأغنية نتاج كتابة جميع المشاركين، ضمت الأغنية كلٌ من: “أميرعيد، مروان موسى، عفرتو، مروان بابلو، دينا الوديدي، سيف الصفدي، دانا صلاح، غالية شاكر، التونسي نوردو، سيف شروف، الأخرس، عصام النجار، بالطي، وسام قطب، بطاينة، عمر رمال، يونغ، رندر، فورتكس، سمول إكس، ALA، فؤاد جريتلي، دنيا وائل، زين، دافنشي.” وقد تم تصوير جزءًا من الأغنية في عمان، وأجزاء آخر قام المطربين بتصويرها وإرسالها ومن ثم تنسيقها إخراجيًّا من قبل المخرج الليبي« أحمد كويفية»، وقد تصدرت هذه الأغنية مواقع التواصل فور طرحها،  ومن كلماتها:
” نسينا إني بأرضي وهاي بلادي.. وفي بلادي سجين.. وذنبه إيه طفل الشهيد كان حلمه مستقبل زهيد.. واللي عايش طفل تاني بس أهله ميتين.. كل الدنيا بلادي وأرضي في كل مكان.. كل الدنيا بلادي من قديم الزمان..” 

إننا محكمون بالأمل.

الكل بلا استثناء أُصيب بحالة من الذعر والصدمة والحرقة على ما حدث ولازال يحدث لأهل غزة،  ولكن دعونا نتفق أن الجميع لايتشابه في التعبير عن حزنه وصدمته، وأن التوقف عن العمل والدخول في حالات اكتئاب ليس حلًا ولا دعمًا بالمعني الحرفي، فهذا الأمر خارج عن إرادة الجميع ولا نملك إلا التضرع لله والدعاء بنصرة أهل غزة،  وسيستمر الفن بكل أشكاله في التعبير والتوثيق والدعم للقضية الفلسطينة لحين نصرها وعودتها سالمةً غانمةً لشعبها.


ناقدة-مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى