سينمامشاركات شبابية

حنين ناصر سالمة: مسار جديد في عالم السينما


حنين ناصر سالمة ★
لقد شاع مؤخراً في الإنتاج السينمائي، معالجات لأفلام الكرتون اليابانية (الأنمي)، بتحويل تلك الرسوم المتحركة اليابانية، إلى مشاهد تمثيلية بشرية أجنبية.. فخلال سنوات قليلة، تم إنتاج عدد من المسلسلات والأفلام، التي كانت إعداداً للأنمي الياباني، ليصبح عملاً تمثيلياً سينمائياً، مثل (death note) و(attack on titan) اللذين قد لقيا فشلاً ذريعاً، في تحويل الأنمي إلى عمل سينمائي بشري، وذلك حيث إن معايير الرسوم المتحركة، لا تنفع أحياناً في أن تكون مجسدة واقعياً، كما في شخصيات العمالقة في (attack on titan).

الفرق بين شخصيات العمالقة بين الرسوم المتحركة (الأنمي) وتحويلها إلى مشاهد تمثيلية (ممثلين)
الفرق بين شخصيات العمالقة بين الرسوم المتحركة (الأنمي) وتحويلها إلى مشاهد تمثيلية (ممثلين)

رغم تلك المحاولات، إلا أن آخر ما تم انتاجه من هذه الأعمال مؤخراً هذا العام، كان مسلسل (one piece) الذي عرض على منصة نتفليكس، والمأخوذ من أنمي (one piece) الذي بدأ إصداره عام 1997 ، ومازالت حلقاته مستمرة حتى الآن، والأمر الجدير بالاهتمام أن هذا العمل قد لاقى نجاحاً واسعاً على نقيض ما سبقه من أعمال، وكان العمل تحت إشراف كاتب ومؤلف الأنمي نفسه (أودا ايتشيرو eiichiro oda)، وربما يعود نجاح المسلسل إلى الحلول الإخراجية، التي عالجت بعض العراقيل، التي كانت لابد أن تواجههم في تحويل الأنمي إلى مشاهد تمثيلية، فرغم أن أغلب القتالات في أنمي (ون بيس) كانت في وضح النهار، إلا أنها في المسلسل كانت مشاهد ليلية، وتحت إضاءة خافتة، وذلك يخفف من العيوب، التي من الممكن أن تظهر في التعديلات، فأنمي (ون بيس) يعتمد على وجود بعض القوى الخارقة في القتالات كشخصية (لوفي)، الذي أكل من فاكهة، جعلت جسده مطاطياً، فنجد يده كيف تمتد في قتالاته، وشخصية (باغي)، الذي يستطيع أن يقطع جسده، ويعيد تركيبه مرة أخرى، تلك التقنيات القتالية، ستظهر عيوب التعديل إن كانت قد صورت تحت إضاءة عالية، لذا كان من الذكاء إخفاء تلك العيوب، عبر تغيير زمن القتالات إلى أوقات ليلية.

الفارق الزمني في القتالات بين الأنمي والمسلسل ومعالجة قدرة (باغي) في المشهد التمثيلي
الفارق الزمني في القتالات بين الأنمي والمسلسل ومعالجة قدرة (باغي) في المشهد التمثيلي

رغم أن مسار القصة اختلف قليلاً في المسلسل عن الأنمي، إلا أنه كان له مبرر واضح، فعلى سبيل المثال اتصال (غارب) جد (لوفي) بـ (ميهوك) لم يكن موجوداً في الأنمي، ولكن بسبب الحاجة إلى تسارع الأحداث، لنصل إلى نقطة التقاء (ميهوك) بشخصية (زورو) كان لا بد بالقيام ببعض التغيرات.

قتال (ميهوك) و (زورو) بين الأنمي والمسلسل
قتال (ميهوك) و (زورو) بين الأنمي والمسلسل

على صعيد الشخصيات، أتقن الممثلون محاكاة الشخصيات الكرتونية، ربما ليس بصورة مثالية، حيث إنه كان هناك تفاوت بين مستوى نجاح الشخصيات على صعيد الأداء، ولكنها كانت إلى حد ما، ناجحة.
كانت هناك بعض الثغرات في المسلسل، مثل التواء سيف (زورو) في إحدى القتالات، كما كانت مشاهد جنود البحرية، مبالغاً فيها، ولا يوجد مبرر منطقي لها، ولكن يمكننا اعتبارها كفواصل بين الأحداث الكبيرة، التي كانت تحصل.

التواء سيف (زورو) في المشهد
التواء سيف (زورو) في المشهد

في المسلسل كانت الاحداث تتحرك بوتيرة سريعة على نقيض الأنمي، الذي ذاع صيته بالمماطلة بالأحداث، واللجوء إلى أدق التفاصيل، ورغم هذا التسارع، إلا أنهم استطاعوا أن يكسبوا تعاطف الجمهور مع الشخصيات والأحداث.
في الختام، إن أكثر ما يثير القلق، هو تخلي السينما بشكل تدريجي عن إنتاج الأعمال المستوحاة من كتب الكوميكس، بعد أن بدأت تفقد شعبيتها مؤخراً، فهل سيكون الاتجاه الجديد نحو الأنمي الياباني؟ وهل نجاح مسلسل (ون بيس) سيعزز فكرة اللجوء إلى هذا المسار؟ وماذا عن الأعمال السابقة، التي كان مصيرها الفشل الذريع؟
من الجدير بالذكر أن عالم الأنمي، يعتمد على المخيلة الواسعة في رسومه الكرتونية، مثل خروج العينين من مكانهما عند الصدمة في المشاهد الكوميدية، وإحاطة المقاتلين بهالة حمراء، أوبنفسجية اللون في القتالات الحماسية، وغيرها من المشاهد، التي لا تليق إلا بالرسوم المتحركة.

مؤثرات ومبالغات لا تليق إلا بالأنمي
مؤثرات ومبالغات لا تليق إلا بالأنمي

فهل ستعطي السينما ذات الانطباع، والجو العام عند تحويل تلك المشاهد إلى أعمال سينمائية؟ وهل سنرى لاحقاً أعمالًا سينمائية بشرية لـ (ناروتو) و(بليتش) و(هانتر اكس هانتر)، وغيرها من الأنمي الياباني، الذي لديه جمهور وشعبية واسعة؟

★ خريجة قسم النقد والأدب المسرحي ــ الكويــت 

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى