رأي

عادل العوفي: هل أصبح شباب “مسرح مصر” مطالبين بمراجعة أوراقهم قبل فوات الأوان؟

عادل العوفي★ 

من يتمعن في مسار الفنانين الشباب خريجي تجربة أشرف عبد الباقي، التي بدأت في يناير 2014 تحت مسمى “تياترو مصر”، وكانت حينها  تعرض على قناة الحياة المصرية، قبل أن تصبح باسم جديد هو “مسرح مصر” وتحط الرحال على شاشة “إم بي سي مصر” واستمرت  حتى سنة 2019، ليسدل الستار نهائياً عن فصولها، التي امتدت لتشمل تقديم 130 عرضاً مسرحياً بأفكار متنوعة، كتب أغلبها الكاتب نادر صلاح، مع فسح هامش لا يستهان به أمام هؤلاء الشباب للارتجال، وهو ما كان آنذاك مثار جدل، بين العديد من أبناءْ “أبو الفنون” التقليديين ممن استهجنوا الخطوة؛ مع وجود فئة أخرى تعتبر تلك المساحة، أهم ما يميز تلك التجربة، وهؤلاء ممن تبنوا مصطلح “نجوم مسرح مصر” الدارج وبقوة، عبر مختلف وسائل الاعلام.

شخصياً كنت دائم “التوجس” من الهالة الضخمة المحيطة بهؤلاء الشباب، والحرص على “استنزافهم” إعلامياً من خلال المقابلات، التي لا تنتهي في أكبر البرامج، وهنا تكمن الطامة الكبرى في “استغلال” شعبيتهم “المؤقتة” تلك، من خلال أفلام هابطة من لدن أشباه المنتجين، الذين اكتسحوا الفضاء فجأة، ودون سابق انذار، وروَّجوا للتفاهات والمفاهيم الخاطئة.

وهنا نعود بكم للسنة الأولى، التي تلت توقف تجربة “مسرح مصر” حيث كنا نرى في مواسم رمضان، مسلسلات مفصلة على مقاس هؤلاء الشباب، حيث قدم “حمدي الميرغني”، و “محمد أسامة “أوس أوس” بطولة مشتركة لمسلسل “اثنين في الصندوق”؛ وحظي “علي ربيع” هو الآخر بسلسلة بطولات منفردة، نذكر منها “سك على أخواتك”، و”فكرة بمليون جنيه”، و “عمر ودياب”، و “أحسن أب”؛ لكن الملاحظ أن كل ذلك الزخم و”الدلال”، الذي كان يحيط بهم، بدأ في التلاشي تدريجياً، خلال الموسم الرمضاني الأخير  ولولا التجربة اليتيمة في  مسلسل “كشف مستعجل”، من بطولة “مصطفى خاطر”، و”محمد عبد الرحمن”، والتي تنتمي لصنف 15 حلقة، لكان هناك غياب تام لهم؛ مع التنويه على أننا نقصد الأعمال، التي يقومون ببطولتها حصرياً، لطالما أنهم صاروا في عرف الإعلام “نجوم صف أول”.

فهل صار من المنطقي أن نتساءل: هل هي بداية النهاية لهذه الموجة؟ وهل ستنتهي بتلك السرعة، التي بدأت بها، كما حدث مع خريجي برامج اكتشاف المواهب الغنائية، مثل “ستار أكاديمي”، و “سوبر ستار”، وغيرها، التي لم يتبقَ منها سوى القليل، ممن أثبتوا كفاءتهم، وقدرتهم على الصمود والتألق؟

طبعاً، من المبكر إصدار هذه الأحكام؛ لكن الذي حتم علينا طرح هذه النماذج والمقارنات،  هو الوصول لخلاصة مهمة، تكمن في أن رفع سقف التطلعات، والزج بهم وسط معارك رمضان الحامية الوطيس، وفي سباقات أعياد الفطر، والاضحى، وتحميلهم فوق طاقتهم، وهم بالكاد يغادرون تجربة لها ظروفها الخاصة ومقاييس معينة، ليست شرطاً رئيسياً يؤهلهم لخوض غمار كل تلك التحديات المعقدة والصعبة، وتحميلهم مسؤوليات أكبر منهم؛ ومع كامل الأسف هذا ما أضحى يتأكد جلياً هذه الأيام، سواء في غياب أغلبهم عن الدراما الرمضانية، وأيضاً في نتائج أفلام عيد الفطر، من خلال الأرقام التي حصدها فيلم “بعد الشر”، لعلي ربيع وأوس أوس، وكذلك  فيلم “رمسيس باريس”، لحمدي الميرغني ومصطفى خاطر.

إذا استمرت الأمور في هذا المنحنى، ستكون العواقب وخيمة على شباب “مسرح مصر”، الذين لا يشك أحد في مواهب أغلبهم، والدليل أنهم حين يشاركون في أعمال ببطولات جماعية، يتألقون، ونذكر على سبيل المثال مسلسل “فلانتينو” آخر مسلسلات الزعيم عادل إمام التلفزيونية، حتى هذه اللحظة، حيث برع حمدي الميرغني، وانصهر وسط تلك المجموعة؛ وهنا نتساءل: ألا يوجد من يوجههم، ويحرص على مدِّهم باستشارات، تجعل خطواتهم مدروسة أكثر، بعيداً عن أوهام النجومية، وادعاءات وسائل الاعلام، التي لا تمت للمهنية بصلة؟

قد يتحدث البعض هنا عن اسم “أشرف عبد الباقي”، باعتباره عراب التجربة، والأب الروحي لهذه المجموعة؛ لكن من الإجحاف توجيه اللوم له لوحده؛ لأنها مسألة محيط وعقليات وسطوة مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من العوامل؛ وما تحدثنا عنه ليس سوى غيض من فيض، ما يقابله أصحاب الشهرة السريعة في هذا العصر، ونختم بأن يتدارك هؤلاء الشباب ما يحدث، ويراجععوا أوراقهم قبل فوات الأوان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

★ كاتب وصحفي ــ المغــرب

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى