رأي

د. سعداء الدعاس: مع الأسف يا “أبو خلود”!

د. سعداء الدعاس★

لا يختلف اثنان على المكانة الخاصة التي يحظى بها أبو خلود في قلوبنا كمسرحيين خليجيين، لاعتبارات عديدة، أبرزها تعامله الراقي مع الجميع، لكن لأبي خلود عثرات لا تتناسب وشخصيته المسالمة، والغريب في الأمر أنني كلما حاولت أن أتناسى تلك العثرات، أجده يكررها بصورة أشد وطأة.

حزنتُ كثيراً وأنا أرى أبا خلود “عبدالستار ناجي” يعتلي منصة الندوة التطبيقية للعرض الكويتي، بتحفز  ملحوظ، وانفعال مبالغ به، لا يتسق وخبرة تتجاوز الأربعين سنة، مدججاً بأحكام مُسبقة وملامح حانقة لم نعتد عليها من صاحب الابتسامة الدائمة، متناسياً أن عريف الندوة التطبيقية مجرد حلقة وصل بين أطرافها ليس أكثر، يمتص الغضب إن تأجج، ويلطف الأجواء إن اكفهرت، ويعيد النظام للندوة إن حادت عن مسارها، لكننا في المقابل وجدناه مع اللحظات الأولى يتجاوز  دوره المنوط به، وبدلاً من أن يسير  بالندوة إلى بر  الأمان، قذف بها إلى الهاوية!

 قبل أربعة عشر عاماً، كتبتُ مقالاً استنكرت فيه ما قام به (أبو خلود) حين قرر أن يكمم أفواه حضور إحدى ندوات مهرجان الخرافي المسرحي، واليوم يتكرر الحدث ولكن بصورة أكثر بشاعة، حين قرر أبو خلود عبر إدارته المُرتبِكة لإحدى الندوات التطبيقية لمهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، أن يلجم الجمهور الكويتي تحديداً، بحجة الحفاظ على مسار الندوة من (الفزعة)، الأمر الذي اعترضت عليه الإعلامية أمل عبدالله، وقررت على أثر ذلك أن تعتذر عن إبداء وجهة نظرها، أما الناقدة ليلى أحمد فعبّرت عن امتعاضها من تصرف عريف الندوة، بتذكيرها له بأن الأصوات النقدية القادمة من الكويت والمشاركة في هذه الندوات من أكثر  الأصوات صراحة وجرأة!

السؤال الذي يفرض نفسه، والذي ظل ضيوف المهرجان يتناقلونه بعد الندوة: لماذا تصرف أبو خلود بتلك الصورة؟! وهل لذلك علاقة بوجهة نظره في العرض؟! ولماذا افترض “الفزعة” رغم معرفته بجرأة الأصوات النقدية القادمة من الكويت!؟  

الموقف برمَّته كان صادماً وسبّب إزعاجاً لكثيرين، حتى إن الجمهور فوجئ بأبي خلود وهو يرفض إتاحة الفرصة لفنانة مسرحية تونسية لإبداء وجهة نظرها بحجة الوقت، رغم أن تلك الندوة -تحديداً- هي الأقل عدداً في المداخلات، وإضافة أسماء للمشاركة فيها لن يخلَّ بوقتها في جميع الأحوال.

أربعة عشر عاماً، فصلت بين الندوتين، لكن الأسلوب القمعي فيهما لم يختلف، الفرق الوحيد أن الندوة الأولى – في عام 2008 – لم يعترض عليها إلا علاء الجابر حين انسحب تأييداً لحق أ. دخيل الدخيل في التعبير  عن وجهة نظره، أما الندوة الأخيرة  – في عام 2023 – فقد لاقت الكثير من الاعتراضات، التي فاقت توقعات أبي خلود ذاته، سواء من قِبل أمل عبدالله وليلى أحمد اللتين انسحبتا من الندوة، أم من قبل علاء الجابر ومِني شخصياً عند تسجيل اعتراضنا على المنصة، حتى المخرج همس لأبي خلود بضرورة إتاحة الفرصة للحضور في التعبير عن وجهة نظرهم، أما الاحتجاج الأبرز فقد كان من قبل الفنان والمخرج أحمد فؤاد الشطي رئيس فرقة المسرح العربي الذي عبّر (على المنصة) عن امتعاضه الشديد من التوجُّه الذي طرحه أبو خلود، والذي يفتقر  للكياسة، والروح النقدية التي يفترض أن تظلل هذا النوع من الندوات. الشطي بصوته الواثق، وكلماته الحرة، ذكّرنا بالراحل فؤاد الشطي، فجاءت كلمة أحمد واضحة، مباشرة، متبرِّئاً فيها من الآلية التي انتهجها عريف الندوة، والتي قد  تُشير  بأصابع الاتهام لآخرين لا ذنب لهم في تصرف أبي خلود الفردي وغير  المحسوب.

اللافت للنظر أنني علمت لاحقاً بأن أبا خلود قبل الندوة حاول استقطاب مجموعة من الأسماء الكويتية التي لها ملحوظات على العرض، للمشاركة في المداخلات!؟ فكيف يتعذّر بضيق الوقت من جانب، وبعدم رغبته في الاستعانة بالأسماء الكويتية من جانب آخر؟!

وُجِدَت الندوات التطبيقية لتشكّل مساحة للمتلقي، ناقداً كان أم غير  ناقد، فمتى نؤمن بأنها مساحته الخاصة، دون توجيه، وإقصاء؟ هل يُعقل أننا نعيش في عام 2023 ومازلنا نرى من يحاول إسكات الجمهور  ومنعهم عن التعبير  عن آرائهم، أو  إلغاء كلماتهم من النشرة والصحف، أو تغيير فحواها؟! اتركوا الجمهور  يُعبّر  عن رأيه، فالرأي مجرد كلمة، والكلمة -مهما قست- لا تقتل.

ــــــــــــــــــــــ

 ★مدير التحرير

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى