أخبار ومتابعات

المرأة في المسرح الكويتي.. ضمن مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي

ضمن فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، شاركت مجموعة من الأصوات الكويتية النسائية البارزة في المجال المسرحي، بندوة بعنوان “المرأة في المسرح الكويتي مبدعة وموضوعاً  للإبداع”، أدارها بتميز واقتدار واضح رئيس فرقة المسرح العربي الفنان والمخرج المسرحي أحمد فؤاد الشطي.

أمل عبدالله: هل كان الرجيب يتوقع أنه سيكون رائداً في هذا المجال!؟

تنوعت الأوراق المقدمة في الندوة لتشمل جميع جوانب العطاء النسائي في المسرح الكويتي، حيث جاءت ورقة الإعلامية القديرة أمل عبدالله خاصة بمرحلة البواكير، بدءاً بالمسرح المدرسي ومن ثم الِارتجال، وقيام الرجال بأدوار النساء في تلك المرحلة، مثل محمد النشمي، وحمد الرجيب، وتساءلت عبدالله: هل كان الرجيب يتوقع أنه سيكون أول من أدى دور المرأة في المسرح الكويتي!؟ بعد ذلك توقفت عبدالله عند البداية الفعلية لعلاقة المرأة بالمسرح، بمشاركة الرائدتين مريم الصالح، ومريم الغضبان في ظل الصعوبات التي تواجهها المرأة الممثلة على جميع المستويات الدينية والِاجتماعية.

ليلى أحمد: عبدالعزيز النمش فنان من طراز فريد.

أما ورقة الناقدة القديرة ليلى أحمد، والتي قدمتها بخفة دمها المعهودة، فقد جاءت مركزة حول التجربة الفريدة للفنان الراحل عبدالعزيز النمش، أشهر من قدم الشخصيات النسائية في تاريخ المسرح الكويتي والخليجي قاطبة، وتطرقت أحمد للعديد من الجوانب الفنية التي تميز أداء النمش، باعتباره فناناً من طراز فريد، حيث أشارت أحمد إلى استمتاعها الشخصي بأسلوب النمش في أدائه للهجة الكويتية بخصوصية شديدة، كما توقفت عند الجوانب الإنسانية المؤثرة في حياته، خاصة في المراحل التي اضطر فيها للتوقف عن أداء الشخصيات النسائية، وقيامه بأدوار رجالية لم تترك أثراً لدى المتلقي.

فتحية الحداد: نصوص الكاتبات الكويتيات تطرح القضايا المعاصرة.

على جانب آخر، تطرقت الناقدة والباحثة فتحية الحداد للمرأة الكويتية الكاتبة، عبر تجارب مسرحية شكلت تراكماً عبر السنين، بدءاً بالتجارب الأولى لأسمهان توفيق، وانتصار الحداد، وصولاً إلى التجارب المعاصرة لكاتبات ناقشن قضايا مجتمعهن الآنية، وأبدت الحداد سعادتها بمشاركة الكاتبات بعدد لا يستهان به من النصوص في كل دورة من دورات مهرجان الكويت المسرحي في السنوات الأخيرة، كما استشهدت بمشاركة فرقة المسرح العربي في مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي بنص للكاتبة د. نادية القناعي، وتوقفت الحداد عند حداثة الطرح، عبر أمثلة لنصوص مسرحية تناولت قضايا معاصرة، وضربت مثالاً على ذلك بتجربة فطامي العطار، التي قرأت لها الحداد مقطعاً من إحدى حواراتها المسرحية.

د. سعداء الدعاس: الأداء التمثيلي بدأ كاريكاتيرياً.. إلى أن بات جسدياً.

كانت الورقة الأخيرة للناقدة والكاتبة د. سعداء الدعاس، والتي ركزت فيها على إبداع المرأة في المسرح الكويتي على مستوى الإخراج والتمثيل، حيث بدأت برصد التجارب المسرحية التي تنتمي للمكان (الكويت) بعيداً عن الانتماءات الصغيرة، انطلاقاً من (موزاييكية) المجتمع الكويتي الذي احتضن منذ نهضته الأولى جميع الجنسيات والطوائف، فكانت أول تجربة إخراجية نسائية في المسرح الكويتي للفنانة أسمهان توفيق ــ أردنية من أصول فلسطينية ــ في عام 1983، وبعد عدة تجارب أخرى لها، جاءت تجربة الفنانة انتصار الحداد، لتكون أول مخرجة كويتية، أما الأغزر نتاجاً فكانت من نصيب الفنانة نجاة حسين، وجميعها في مجال مسرح الطفل، إلى أن انطلقت التجارب الإخراجية بتنوع ما بين مسرح الكبار والصغار، مع رقية الكوت، وعصرية الزامل، وانتصار الشراح، إلى التجارب الإخراجية اليتيمة لعواطف البدر، وهدى حسين، وسلوى الخلفان، ومن ثم التجارب الشبابية لهيا عبدالسلام، وهند البلوشي، وفرح الحجلي، وهيا السعيد، بمجموع عروض تقارب الخمسين عرضاً من إخراج النساء، وتوقفت الدعاس عند التجربة الإخراجية لأحلام حسن كونها في مسارين متجاورين، الأول ينطلق من داخل المؤسسة التعليمية باعتبارها أستاذة في المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث قدمت عدة تجارب، تم نقلها إلى المهرجانات المسرحية، والمسار الثاني يصب في عمق المؤسسة التعليمية عبر الاستعانة بها في المسرح المدرسي الذي قدمت من خلاله  خمسةَ عشَرَ عرضاً مسرحياً، وتكمن أهمية المسار الثاني، باعتباره نقلة نوعية في آلية عمل النشاط المدرسي، الذي بدأ يدرك أهمية الاعتماد على الفنان الممارس لا مدرس اللغة العربية.

ومن ثم تطرقت الدعاس للأداء التمثيلي النسائي في المسرح الكويتي، حيث صنفته ضمن أربع مراحل، الأولى “الأداء الكاريكاتيري” التي جاءت في ظل أداء الرجل لأدوار المرأة، حيث المبالغة في الأداء، والاكسسوارات للتأكيد على تفاصيل الشخصية، بجانب الطابع الكوميدي الذي ميز تلك العروض، فجاء الأداء الكاريكاتيري باعتباره عنصراً من عناصر الإضحاك، وأشارت الدعاس إلى تأثر العديد من الممثلات في زمننا الحالي بذلك الأداء الكاريكاتيري.

أما المرحلة الثانية، فيمكن إدراجها ضمن الأداء الواقعي والطبيعي، والتي اتسمت بها جميع العروض المسرحية، التي تناولت القضايا الاجتماعية، مع ملاحظة الدعاس إلى أن بعض العروض الطبيعية، خلطت ما بين الأداء المسرحي والتلفزيوني، كما حدث مع عرض “انتظارات” لهيا عبدالسلام، التي قدمت شجون بأداء تلفزيوني لا علاقة له بالمسرح.

بينما المرحلة الثالثة، جاءت – بحسب الدعاس – ضمن العروض الملحمية التي برز فيها المخرج صقر الرشود، وفؤاد الشطي، حيث قدما المرأة بأداء مغاير، يعتمد على المسافة التباعدية بين الممثلة والشخصية التي تؤديها، ولعل ذلك كان ملاحظاً في أداء سعاد عبدالله في مسرحية “حفلة على الخازوق”، بالاعتماد على الغناء الحي تارة، واللعب على مستويات الشخصية تارة أخرى، وهكذا الشطي الذي قدم المرأة بأسلوب جديد، حتى الأدوار الثانوية، كما في مسرحية “رحلة حنظلة”، وما قدمه في بداية العرض عبر الأصوات النسائية المدثرات بالماسكات الضخمة.

تشكلت المرحلة الرابعة في نهاية التسعينيات، حيث أشارت الدعاس بأنها شاهدة على تلك المرحلة التي أثرت كثيراً في علاقتها بالمسرح، والتي قادها الأستاذ فايز قزق عبر مسرحية “الخادمتان ” التي قدمها في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1998، عبر الأداء الإستثنائي للممثلتين يسرى عبدالمحسن، وعبير يحيى، وأكدت الدعاس أنها بعد عامين من ذلك العرض، وأثناء اشتغالها على رسالة البكالوريوس، التي تناولت فيها عرض “الخادمتان” لجواد الأسدي بأداء جوليا قصار، ورندا أسمر، أدركت أن خادمَتَيْ قزق اقتربتا كثيراً من تجربة خادمَتَيْ الأسدي، لكن  قزق  أضاف إليها الاشتغال على الطبقات الصوتية للممثلات في بداية العرض، وهو اشتغال صعب لا يتقنه كثيرون، كما تفعل الفرقة الكردية النمساوية “لاليش” على سبيل المثال.

بعد ذلك العرض قدم في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت الراحل د. صالح سعد – أحد شهداء حادثة مسرح بني سويف – مسرحية داريو فو، حيث قدم أداء حركياً مغايراً لما كان سائداً تلك الفترة، مستعيناً بمرونة الممثلة أحلام حسن، عاد بعدها قزق، ليقدم أحد أهم عروضه، “موكب السمك” والذي شكلت إحدى مشاهده نقطة فارقة بالنسبة للدعاس، حيث أشارت الى التدريب العالي لقزق، والذي ظهر جلياً في التقنيات العالية التي امتازت بها يسرى عبدالمحسن، في اللحظة التي حملت فيها الممثل فهد العبد المحسن، رغم التباين الجسماني الشديد بينهما، فقالت الدعاس: لا أستطيع نسيان ذلك المشهد، حيث عدت حينها للقراءة، والبحث للتعرف على الآليات التي تمنح الممثل هذا النوع من الإمكانيات، مثل التوازن، ونقاط الضعف والقوة، وتمارين التنفس.

وترى الدعاس، أن المخرج فايز قزق – وهو أحد المتأثرين بتجربة الأسدي – ساهم في تشكيل الأداء التمثيلي (المغاير) في الكويت، حيث ظهرت بعده العديد من التجارب التي تتعامل مع الممثل من منطلقات جسدية، وعناصر صوتية وإيمائية، وليس مجرد كتلة تتحرك على الخشبة تنطق بكلمات النص.

وبناء على ذلك تنوعت التجارب المسرحية التي قدمت المرأة بأداءات مميزة ومغايرة مثل عرض “نساء بلا ملامح” لعبدالعزيز صفر، الذي تميزت به حنان المهدي، وعبير يحيى، و”مربي الزوجات” لأحمد الشطي الذي قدم عبير يحيى بصورة متجددة، ولعل تجربة حنان المهدي تستحق الدراسة كون أدائها تشكل عبر عدة مخرجين، قدموها بصورة تعتمد على لغة الجسد مثل محمد العامري من الإمارات في “صهيل الطين”، ومن الكويت فيصل العميري في “مونولوغ غربة”، وعلي الحسيني في “طقوس وحشية”.

وختمت الدعاس بأهمية تلك الأداءات التي تظل تسكن الذاكرة رغم مرور السنوات، كما هي يسرى عبدالمحسن التي تركت التمثيل مع الأسف، لكنها لم تغادر ذاكرتي التي ظلت تحمل لها مساحة خاصة لم تشغلها ممثلة أخرى إلى اليوم.

أحمد الشطي: لطليمات دور هام في صعود المرأة لخشبة المسرح.

أما رئيس فرقة المسرح العربي المخرج أحمد فؤاد الشطي فأشار إلى دور الفنان زكي طليمات في ظهور المرأة على المسرح الكويتي حيث أثبت في تقريره الذي قدمه للحكومة الكويتية عام 1958 غياب النساء عن خشبة المسرح، وأستهجن تجسيد الرجل لدور المرأة.

وبين الشطي أن طليمات أقام في نفس تلك الفترة حفلا في ثانوية الشويخ وأظهر في ذلك الحفل ولأول مرة في تاريخ الكويت مجموعة من الموظفات المصريات في وزارة الصحة بالكويت حيث قمن بأدوار تمثيلية.

وأكد المخرج الشطي أن طليمات ظل وحتى بعد عودته إلى مصر مشاكسًا في الصحف والمجلات ومنها مجلة الرسالة أو الرائد أو البعثة لكل التيارات المتزمتة والرافضة لتواجد المرأة على خشبة المسرح.

وأكد الشطي أن عودة طليمات إلى الكويت عام 1961 وقيامه بفتح باب الانتساب لعضوية فرقة المسرح العربي ودعوة النساء للانضمام إلى الفرقة فالتحقت بها فتاتين كويتيتين هما مريم الصالح ومريم الغضبان رائدتا المسرح في الكويت، إضافة إلى سيدتين من الجنسيات العربية.

وأشاد أحمد الشطي بالدور الهام الكبير والمؤثر لزكي طليمات لوصول العنصر النسائي للوقوف على خشبة المسرح في الكويت.

بعد ذلك، فتح باب النقاش للجمهور الذي ملأ الساحة الخلفية للفندق (مقر إقامة الضيوف)، حيث جاءت المداخلات على النحو التالي:

المداخلات:

  1. محمد سيد أحمد – كاتب وناقد:

أشاد بالترتيب الذي ميز الندوة، حيث جاءت الأوراق مستلسلة، قائلاً: ” وكأن هناك اجتماعاً تحضيرياً لهذه الندوة”، فكل ورقة تطرقت لجزئية خاصة، بتراتيبة جعلتنا نخرج من الندوة بتصور كامل عن دور المرأة في المسرح الكويتي، مبدياً إعجابه بالإطلالة العامة التي قدمتها أمل عبدالله، وبالتجربة الفريدة لنمش التي قدمتها ليلى أحمد، حيث أشار إلى تجربة مماثلة في السودان، كما أبدى إعجابه بتركيز د. سعداء الدعاس على عنصر الأداء والمراحل التي مر بها، وأبدى إعجابه بالمعلومة الخاصة بالمرأة المخرجة في الكويت، التي قدمت ما يقارب 50 تجربة إخراجية، متسائلاً: ” لماذا إذن ليس لديكم في الكويت مهرجان خاص بمسرح المرأة؟”.

  • إسلام إمام – مخرج:

أشاد بتجربة سعداء الدعاس في الإخراج المسرحي عبر مسرحية هاملتهن، وطالب بأن  يتنقل هذا العرض في الوطن العربي لتميزه الشديد.

  • هاني عفيفي – مخرج:

تساءل عما إذا كان هناك صعوبة في تقبل الرجل (الممثل/ مساعد المخرج) لتعليمات من المخرجة المرأة في ظل مجتمع ذكوري محافظ.

  • علاء الجابر – كاتب وناقد:

أشار إلى تجربة سلوى الخلفان في المسرح، باعتبارها مارست جميع المجالات، في تصميم الرقصات، والأزياء، والإخراج المسرحي، كما توقف عند أسباب انطلاق المرأة في الكويت في الإخراج المسرحي من خلال مسرحيات الأطفال فقط، معللاً ذلك بأن الفرق الأهلية كانت محتكرة من الرجال، فجاءت شركات الإنتاج لتتيح للمرأة الفرصة، وكانت شركات الإنتاج مهتمة بعروض الأطفال، كما أكد الجابر إلى أن المخرجين الرجال لم يساندوا زميلاتهم في البدايات، فلم يتيحوا لهن المجال للمشاركة في صناعة العملية المسرحية، مما أثر على مشاركة المرأة في الإخراج المسرحي التي تأخرت كثيراً.

  • د. خليفة الهاجري – مصمم سينوغرافي وفنان تشكيلي:

أشار للجهود النسائية في عناصر العرض المسرحي، مثل الأزياء التي تقدمها منذ سنوات د. ابتسام الحمادي، التي تميزت بمنجزها، وحازت على عشرات الجوائز في هذا المجال، وهكذا بالنسبة لتجربة حصة العباد إحدى خريجات قسم الديكور في المعهد المسرحي، وتمنى لو أن الأوراق تطرقت لعناصر العرض المسرحي الأخرى.

  • عبدالله العابر – مخرج:

أضاف لما قاله د. الهاجري، حيث أشار لتجربة د. خلود الرشيدي في صناعة الدمى، والتي تتميز بها في الكويت قاطبة، وهي أستاذة في قسم الديكور ورئيسة للقسم سابقاً.

وفي ختام الندوة تم تكريم المشاركات، وعريف الندوة من قبل رئيس المهرجان أ. أحمد بورحيمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

  • نقد × نقد – الشارقة خاص

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى