تحديد الفروق بين التأليف والإعداد والاقتباس والدراماتورج
خلود عماد★
تحت رعاية الأستاذة الدكتورة “نيفين الكيلاني” وزيرة الثقافة، والأستاذ الدكتور “هشام عزمي” الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والمخرج “عصام السيد” مقرر لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، أقيمت جلسة بحثية حول “تحديد الفروق بين التأليف والإعداد والاقتباس والدراماتورج” والتي نظمتها لجنة المسرح في الخامسة مساء الأربعاء الموافق ٢٢ من فبراير بقاعة الفنون بالمجلس الأعلى للثقافة.
وقد أدار الجلسة المخرج “عصام السيد” وشارك بها الاستاذ الدكتور “أيمن الشيوي” استاذ التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، والدكتور “محمد سمير الخطيب” أستاذ الدراما بكلية الآداب جامعة عين شمس، والدكتور “مصطفى رياض” أستاذ اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة عين شمس، والمؤلف المسرحي “محمد السوري”.
بدأ المخرج “عصام السيد” حديثه قائلا حول ظاهرة أخد عمل فني أجنبي سواء كان مسرحي أو سينمائي وتحويله إلى العربية تحت مصطلح التأليف وقال إن البعض أخذ مسرحيات معروفة لكتاب معروفين وقاموا بتغير بسيط بها وأيضا كان هذا تحت مسمى التأليف.
وأضاف إن هذه المشكلة ليست مصرية بل هناك أفلام أجنبية شهيرة لها أصول قديمة ولم يتم ذكر هذه الأصول مثل فيلم “My Fair Lady” وهو مأخوذ من نص “سيدتي الجميلة” لـ “برناردشو”، ومن هنا أصبحت هناك إشكالية وهي إن بريخت هو مخرج ومؤلف مسرحي ليس له نصاً مؤلفًا، كل نصوصه لها أصول ومع ذلك كان يكتُب إنها من تأليفه.
ولكي نصل إلى حل في هذه الإشكالية طرح المخرج عصام السيد سؤالا وهو (ما هو التأليف وما هي المصادر التي من الممكن الاستفادة منها في هذا التأليف؟) فـ تحدث الدكتور مصطفى رياض قائلاً ان المفهوم الكلاسيكي للتأليف هو الذي يكون له ٣٦ تيمه أو تركيبه لا يخرج عنها، وأضاف الاستاذ الدكتور أيمن الشيوي أن التأليف هي عملية تؤدي إلى منتج فني له شكل جديد، وقال الدكتور محمد سمير الخطيب إن التأليف من المنظور الكلاسيكي هو منظومة من الأفكار والصياغات اللغوية تشير إلى التآلف مع حدث وفكرة ما من خلال صياغات تعتمد على لغة مُتخيلة.
وطرح المخرج عصام السيد سؤالا آخر وهو (هل عندما تختلف وجهة النظر بين عمل وآخر حتى لو تطابقت الشخصيات والمواقف يعتبر هذا تأليفا؟) وتحدث الدكتور مصطفى رياض قائلًا: أن التأليف هو بالفعل نشاط إبداعي حتى لو كان به نسبه بسيطة من الاقتباس وقرأ أيضا نصا من نصوص “ليندا هاتشن” في كتابها عن الاقتباس (إن المسرح في حد ذاته لا يرقى إلى السمو الذهني الذي يتصف به من يتتبعون نقاء بعين حارس) وأضاف سطورا أخرى (لقد استولت خشبة المسرح دومًا على الشائع من الحكايات الجيدة) وأضاف أن التأليف دائمًا يشوبه قدر بسيط من الاقتباس والإعداد وإن المسألة مسألة أمانة علمية وفنية سواء كان المؤلف اقتبس أو أعدّ عن عمل فني آخر.
ثم أضاف المخرج عصام السيد سؤالا آخر وهو (متى يتم كتابة كلمة إعداد ومتى يتم وضع مفردة تأليف على أي نص؟)، وللإجابة عن هذا تحدث دكتور محمد سمير الخطيب قائلا إذا تم الأخذ من مصدر أو مسرحية وأن يتم إجراء أي تعديل على مستوى البنية الداخلية للشخصيات أو في الخطاب الخاص بالنص بل تم حذف خطوط درامية منه فقط، أو إذا أخذ المؤلف مجموعة من النصوص لكاتب معين ووضعها في عرض مسرحي فهذا هو الإعداد، أما إذا تم التغيير في الاسلوب والبنية الدرامية والشخصيات وبناء علاقات جديدة فهذا هو التأليف وأضاف مثال (مسرحية أوديب أنت اللي قتلت الوحش لعلي سالم، ومسرحية لير لإدوارد بوند) وأن هذا قانونيًا يسمى تأليفا.
وبالحديث عن الاقتباس قال دكتور أيمن الشيوي إن هناك نوعان من الاقتباس وهم اقتباس مباشر لا يزيد عن ٩ أسطر مثلما هو الحال في البحث العلمي، واقتباس اخر وهو أن يتم عمل تلخيص لعدد من الصفحات لعمل ما وأشير إلى المرجع نفسه مع هذا التلخيص وهذه مجرد إشارة وليست إلزام فقط احتراما للعمل الأصلي ولمن يريد معرفة أكثر عن هذا العمل.
وأضاف دكتور محمد سمير الخطيب أن الإعداد يحمل سمة أدبية أما الاقتباس فهو أكثر تقنية في التعامل مع البنية الأدبية والاثنين يدورا حول مفهوم الدراماتورج.
ومن هنا دارت بعض النقاشات حول المفاهيم وكان للبعض رأي آخر أن الأخذ من مصدر آخر سواء كان نصًا أو أسطورة أو أي عمل أدبي لا يعتبر تأليفًا.
وكان آخر ما تم مناقشته في الجلسة هو سؤال المخرج عصام السيد (هل هناك حقوق ملكية فكرية للمُعدّ أو للدراماتورجي مثل الحقوق الملكية الفكرية للمؤلف أم لا؟) فقال دكتور مصطفى رياض أن القانون لا يحمي الدراماتورجي وأضاف إن للدراماتورجي دور مهم جدًا فهو الوسيط بين النص وخشبة المسرح فإذا كان له دور في الإفصاح عن النص من وجهة نظره فيجب تفعيل دوره في المسرح.
وأختتم المخرج عصام السيد حديثه قائلا إنه يوجد شبة اتفاق من الأغلبية أن الإبداع لا يجب أن يحده أي حدود بشرط ألا يتعدى على أعمال قدمت من قبل، وأن الإبداع يجب أن يكون متفردًا بالعلاقات بين الشخصيات وبالشكل الذي يتم فيه توضيح هذه الشخصيات وبالإطار وباللغة وإلا يُعتبر مأخوذًا عنها.
أما بالنسبة للاقتباس فالنسبة التي يمكن أن يتأثر بها المبدع إذا زادت عن الحد المسموح لها فيجب ذكر العمل الأصلي، وأن الإشكالية حول مفهوم الدراماتورج مازالت قائمة.
وفي ختام الندوة عبر المخرج عصام السيد عن رغبته في إقامة عددًا من اللقاءات الأخرى حول هذه الإشكالية.
ــــــــــــــــــــــــــــ
★ صحفية ــ مصــر