مسرح

كريمان سالم: “برسونا” ليلة نزع القناع .

كريمان سالم

بشكل غير تقليدي وعلى طريقة مسرح الغرفة، قُدِّم العرض المسرحي “برسونا” داخل جالري آدم حنين بمركز الهناجر للفنون بدار الأوبرا المصرية، في إطار مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في دورته الحالية ، جرعة نفسية مكثفة لمدة نصف ساعة، تناقش قضية البحث عن الهوية من خلال فتاة عشرينية تعاني من التوحد ، مما يضعها دائماً في موقف المُرضي للوالديها والمجتمع. 

برسونا كلمة لاتينية تعني القناع ، وتعكس إحدى نظريات علم النفس للعالم والفيلسوف السويسري “كارل يونغ” ، التي تتكلم عن القناع، الذي يرتديه الإنسان ليواجه به المجتمع، وكيف أنه يبدل بين الأقنعة؛ ليتكيف بها بين الأفراد ، مما يجعله فاقداً لهويته، ويتعامل بآلية دون شخصية حقيقية.
قُدِّم العرض داخل ساحة الجالري في منتصف مقاعد الجمهور على جوانب الغرفة الأربع ، وضع في الجانب الأمامي للغرفة المتمثل في عمق المسرح افتراضياً، مرمى كرة ذو شبكة استخدمت كبارفان تدور من خلفه بعض الأحداث.

“برسونا” عرض مونودراما نفسي يتدرج من الغموض إلى المكاشفة ، فمع بداية العرض تظهر البطلة متفاعلة مع الجمهور ومتحدثة إليهم ، تجلس بينهم محاولة الاندماج والتأقلم ، بين المراحل العمرية المختلفة تعرض لنا البطلة محاولاتها في ارتداء القناع المناسب بين الطفولة والمراهقة ، بالمدرسة وبين الزميلات والدراسة الجامعية ، هي تحاول طوال الوقت أن تكون مثالية مؤكدة لأمها دائماً أنها تستطيع .
ربما استخدام نمط شخصية التوحد بالعرض جاء ليسهل إيصال فكرته ، وليخلق نوعاً من التعاطف والتفاعل الأسرع بين البطلة والجمهور.
اِستطاعت البطلة أن تجسد معاناة الشخصية من خلال أداء متزن وعفوي، عُزز بعزفها الحر على الفلوت، معلنة تخليها عن جميع الأقنعة، وتحررها لتصنع لنفسها هوية مميزة متناغمة مع المجتمع ، وإن كان هذا التناغم تدريجياً، فكان عزفها متدرجاً من الصعوبة حتى الإحتراف.

موسيقى العرض كانت بسيطة وغير مكثفة ، بخلاف مقطوعة العزف الحر بنهايته .

ظهرت البطلة بملابس سوداء حيادية ، واستعانت ببعض القطع الإضافية لتعبر بها عن مراحل حياتها ورحلتها في ارتداء الأقنعة .

إضاءة العرض لم تتغير كثيراً، اِكتفى المصمم بالإضاءة الطبيعية للغرفة مع وضع بعض الشموع البلاستيكية على طاولات أمام الجمهور، لتهيئة للدخول في حالة من الهدوء، ولخلق نوع من الحميمية في التلقي.

“عندما تعيش بوجهك الحقيقي سيصبح كل شيء أجمل “

بهذه الجملة اِنتهى العرض لتتحقق نظرية “برسونا”


★ناقدة ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى