إذاعة وتليفزيون

عادل العوفي : الدراما العربية، وقعت في أسر “الترند “.


عادل العوفي★

تساءلنا في الموسم الرمضاني الماضي عبر هذا العنوان : لكل فنان لازمته الخاصة ..البحث عن التميُّز، أم هَوَس الترند ؟
لكن الجواب جاءنا مبكراً خلال العام الحالي، ولن نحتاج لتكرار هذه النوعية من الأسئلة البتة؛ إذا افترضنا، أو بالأحرى تَحَلَّيْنَا حينها بحسن النية، وأن الممثلين مجتهدون يَكُدُّون بحثاً عن التميُّز؛ لذلك يتهافتون لإيجاد مفردات خاصة بهم؛ تتحَوَّل إلى “ماركة مسجلة ” باسمهم لاسيما أننا في زمن “الترند “، الذي لا يُبقي ولا يَذَر .
لكن دعونا نضعِ الأمور في نصابها الطبيعي، ونَقُلْ بأعلى صوت إننا صرنا أمام حالة “فوضوية ” حوَّلَت المسلسلات إلى ساحات معارك مجانية لهثاً وراء تسلُّق هذا الكابوس، الذي يَقُضُّ مضجع كل صُنَّاع الدراما، اِبتداء من شركات الإنتاج وصولاً للممثلين؛ مما حَوَّل عناصر أساسية في المعادلة إلى “كومبارس ” لا حاجة لها .

الناقد /”الحقود ” 

أول هذه العناصر، هي آراء النقاد، التي من المفترض أنها المقياس الرئيسي، الذي يستند اليه صُنَّاع الدراما من أجل الوصول لصيغة مُرْضِيَة لهم، وبالتالي مراجعة الأوراق، وتفادي الأخطاء في الخطوات المقبلة ؛ لكننا في عصر هذا “الترند ” تحوَّل الناقد إلى مجرد شخص “حقود ” يستهدف نجاحات شركات الإنتاج والنجوم؛ تحت ذرائع “واهية ” أو مجرد أداة لتصفية حسابات شخصية .
مع الأسف هذا الرأي السائد اليوم في ظل تبجح المشرفين على القطاع، بأنهم حصدوا ما يرمون اليه وفق “أهواء ” و أرقام ” الترند “، الذي ترَبَّعوا عليه منذ الساعات الأولى للشهر الفضيل، أو حتى قبل رؤية الهلال ؛ والمفارقة اليوم أن كل من يُصَنَّفُون بالنجوم في الوطن العربي؛ يُعْلِنُون على صفحاتهم، بأنهم يحتلُّون المركز الأول على صدارة “الترند ” .
والسؤال المطروح هنا : متى سنجد فناناً واحداً يتواضع قليلاً، ويقبل بالمركز الثاني على الأقل ؟

الكاتب /الحلقة الأضعف 

في ظل الهرولة نحو مجد “الترند ” من المنطقي أن نتساءل عن دور الكُتَّاب في المعادلة ؟ وهل جنوح جُلِّ الفنانين اليوم للبحث عن لازمة خاصة بهم، يَمُرُّ عبر قناة كُتَّاب السيناريو بالأول ؟ والأهم : ألا يؤثر هذا على سير الأحداث بسبب التكرار الفج، والقاتل للعبارات، التي أضحى بعضها مقززاً بمرور الأيام ؟
إذا قمنا بسرد النماذج الموجودة في مسلسلات رمضان هذا العام؛ فلن يتسع لنا المجال أبداً ؛ لكن سأكتفي باستحضار نموذج مسلسل “السبع ” من بطولة باسم ياخور، وأمل عرفة، وعبد المنعم عمايري، وآخرون، الذي أضحى ساحة للمبارزات الكلامية؛ حيث تكرر شخصية “ثريا ” عبارتها ” بتمرق ” في كل مشهد، وترد عليها خادمتها “مطيعة ” بلازمتها أيضاً ” دارت لك ” في كل الحوارات ؛ وهذا غيض من فيض طبعاً.

إنه زمن الترند إذن 

المحصلة أننا في زمن الترند، ومطالبون بالامتثال لأوامره، وإلا أصبحنا خارج نطاق العصر، ونُغَرِّدُ خارج السرب ومتخلفين عن التفكير السوي؛ وفي كل موسم رمضاني جديد؛ تترسخ معطيات جديدة تؤكد بجلاء هذه النقطة ..فإلى متى سيواصل هذا الترند، العبثَ بنا يا تُرى ؟ ومن ينقذ الدراما العربية، التي وقعت في “أسره ” ؟


★ناقد ـ المغرب.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى