مسرح

بدر الأستاد: هل مسرحية “صرخة كواليس” هي ذاتها صرخة “شريهان” ..!!

بدر الأستاد ★

ضمن مهرجان أيام الشباب للمسرح بدورته  الـ 15، قُدِّم أمسِ عرضاً مسرحياً مختلفاً، لمخرج مختلف وهو بدر الشعيبي،  بعنوان “صرخة كواليس” للكاتب نصار النصار ، أعَدَّ العرض عبدالرزاق بهبهاني.

يتناول العرض قضية الفنان، ومشاعره الجياشة بسبب صراعاته الداخلية، ما بين رغباته وطموحاته الشخصية، ونظرة المجتمع له، فكيف عرض الشعيبي هذه القضية..؟!

يدور العرض حول فنان (أدَّى شخصيته الممثل محمد الكليبي) يعيش في صراعات ما بين الأسرة، وحلمه الخاص، ومن ثَمَّ علاقاته الشخصية وعمله، الذي سرق حلمه، وفي لحظة يتحوَّل صراعه مع أضواء الشهرة؛ حتى كادت تنطفي شمعته، فبدأ رحلة بحثه لإعادة  تلك الأضواء إليه بشكل شاعري؛ تتخلله
  الموسيقى المصاحبة، والكوميديا الخفيفة .

ولأن الفنان شخصية مرهفة  المشاعر؛ فقد استطاع المخرج أن يُعبِّر عنه من خلال الإضاءة؛ حيث جاءت مؤكدة لتضارب المشاعر والاحساس بالحيرة، الذي يسيطر عليه.

أما على مستوى التمثيل فقد كان الأداء الأبرز في العمل للممثل محمد المسلم، الذي شقَّ له طريقاً  مختلفاً عن أسرته الفنية، التي لم يتأثر بها.
برز الكليبي أيضاً بأداء دور الفنان؛ خاصة في سرعة التحوُّلات، التي قَدَّمها.

من اللافت للانتباه عنصر السينوغرافيا؛ حيث عكست الجانب الوجداني للشخصيات،
فاللون الأحمر الفاقع؛  جَسَّد حب الفنان لفنه وثورته، أما اللون الأسود، الذي كان محيطاً بالديكور المتحرك؛ فقد منح العرض طابعاً من الغموض، وأكد المعاناة الداخلية.

وقد استطاع المخرج بحركة ذكية أن يستغل عمق المسرح، وإن فقد بعض الممثلين أصواتهم أحياناً في بعض المشاهد؛  بسبب هذا العمق .

أما الأزياء فقد  أعطت بُعْداً رمزياً مختلفاً ورائعاً وحضوراً، وكاريزما للشخصية، وأوضحت قوة وتأثير الفنان في حياته.

تَميزَّت الجوقة، أو المجاميع بلعب عدة أدوار، والتعبير عن عدَّة أبعاد، فهم ليسوا مجرد محركين
 للديكور فقط، بل كانوا يحملون رموزا  من خلال زيهم الأسود ، وهو ما يُعبِّر عن الاضطهاد، الذي تعاني منه شخصية الفنان في محيطها الأسري، وأيضاً المكياج، الذي صَوَّر الشخصيات أشبه بالمهرجين وهو انعكاس لنظرة المجتمع تجاه الفنان.

من مميزات العرض، الاعتماد على الكوميديا، التي قدَّمها بتميُّز محمد المسلم ، الذي أبدع الكوميديا الخاصه به، وهذا ما يُميِّز الفنان حينما يبدع شخصيته بنفسه، دون أي تقليد.

على الرغم من تفرُّد القضية، التي طرحها العرض، إلا أنني شعرت للحظة كأنني أشاهد سيرة الفنانة شريهان، خاصة في مشهد الحادث، الذي شاهدناه عبْر أحد الإعلانات الشهيرة في تصوير دقيق لمسيرتها.

أما الأغنية الأخيرة في العمل؛ فكانت مميَّزة، وساهمت في ضبط الإيقاع، الذي هبط في عدة مناطق.

في النهاية تَميَّز نصار النصار بأفكاره، التي كتبها من قبلُ في مسرحية (رسالة إلى) والتي تَمَّ تقديمها برؤية مختلفة هذه المرة، وإن كنت أتمنى معرفة دور المُعِدِّ هنا!؟ وهل ما قدَّمه إعداد فعلاً!؟
بعيداً عن ذلك؛ أثبت النصار أنه كاتب يستطيع التعبير عن قضاياه الفنية، مع مخرج متمكن، اِستطاع أن يعكس ذلك عبر إخراجه وألحانه وأغانيه .

ختاماً أستطيع القول إن العرض عبَّر بتميُّز عن قضايا الإبداع من خلال كاتب درس التصميم الداخلي، ومخرج درس الموسيقى؛ ليُقدِّما عملاً فنياً رائعاً.


★ناقد ـ الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى