مسرح

د. طالب بدن : (طوفان الأقصى) بعيون عراقية بصراوية.

د. طالب هاشم بدن ★

في يوم الإثنين الموافق 11/3/2025، وفي قاعة المسرح المركزي في كلية الفنون الجميلة -جامعة البصرة ، وحدة التعليم المستمر في كلية التربية للبنات، وبالتعاون مع قسم التربية الفنية وفي تمام الساعة الحادية عشر صباحاً، قُدِّم العرض المسرحي (طوفان الاقصى ) من تأليف الدكتور حيدر علي الأسدي ، وتمثيل نخبة من طلبة الجامعة وإخراج الأستاذ الدكتور سيف الدين الحمداني.


جيل الطوفان:

لا يخفى على العالم أجمع ما مرت به أرضنا العربية طوال السنين من غزوات واحتلال، حاولت من خلاله قوى الشر بمختلف أشكالها طمس الهوية العربية وتغييب الصوت الحر عبر وسائل شتى منها الترهيب والترغيب وممارسة التتريك والفرنسة وغيرها ، إضافة إلى محاولة محو وطمر الثقافة والإرث العريق لمعالم مدن بل دول، ناهيك عن إغراق وتلف الكتب الغنية بالعلم والمعرفة والثقافات المتنوعة ، على وفق ذلك ظهرت أصوات مناهضة لتلك السياسات المقيتة وبرزت شخصيات خلدها التاريخ على مر الزمن وبقيت ذكراها تتناقل عبر بطولاتها مثل: عمر المختار وعبد القادر الجزائري والمهدي السنوسي وعرابي وشعلان أبو الجون وغيرهم ممن شهدت له الساحة العالمية بالبطولات والمقاومة ، وقد وُلد بعد تلك الحركات والمقاومة أجيال نهجو نهجهم في مقارعة العدوان وآخر ما شهدته الساحة العربية ظهور جيل ولد من رحم الأرض وتغذى على ويلاتها ومعاناتها، وسُقي من ضيمها ألا وهو جيل الطوفان الذي سيخلده التاريخ بعد ان أذل جبروت الصهاينة ومن ساندهم وكسر شوكتهم التي صورت على أنها الدرع الحصين الذي لا يقهر ولن يخترق ، بل إنهم فتية آمنوا بربهم وزاردهم هدى وسدد خطاهم فتحقق النصر بعملية نوعية أطلق عليها ( طوفان الأقصى).


فكرة  العرض :

انبثقت فكرة العرض من رحم معاناة أهلنا في فلسطين بعد الطوفان إذ قدَّم لنا مؤلف النص فكرة موجزة عن أحداث بطولية حدثت في الماضي القريب تجلت في أحداث مبنية على وفق منهج أكاديمي ضم بداية ووسط وخاتمة تحقق من خلالها البناء الدرامي.

أ.د.حيدر الأسدي مؤلف العرض.


العرض بصورته الحيوية:

بعد أن اجتمعت مقومات النص المُؤلَف من قبل الكاتب حيدر الأسدي ، قام المخرج سيف الحمداني بوضع دراسة معمقة لفكرة النص وحاول إيجاد الظروف المعطاء ليصيره عرضاً يحاكي الواقع ،ويعلن انطلاقته من على منصة المسرح في جامعة البصرة وليقول قوله أننا معكم أهلنا في فلسطين وقضيتنا واحدة على الرغم من بعد المسافات غير أننا مؤمنون بأن الكلمة كلمة الحق لا يعلو عليها وأن الباطل لا بد أن يزهق .

تبلورت في مخيلة المخرج الحمداني صورة كل طفل وشاب وشيخ فلسطيني وقع شهيداً ارتقى سلم المجد رويت أرض فلسطين بدمه فكان الصوت الهادر والنبت الصالح للأجيال بإصرار وإرادة على الوجود ، الوجود الملاصق للأرض والحامي للعرض ، إذ قدّم مخرجنا صورة واقعية لأحداث حدثت ولا زالت تحدث عبر قراءة معرفية بزوايا العرض، فقد استخدم فضاء المسرح وباحة القاعة ليحرك شخوصه ضمن حركات كروباتيكية معبرة عن الحدث صانعة لوحات  متجانسة على شكل مجاميع متقنة التنظيم تضمخت أوجهها بطين لازب في إشارة إلى أن الوجوه تلاصقت حباً بالأرض ، وقد أضاف لجماليات العرض حركات انسجمت عبر نسق متدرج على خشبة المسرح أظهر مخرجنا من خلالها علاقات متبادلة بين الأرض والمحيط العربي وهي رسالة واضحة أن مستقبل العرب كمستقبل فلسطين إن سكتوا عن الدفاع عنها ، ثم عمل المخرج على ملاصقة العلم الفلسطيني بالعلم العراقي عبر رسم لوحة واحدة حملها مجاميع الممثلين لترسم التماسك والإخوة العربية بين البلدين عبر الزمن وهي نتيجة حتمية للأشقاء

أ.د سيف الدين الحمداني مخرج العرض


الموسيقى والمؤثرات :

استعان المخرج بمجموعة من المؤثرات الموسيقية للتعبير عن الحزن والبطولات؛ لتكون لوحة زخرفية عبر العرض المسرحي وهي بمثابة إثارة وتشويق يتناغم مع بناء الحدث الدرامي على وفق دراسة أكاديمية ، خلق اجواء معبرة عند المتلقي فجاء الإيقاع متوافقاً مع الاداء وعبارات النص المنطوق على وفق متوازن ، حمل في طياته عدداً هائلاً من الآهات والنداءات التي من شأنها صياغة عرض ناجح.

لابد أن يأتي:

ضمن العرض المسرحي المقدم على جمع من المتلقين الأكاديميين والطلبة ذوي التخصص أفرز العرض نتاجاً مهماً وهو نشر القضية الفلسطينة والتصعيد ضد المحتل الجبان وهي رسالة واضحة مفادها أن العالم يغض الطرف عن جرائم ارتكبت في وضح النهار ولا بد أن يأتي يوم للحساب وبهذا التخليد والتذكير ستكون أدلة دامغة على العدو أن هنالك شعب يُباد ويسحق بلا رحمة أمام أنظار الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان والامم المتحد غير أن الصمت القابع هو القناع الحالي وأصحاب الحق هم من ينطق به، وقد نطق العرض المسرحي بتلك الحقائق ووضعها بين يدي المتلقي ليكون مشاركاً ومفسراً وشاهداً على تلك الخيانة.


★ناقد-العراق.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى