مسرح

محمد القلاف: كيف جسَّد عرض « غصة عبور» صراع الهوية والانقسام؟!

محمد القلاف ★

للهوية الوطنية والقضية الفلسطينية حضورٌ في العرض مسرحي(غصة عبور)، للمؤلفة تغريد الداود، التي تم تقديمها خارج الكويت في السنوات الماضية،  المسرحية يحمل العرض ملامح عبثية وسياسية، فالعبثية هي نتاج ويلات الحروب والقهر الذي يحدث في هذا العالم المكتظ بالظلم والجنون، صراع الكراسي الذي ضيع هذا الإنسان بقرارات الاستبداد،  مما جعل هذا الكائن المجهول يفكر بالانتحار، أو الهروب، وهو مدفوعٌ بالخوف والإجبار، فهذا الإنسان أصبح بلا هوية بلا ثبوتيات، فلا يميز نفسه، هل هو غربي أم عربي؟ والفرق بينهما ( حرف بنقطة)، والمرأة التي تتألم من الظلم والقهر، فكم من امرأة فقدت ابنها بسبب هذه الحروب!

مشهد من العرض

كيف نرى مسرح العبث؟

قضية الهجرة وصراع الهوية والانقسام بين الضفتين والصراع بينهما، وهنا تناصٌ لجميع البلدان في هذا الانقسام وفقدان الهوية الوطنية، فمن ليس لديه ثوابت هو صورة لكل إنسان فاقد هذه البطاقة التي تثبت موطنه وولادته فكم شخص هاجر بسبب خوفه وإجباره؟!
كثيرًا ما يدرك المتلقي الواعي بأن مسرح العبث سوداوي ولامنطقي ولاعقلاني أو يراه سلبيًّا ولكنه من جهة أخرى هو إيجابي كونه يخلق مساحة للتفكير عند الجمهور ويراجع أفكاره ومعتقداته.
هذا العرض باغت الجمهور وجعله يرى الواقع الذي لم يره أو كان يتجاهله، حيث دمجت الكاتبة الداود ما بين الكوميديا السوداء التي تنتقد الواقع بشكلٍ ساخر وكوميديا الموقف أي المفارقة، وحرصت على عدم  توافق  الشخصيات فلكل شخصية منهم قضيته ومواقفه.

سارة رشاد، عبد العزيز بهبهاني،  إبراهيم الشيخلي، أحمد بن حسين، عامر أبو كبير.

سينوغرافيا

أبهرت السينوغرافيا والإخراج مشاهدي العرض بِدْءًا، من الجسر المتحرك الذي عبر عن الليل والنهار والضفتين، وجسر البحر والذي لفت نظرنا فيه المرآة عند انتحار فاقد الهوية الذي ضحى لأجلِهم، وهذا النوع تناولته العديد من المسرحيات الغربية، وهو نوع جديد في عالم السينوغرافيا، فقد حققت جمالية درامية في العرض المسرحي، بالإضافة إلى الأعمدة الخشبية التي جسدت أدوار المرأة في الرقص.

سارة رشاد ، عامر أبو كبير ، إبراهيم الشيخلي ،عبدالعزيز بهبهاني ، أحمد بن حسين.

المهمشون

ظهر الممثلون في شخصيات مختلفة، وكل شخصية تحمل دلالة ولوحة خاصة في تناول أحداثها وسرد قصتها، فلكل منهم غصة عبور، فهؤلاء مهمشين في بلدانهم وخارجها، هم مختلفين في بلدانهم، ولكنهم مشتركين في معاناتهم ومأساتهم؛ لذا كل منهم طلب الهجرة؛ هربًا من واقعهم المرير، ومنهم من يعرف الوطن الذي أجبره على الرحيل، على الرغم من كوميدية المواقف التي زرعوها في أنفس الحاضرين، وسبر أغوار النفس للتعايش مع أحداثها.


عبدالعزيز بهبهاني، علي قاسم

تفاصيل العرض

إخراج: محمد الأنصاري.
تأليف: تغريد الداوود.
تمثيل: إبراهيم الشيخلي، عبد العزيز بهباني، سارة رشاد، عامر بوكبير، أحمد الرشيدي ، أحمد بن حسين.
مساعد مخرج: فاطمة دشتي، علي قاسم.
مصمم إضاءة: فاضل النصار.
مصمم ديكور: محمد بهبهاني.
مصمم أزياء: شهد البلوشي.
ميكاب: سارة دشتي.
مدير إدارة الإنتاج: مهدي السلمان.
الإشراف العام: أحمد السلمان.


★ناقد_الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى