محمد القلاف: «بيانولا» عبثية أم واقعية؟!
محمد القلاف ★
ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي، شاهدت مسرحية بيانولا، على خشبة مسرح الدسمة، بدأت المسرحية أثناء دخول الضيوف، وكانت حركة ملفتة من المخرج فدب الصمت بشكلٍ تلقائي من قبل الجمهور، فبدأ يتابع أحداث المسرحية.
تضمنت المسرحية ملامح مسرح العبث في شخصيات المسرحية المضطربة التي تعاني الوحدة والغربة وتشوش التفكير، فهم لا يعرفون ماذا يريدون من بعضهم البعض.
جعل محمد الرباح المتلقي في حيرة هل هي عبثية تحاكي فكرة الانتظار كما في مسرح يوجين يونسكو أو صامويل بيكيت؟ كون الشخصيات في حواراتها تعتمد على التكرار واللامنطق فلا هي أي قيمة أو معنى، فكل شخصية تحكي معاناتها دون هدف أو نتيجة مرجوة منها.
ولكن في نفس الوقت تحمل ملامح واقعية إبسن من حيث استخدام صندوق الذكريات ومعايشة الواقع والأفكار، فهي تناقش اضطهاد المرأة واستغلالها كأنها (دمية) من مجتمع ذكوري مستبد يعتبرها سلعة بيده ويريد تشكيلها كيفما يريد؛ لذا كم من شخصية كانت لها ذكريات معه وباءت بالفشل! وكم من مرة أعاد لنا الصندوق والحقيبة ذكرياتنا وقصصنا! لتذكرنا بماضينا فنتألم منه، فكلٌّ منا له صندوقه الخاص وأسراره، وهذا الصندوق البيانولا يذكرنا في جمهورية مصر في القرن العشرين بالقاهرة ومناطق أخرى، حيث استخدمه الأجانب آنذاك، وتعريف بيانولا أي (صندوق الحياة).
الممثلين شخصيات مختلفة، وكلٌّ منها لها دلالة فعلى سبيل المثال: شخصية المهرج التي تكشف عن أسرار الشخصيات وحالتها النفسية وهي تماثل لشخصية فيلم (الجوكر)، فقد أجاد أحمد العوضي في ذلك، وأما شخصية المتسبد الاستغلالي التي جسدها فيصل العميري، فقد كشفت لنا جانب تربوي مهم: أن الأب الذي شكل ابنه بطريقته الخاصة حصد ثماره عند وفاته، فتكونت شخصية متغطرسة غير متوقعة، وهذا الاحتجاج الذي احتج به الابن « أنت الذي تريدني هكذا» في دور المرأة التي نالت الويلات في حياتها واستغلالها أبشع استغلال، كان دور حصة النبهان مميزًا في تجسيد معاناة المرأة، وهنا تناصٌ واضحٌ ما بين هذه الشخصية والشخصيات الإبسنية في انتقام المرأة.
وأما علي الحسيني فلعب شخصية الحبيب الذي كانت تعيش معه أجمل لحظات حياتها، لكنه فارقها دون مبرر، والكاتب هنا ينظر للشخصية أنها من الذكريات، وهنا براعة الكاتب والمخرج التي جعلت الشخصية كالشبح (طيف) ليس له دور إلا في مشهد قصير جدًا، فلم يلتفت الحضور والنقاد لهذه الشخصية رغم أهميتها، وقد يكون (البروشور) ساهم في ذلك كونه لم يذكر اسمه إطلاقًا.
فريق عمل” بيانولا”
تأليف وإخراج: محمد الرباح
تمثيل: فيصل العميري – حصة النبهان – أحمد العوضي
مصمم تقنيات: حسن الحسن
تأليف موسيقي: عبدالعزيز الديكان
مصمم الإضاءة: عبدالله النصار
مصمم الديكور (السينوغرافيا): حسن الملا
الإكسسوار: عيده العيدي
متابعة وتنسيق: سعد الفلاح
مصممة أزياء: إيمان السيف
مساعد مخرج: هنى القلاف
مخرج منفذ: سليمان المرزوق.
★ناقد-الكويت.