إيمان توفيق: كيف يرانا الغرب في أعمالهم؟
إيمان توفيق ★
العرب هم السابقون في الحضارة والعراقة، المخترعات البسيطة، التي ألهمت اللاحقين بصنع النسخ المطورة منها، لكن يبقى المُلهم الأصلي في الكتب والوجدان، يعرفه من يسعى لمعرفة أصل الأشياء، فيجد الساعي، عندما يبحث عن أصل أي شيء كلمة “العرب” دائمًا موجودة.
فالعالم الغربي يرى هذه الأصالة، وتُرعبه فكرة قوتنا في كل المجالات، التي حاول مرارًا أن يسلبنا إياها، وللأمانة، لقد نجح في بعض هذه المحاولات، لكن بشكل خفي، كما يقال “دس السم في العسل”
فسيطر الطرف الأقوى على كل المجالات، وأصبحت له اليد العليا، وله القدرة على ترسيخ ما يريد في عقل أي شعب، فجعل العرب يعتقدون أن الشعب الفلسطيني باع أرضه! ، بل ودَسَّ في قلوبنا ما يملأ كل شعب من كره للشعب المجاور له جغرافيًّا المشترك معه تاريخيًّا، وتربطه به علاقات وطيدة، ولعل أسهل طريقة يغرس بها أفكاره، في جميع بلدان العالم هي السينما والدراما، فمن منّا لا يرى مسلسلات، وأفلامًا من صنعهم؟
وهناك أمثلة عِدَّة من أعمالهم، تؤكد على فكرة نظرتهم لنا كعرب، حتى وإن وصلت لتزوير الحقائق، فلا مانع من أن نظهر بريطانيا -صاحبة الكومنولث الضخم- في مسلسل التاج، وهي داعمة للحريات، بل ونُزَيِّف حقيقة رغبة البلدان في التحرر، وأن جميع الدول المحتلة منهم، تنعم برخاء وسعادة، بل وامتنان للملكة، أنها أنعمت عليهم بالزيارة!
مسلسل التاج
هو السيرة الذاتية لملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية، خلال فترة حكمها الطويل، الفيلم من إنتاج منصة نتفلكس، وقد عُرض منه 6 أجزاء، تروي بالتفاصيل حياة التاج، والعائلة المالكة، ومن خلال هذا المنظور، نرى بلدان العالم من عيونهم، فنرى مصر قبل، وبعد خروجهم كمحتلين منها، نرى سخطهم وخوفهم من الشعب المصري، ونرى تفاجأهم من تحركات الضباط الأحرار، التي شعروا تجاهها أن أغلى السرقات عليهم، تُسترد أمام أعينهم، لكن الذي استوقفنا، ودفعني لكتابة المقال قصة الفايد والأميرة ديانا، ومدى إظهار المصري بشكل الصعلوك، الذي يريد التقرب للتاج، بأي شكل، وتحت أي ظرف.
فجميعنا نعلم قصة الأميرة ديانا، ودودي الفايد، وقصة الحب، التي نشأت بعد طلاقها من الأمير تشارلز حينها، فنجد السرد في المسلسل يُظهر محمد الفايد رجل الأعمال المصري – رحمة الله عليه – وكأنه شخص وصولي لا يرغب في شيء، سوى التقرب للتاج، والحصول على الجنسية البريطانية، جعلته شخصًا يستغل طيبة الأميرة ديانا، ويجعل ابنه دودي يتقرب منها ليتزوجها، ومن ثم يحقق مطامعه، حتى وقت وفاة، أو مقتل ابنه، لا يظهرون منه سوى رغبته في اقتناص فرصة الموت للحبيبين، والتقرب أيضًا للتاج، بإرسال هدايا، وخطابات للعزاء، وعلى الجانب الآخر، لا يجد إلا التجاهل لهذه المحاولات، فيأخذ المتلقي -الذي لا يعلم جيدًا بالحقيقة معلوماته من “المسلسلات”- فكرة عن العرب أنهم أشخاصٌ وصوليون، يفعلون أي شيء للحصول على بركة القرب، من المواطن الغربي.
مسلسل Fairfly lane
المسلسل من إنتاج نيتفلكس أيضًا، يروي قصة صديقتين تعيشان في الولايات المتحدة الأمريكية، تكبران معًا، وتتزوج إحداهما برجل ما، وإذا به يذهب إلى العراق؛ لينقل الأخبار، بما أنه يمتهن مهنة التصوير، نرى في حديثهم عن العراق، والحرب هناك، وكأنهم المنقذون لهذا البلد! وليس هم من أشعلوا هذه الحرب في المنطقة، ليكون لهم حق في التواجد!
خلقوا صورة ذهنية عن العربي لديهم، على أنه شخص إرهابي همجي، لا يعنيه سوى الخراب، وغرائزه، وأنهم هم المنقذون، الذين جاءوا إلى العالم العربي؛ لينيروا جهله، وليبددوا ظلامه.
والحقيقة أن الوطن العربي، كان وما زال نقطة ضعف لهم، والقنبلة الموقوتة، التي يخشون انفجارها، لذلك يفعلون كل ما في طاقاتهم، لفرقتنا بكل الطرائق، وعلى كافة الأصعدة.
★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.