مسرحمشاركات شبابية

إيمان توفيق: “يلا يا دنيا” ما نتمناه في الحقيقة يحدث في الحارة؟

إيمان توفيق ★
قدمت  فرقة كينج ستيدج، مسرحية “يلا يادنيا” على خشبة مسرح الهناجر، ضمن فعاليات مهرجان آفاق المسرحي المقام حاليًا، ضمن فئة العروض القصيرة.
ماذا سيحدث؟
أحداث المسرحية مأخوذة عن “مولد يادنيا” للكاتب الكبير الراحل «يوسف السباعي»، يروي العرض قصة شباب مشردين، يحاولون الوصول لحلمهم، ليصادفهم مخرج ويجعل هذا الحلم حقيقة، لكن تبدأ العقبات بالظهور أمامهم، سواء عدم القدرة المادية، أو محاربة “بلطجية الحارة” لهم، ومحاولة منعهم من تحقيق حلمهم .
يفتتح العرض باستعراض صامت، نرى فيه فريق الكبار، يحاول تفرقة “فراولة” و”خفيف” وإبعادهم عن بعضهم البعض، هذا المشهد التأسيسي، يعطي للمشاهد معلومات عن نهاية هذه العلاقة، فنحن نرى نهاية الشيء قبل بدئه، ويجعلنا نتساءل بدلًا من “ماذا سيحدث في الأحداث القادمة؟ ” “كيف حدث؟” وهذا يضفي نوعًا من الترقب الدائم، للوصول لسبب هذا الصراع.

نرى دائمًا في العرض توازنًا بين أجساد الممثلين، على خشبة المسرح، فدائمًا ما نرى فريق الكبار في جانب، وفريق الشباب في الجانب الآخر، الشيء الذي يرسخ لنا طوال العرض، فكرة الصراع الدائم بينهم، كما ساعدت الإضاءة في هذا التوازن ، من خلال التدرج الملحوظ في مشاهد معينة، وهذا سنتحدث عنه بعد قليل.

التعرف على الشخصيات

المتعارف عليه في المسرح، أو الدراما، أن المُشاهد يتعرف على الشخصيات من خلال الحوار، والشخصيات الأخرى في العمل، والكثير من الطرق التي تشرح لنا الشخصية المسرحية، في “يلا يادنيا” تعرفنا على بعض الشخصيات من خلال مونولوجات تتخلل أحداث المسرحية، يوجه فيها الممثل حواره إلى الجمهور، في حالة من كسر الإيهام مع المتلقي، قد يصاحب المونولوج بعض الأغاني التي تشرح أيضًا طبيعة هذه الشخصية، كشخصية مدبولي “أحمد يونس” الشخص السكير، الذي تدهور به الحال، لكن بداخله فنان، ينتظر من يكتشفه.

دلالات الألوان

 لعبت الإضاءة لعبت دورًا واضحًا وجيدًا في التأثير على مشاعر المتلقي، من خلال التنوع والتدرج في مشاهد معينة، كمشاهد التآمر بين “بلطجية الحارة”، المونولوجات، كما أثرت الإضاءة بقوة في المشاعر المراد توضيحها، في مشاهد الخطر على “مانجة” مثلًا من خلال الإضاءة الحمراء، التي سيطرت على خشبة المسرح، والإضاءة الخضراء التي أضاءت المسرح في الاستعراض الديني، فكما نعلم أن اللون الأخضر له دلالة دينية، وخاصةً في الإسلام، بشكل عام الإضاءة في العرض، قامت بدورها، وأعطت دلالات قوية يشاد بها ، كما نرى أيضًا دلالة اللون الأبيض، في شخصية “مزيكا”، الشاب الذي ترك بلده، لظروف الحرب، وجاء هنا ليعمل في مقهى، ولكنه يتمرد في لحظة ما ويذهب مع المخرج والشباب، لتأسيس الفرقة المسرحية، ولكن سرعان ما يعود مجددًا إلى المقهى، ويمسك بيده قماشة بيضاء، وهو يتمتم بكلام يدل على استسلامه لهذا الوضع، وندمه على فشل هذه المحاولة للتمرد.

ثنائية الشخصيات

في أغلب مشاهد الحارة، نستطيع أن نرى دائمًا ثنائية ما، “المعلم أبو زيد”” وملقط”، “الأسطى حسن” و”المعلم جمعة”، وغيرها من الثنائيات التي دومًا ستراها في الحارة، هذه الثنائيات التي تجعلنا نرى طبيعة هؤلاء البشر، فهم دائماً في حالة تآمر، حتى ولو على بعضهم، وهذا يشرح لنا فكرة التوازن بين أجساد الممثلين على خشبة المسرح، التي تجعلنا حتى دون أن نسمع حوارًا، نوقن أن هؤلاء متآمرون، وهؤلاء غير ذلك .


نهاية كليشهية!
إيقاع أحداث المسرحية، بدأ على منوال سريع، لكنه بدأ يتباطأ مع مرور المَشاهد، مما أصاب بعض المتلقين، بحالة من الملل، لكنه يعود لرتمه السريع في نهاية العرض، الشيء الذي أنعش الجمهور مجددًا، وجعله في حالة فضول للنهاية.

أما عن الأداء التمثيلي في العرض، فلا غبار عليه، سواء الشخصيات الرئيسية، أو الثانوية، فتسكين الشخصيات في أماكنها، ومراعاة الصفات الجسدية في بعض الأدوار، ليس بالشيء الهين، ولكنه تم في المسرحية بشكل مناسب، ويُشاد بهذه الاختيارات، لمخرج العرض.

 فأول شيء يتخلل أفكارنا ، ويتسلل إلى عقولنا، ما إن نسمع كلمة (بلطجي) هو شخص ضخم، وقوي البنية، يزين وجهه بعض الجروح، التي تمجد بطولاته في البلطجة ذو صوت قوي جهوري، تقشعر منه الأبدان، هذا ما نراه في، شخصية “ابوزيد” البلطجي، الذي قام بدوره “تامر فؤاد”، وحين نسمع عن معلمة في منطقة شعبية, فالصورة الذهنية لها هي سيدة ترتدي ملابس شعبية، وتمتلئ يداها بالذهب، وذات لسان لازع لا يتهاون, كل هذه الصفات تجتمع في شخصية “أم شوقي” التي قامت بدورها  “ياسمين الشاذلي”.

تنوع شخصيات الحارة، جعل منها حارة مميزة، ينتصر الطموح والأمل في النهاية، فراولة وخفيف لم يفترقا، أم شوقي عادت لرشدها، وتم طرد الأشرار خارج الحارة، حتى وإن كانت نهاية “كليشهية”، لكنها نهاية، جميعنا نتمناها، وهي أن ينتصر الخير على الشر ، كما في الروايات.


طالبة بقسم الدراما والنقد -مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى