مسرح

صلاح أبو العلا: (هاملتهُنَّ) الدعاس.. هاملت بثوب جديد!


صلاح أبو العلا 
على خشبة مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية ..عن رائعة هاملت للكاتب العظيم، وليام شكسبير، والذي كان قد شهد ميلاده الأول منذ 13عاماً، كتابة ورؤية وإخراج سعداء الدعاس .. يجد( هاملتهن) له مساحة فنية، وجماهيرية ضمن عروض مهرجان المسرح التجريبي ، رغم عدم إدراجه معها.
حيث يقدم العرض هاملت في ثوب جديد ..هاملت كما النساء ..


نص مغاير
لابد لجمهور القراء والمثقفين من محبي المسرح، وسائر الفنون بعد أن عرفوا هاملت، أحبوه وتعاطفوا معه، أو حتى نقموا عليه، وشاهدوه في عروض عدة بمختلف اللغات والثقافات، هاملت أمير الدنمارك، ذلك الأمير المجنون ..
لكننا الليلة نطالع “هاملت” جديداً، يخرج من صفحات نص مسرحي مغاير، لكاتبته ومعدته، التي أعادت صياغته وفق رؤية وإحساس أنثوي، لتختزل جميع شخوصه في اثنتين، اِنثتين الأم والحبيبة، وتكثيف جميع أحداثه، وحوادثه، وجدلياته الفلسفية، والحوارية، في مدة زمنية لا تتجاوز 37 دقيقة ..
شخَّصت الدعاس بطلاتها في جيرترود Gertrude ملكة الدنمارك، والدة هاملت، وأوفيليا Ophelia ابنة بولونيوس، وأخت لرتيس، حبيبة هاملت، واختارت عناصرها التمثيلية بحسن توقع وتقدير- وكذلك جميع العناصر الفنية المشاركة – نورا عصمت، وأميرة عبد الرحمن على ترتيب الأدوار، ولتقوما بأداء كل الأدوار ذكورية كانت أم أنثوية، فعلاوة على دوريهما الملكة الأم، والحبيبة مثلتا الملكان الأب المقتول، والعم القاتل، ولرتيس الصديق، والأخ، وتشخيص أباه بولونيوس، ، وأخيراً هاملت ليصبح هاملتهُنَّ .. كيف يراهم ويرونه ويتعاملن معه، ويكشفن عوراته، سلوكه وتصرفاته معهن، والعلاقات الشائكة بين فصول الرواية، هاملت بين شهوته ومجونه وجنونه، ورغبته الدائبة بالثأر، والانتقام، وكل عالمه الخفي، سبر أغوار عقله ونفسه المتأرحجة، بين النبل والشرف والمجون والجنون ..


عرض سمته التجريب
مباراة ماتعة في التمثيل والأداء بين الثنائي الجامح، صولات وجولات ، شراسة ورغبة، في إظهار موهبتهن كما وصفتهن، ورسمتهن الكاتبة المخرجة في عرض قصير سَمَّتْهُ التجريب والتكثيف، والزهد في الزخرفة والكماليات، والاستغراق في البساطة، وعمق الفكرة، وسرعة الحركة والكلمة، بحوار سريع فصيح، مع كسر لحالته الثابتة، حال التنقل السريع والتحول بين الشخصيات، كل ذلك وأكثر في إطار اللعبة، والتمثيل داخل التمثيل في أزمة هاملت لمؤديتي اللعبة ديودراما، لكنك تشعر أنك أمام فريق هائل من الممثلين ..


ليس الأخير
موسيقى حية معبرة للماهرة نجلاء يونس، وملابس مميزة للمتألقة مروة عودة، عبَّرت بدقة عن الحالة، وناسبت الأداء والتحولات، ورسمت كل ملامح الشخوص المتحولة والأحداث السريعة، كما كان تنفيذ الإضاءة جيداً.
مأزق هاملت السرمدي منذ أن خطه شكسبير إلى أن ظهر شبحه ثانيةً بين سطور سعداء، كنص معاد الكتابة عن صاحبه، وبِحُلَّة مسرحية أيضاً لها، لم تكتف بإعادته للحياة حروفاً، بل أوقدت له نور المسرح، ليرى الحياة ونراه ..
بمركز الإبداع كان ظهوره الأول لها ولنا، وكان البعث والميلاد منذ 13 عاماً، وعاود الظهور ثانيةً كشبح أيضاً بمركز الهناجر منذ عامين بمهرجان إيزيس، وليكن ظهوره اليوم والآن، هو الثالث، ولكني أعتقد أنه ليس الأخيربنفس المكان، حيث الهامة لا تبتعد عن أماكن الغدر والقتل والحوادث الكبرى، وتطلب الثأر .. (هاملتهن ) في الإبداع الموت والخلود والحياة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ناقد – مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى