إذاعة وتليفزيون

رانا أبو العلا: هوس استثمار النجاح في دراما رمضان!

رانا أبو العلا★

كثيراً ما يلجأ صنَّاع الدراما التلفزيونية إلى استثمار نجاح أعمالهم، بعمل أجزاء أخرى من نفس العمل، ظناً منهم أنه طالما حقق المسلسل نجاحاً جماهيرياً كبيراً في موسمه الأول، فسيحقق هذا النجاح في مواسمه الأخرى، خاصة إن كان عملاً جماهيرياً، يعتقد حينها صنَّاع العمل أنهم سيشاركون في السباق الرمضاني بضمان المشاهدات ومتابعة الجمهور، ولكنه ظن خائب، فلن يستمر الجمهور يشاهد العمل الدرامي إذا لم يكن محكم الصنع، كما كان في موسمه الأول، ولهذا نجد كثيراً من الأعمال الدرامية، التي خيبت آمال متابعيها في مواسمها التالية، وهذا ما شاهدناه مع بداية المسلسلات، التي تشارك هذا العام بموسم جديد في السباق الرمضاني.

(رمضان كريم).. لم نكن بحاجة لجزء جديد

ستة أعوام مرت على عرض الموسم الأول من مسلسل (رمضان كريم) وهو مسلسل اجتماعي، يدور في حارة شعبية، تجمع عائلات مختلفة، لكل عائلة حكايتها، وكانت أحداث المسلسل تدور بالتزامن مع أيام رمضان، ومع نهاية شهر رمضان، انتهت أيضاً أحداث المسلسل بصلاة العيد، التي جمعت أهل الحارة، وحين تم عرض المسلسل أشاد به الكثير، وحقق نجاحاً جماهيرياً مستحقاً، حيث ارتبط الجمهور بفكرة وجود عمل جماعي، يجمع بين الكثير من الفنانين، تقترب أحداثه من الواقع، يشاركهم أيام رمضان بروحانياتها وتفاصيلها، التي تحدث في كل البيوت المصرية بهذا الشهر، بالإضافة إلى أن أحداث العمل الخفيفة على المشاهد، والمنضبطة بذات الوقت، تمكنت من كسب قلوب الجماهير، والحقيقة أن مسلسل (رمضان كريم) لم يحقق هذا النجاح بفضل فكرة المسلسل والدراما، التي احتواها فحسب، لكنه قدم للمشاهد صوراً للحارة الشعبية، وأهلها بمنطقية دون تكلف أو اصطناع، كما قدم شخصيات تتفق مع طبيعة الحياة البسيطة، التي يحيون في خضمها، ومع إتقان أغلب ممثلي العمل في تجسيد أدوارهم، واهتمام صنَّاع العمل بتفاصيل الحارة، والشخصيات، والخطوط الدرامية التي تدور خلالها الأحداث، تمكن (رمضان كريم) من أن يكسب قبول الجماهير، حتى بعد مرور سنوات على عرضه، بحيث إنه بمجرد ان يُعاد مرة أخرى على الشاشة، حتى يردد المشاهدون (إفيهاته).

مشهد من مسلسل رمضان كريم الجزء الأول

ومع إعلان منتج العمل، الشروع بتصوير الموسم الثاني من مسلسل (رمضان كريم)، ترقب الجمهور مسلسلهم المفضل في انتظار معرفة حكايات جديدة عن أهل هذه الحارة، التي ارتبطوا بها، ولكن مع بداية أحداث المسلسل وجد الجمهور غياب معظم الممثلين عن العمل، واستبدالهم بشخصيات أخرى تجسد أدواراً جديدة، وعليه بدت الحلقات الأولى من المسلسل مخيبة للآمال، حيث لعب صنَّاع العمل على وضع أسباب لغياب تلك الشخصيات، في عمل جماعي شخصياته كلها رئيسية، ولها خطوط درامية، ساهمت في اكتمال الأحداث، فقد تأثرت الحلقات الأولى بغيابهم خاصة مع كثرة الشخصيات، التي انسحبت من العمل، وعلى عكس المتوقع لم يكن هناك تطور للشخصيات بعد مرور تلك الأعوام، وتغيراتها نتيجة الاحداث، التي انتهى بها الموسم الأول، فوجدنا شخصيات جديدة لا تمت للعمل الأصلي بصلة، بحيث بدت مقحمة على العمل، لحشو الدراما بأحداث جديدة دون داعٍ لذلك، فقد سلك  المسلسل مسلكاً جديداً مغايراً لما كان عليه تماماً، وبدت أحداثه مشوهة وباهتة، ومن هنا كان السؤال: ما الحاجة لعمل موسم ثانٍ مر عليه الكثير من الأعوام؟ ولماذا أصر صنَّاعه على تحضير موسم ثانٍ، طالما اعتذرت شخصيات العمل الرئيسية عنه؟  فنحن لم نكن بحاجة لموسم ثانٍ، وربما كان من الأفضل، لو قام صنَّاع المسلسل بكتابة عمل درامي مختلف بشخصيات، وأحداث مختلفة، حتى وإن دارت أيضاً في حي شعبي بأحداث اجتماعية، ولكن ليس بنفس الِاسم (رمضان كريم).

مشهد من مسلسل رمضان كريم الجزء الثاني

(الكبير).. نكتفي بهذا الموسم

 مسلسل (الكبير) واحدٌ من الأعمال الكوميدية، التي لاقت نجاحاً جماهيرياً كبيراً، خاصة الموسم الأخير، الذي عرض في رمضان الماضي، فقد قدم الممثل (أحمد مكي) والمخرج (أحمد الجندي) في الموسم السادس كوميديا محكمة الصنع، وبالفعل تمكن صنَّاع العمل من جذب المشاهد، لمتابعة أحداث الموسم السادس، بالإضافة إلى ضم شخصيات جديدة، وترك مساحة حلقات كاملة لهم، فكانت تركيبة الجزء السادس منسوجة بحرفية شديدة، واستحق (الكبير) في العام الماضي، أن يتربع على عرش الأعمال الكوميدية

مشهد من مسلسل الكبير الجزء السادس

وهذا ما دفع صنَّاع العمل إلى استكمال أحداث المسلسل، وتقديم جزء سابع منه، وقبل بداية شهر رمضان، توقع الجمهور أن يقدم (الكبير) نفس الوجبة الكوميدية، التي قدمها العام الماضي، خاصة مع الأغنية الترويجية، التي لاقت احتفاء من المشاهدين، وزادت من أفق توقعاتهم، ولكن مع بداية الحلقات، كسر (الكبير) توقعات الجماهير، حيث سقط صنَّاع العمل في هذا الموسم في محظور الكلشيهات، وضعف الكتابة، حيث المط والتطويل في الحلقات دون داعٍ لذلك، مما تسبب في ضعف حلقات (الكبير)، ولعل السبب الأكبر، هو اكتفاء المشاهد من مواسم (الكبير)،  فعلى مدار سنوات طويلة رأينا شخصيات المسلسل، وتوحدنا معها بمواقفها الكوميدية، وطبيعة كل شخصية  تخرج منها الكوميديا نتيجة المواقف، التي تتعرض لها، واكتفينا بهذا القدر من (الكبير)، صحيح أن لا أحد ينكر موهبة (مكي) الكوميدية، والتلون بين الشخصيات، وتَمَكُّنِ ممثلي العمل من الحفاظ على تركيبة أدوارهم، ولكن ألم يحن الوقت لوضع سطور النهاية لمواسم (الكبير)، وتقديم أعمالٍ أخرى بأحداث جديدة، وشخصيات مختلفة.

مشهد من مسلسل الكبير الجزء السابع

لا أدعي أن استثمار النجاح، وصنع أجزاء أخرى من أي عمل أمر مرفوض، والدليل على ذلك أن هناك مواسم أخرى، نجحت في أن تستمر بنفس القوة، التي بدأت بها في مواسمها الأولى، ولكن هذا يفرض علينا سؤالاً يجب أن يجد صنَّاع أي عمل إجابته، قبل الشروع في عمل موسم آخر، وهو ما الجديد الذي سيطرحه هذا الموسم؟، وهل سيؤثر تغيير الممثلين على المسلسل بالإيجاب أم بالسلب؟ سواء كان التغيير في الدور نفسه، أو إضافة شخصية جديدة؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي يجب أن يُجيب عنها صنَّاع أي عمل قبل الشروع في عمل موسم جديد، فإذا نظرنا إلى الأعمال الدرامية، التي تقدم أكثر من موسم نرى أن صناعة موسم جديد، سهم قد يُصيب الهدف أحياناً، وقد يخطئ.

ـــــــــــــــــــــــ

★ سكرتير التحرير

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى