مسرح

حصة الحمدان: “ملك المسرح”.. رسالة هادفة في زمن” الشو ” !؟

 

حصة الحمدان

في زمن كثرت فيه العروض المسرحية التي لا تحترم عقلية الجمهور، تأتي مسرحية (ملك المسرح) لتُعيد الأمل بالمسرح الكويتي، وتفرض احترام الجمهور لفريق العمل.


مسرحية (ملك المسرح)، التي ألَّفها وأخرجها “عبدالعزيز صفر”، تدفع المشاهد للتفكير والتحليل، وتعمل على توعية الجمهور بهذا النوع من المسرح الذي يمزج بين الهزل والجِدّ، ويُعَدُّ الأقرب للمسرح النخبوي.


الجمهور هو الملك!

تدور أحداث المسرحية في المستقبل، تحديداً سنة (2060)، حول ممثل يُدعى (إبراهيم أحسنهم) حصل على لقب “ملك المسرح” في عام٢٠٢٥، بعد مجموعة من العروض التي قدّمها مع فرقته المسرحية، والتي كان دافعها الأول هو إضحاك الجمهور، دون هدف نبيل، أو رسالة سامية، لكن، وبسبب خلاف بسيط مع (نبيل) صديق عمره، تم تفكيك الفرقة، وافترق أفرادها، وبعد ٣٥ عاماً من تشتت الفرقة، يحاول (ملك المسرح) لَمَّ شمل فرقته بعد ما يظهر له شاب وفتاة من الجيل الجديد، يبعثان فيه الأمل بإقناعه للرجوع إلى المسرح، حتى يُغيِّر وجهة نظر الجمهور عن المسرح، وذلك عبْر تقديم رسالة هادفة تليق بهذا الفن، وفي نهاية رحلته، يكتشف إبراهيم أحسنهم أن (ملك المسرح) ليس الفنان بحد ذاته، بل الجمهور هو ملك المسرح، وهو الذي بإمكانه أن يمنح للعمل قيمة وأهمية.


تكنيك العرض

اِعتمدت المسرحية على توظيف العديد من عناصر المسرح الملحمي، مثل:
١-الاعتماد على (الراوي)؛ حيث كان (إبراهيم أحسنهم) يحكي للشاب والفتاة كل الأحداث، التي حصلت معه في الماضي، ويشرح لهم عن علاقته بالمسرح، وكيف حصل على لقب (ملك المسرح) من خلال عدة عروض مسرحية قدمها مع فرقته الفنية حينذاك؛ حيث أشار إلى أن أبرز المسرحيات التي قدَّمها في الماضي (أي عام ٢٠٢٥، مسرحية (دزني وأطيح على المجرم)، وحين كان يروي (إبراهيم أحسنهم) تفاصيل المسرحية وأحداثها، تم عرضها على الخشبة، بآلية (الفلاش باك)، فكأنَّ المخرج أراد أن يأخذنا في رحلة مسرحية إلى كواليس العرض وبروفاته، وانتهينا بمشاهدة المسرحية، مما أضاف هذا المشهد تحديداً متعة عبر تقنية (المسرح داخل مسرح) .


٢- توظيف عنصر الشاشة لعرض بوسترات المسرحيات التي تم تمثيلها في الماضي، كما استعان بها في تقديم الأغاني على شكل مقاطع مصورة، وللإعلان عن الاستراحة.
٣- تمثل التغريب من خلال أغنية ختام مسرحية ( دزني واطيح على المجرم) ، حيث جاءت الألحان قريبة من أغاني الأطفال، بالإضافة الى استخدام كلمات تتسم بالطرافة والغرابة عبر توظيف مفردات تشبه كلمات أغاني الأطفال، مع أن المسرحية موجهة للكبار، وتصنف ضمن الكوميديا..هذا التضارب أضفى مصدراً من الغرابة والفكاهة، مما ساهم في إضحاك الجمهور.
من جانب آخر ناقشت المسرحية قضاياً عديده، منها قضية الجيل المعاصر، الذي بات يُكَرِّسُ اهتمامه على الهواتف الذكية والتكنولوجيا ، متجاهلاً حياته الاجتماعية والعائلية.


بصمة مميزة

على الصعيد الفني، كان هناك قضية اجتماعية فنية تدور حولها المسرحية وهي محاولة تقديم مسرحٍ يليق بمكانة رُوَّاده، الذين أفنوا أعمارهم بتأسيس مسرحٍ ذي تاريخ عريق ومرموق؛ حتى أصبح بصمة مميزة لتاريخ بلدنا الثقافي.
وفي نهاية العرض، عُرضت على الشاشة أغنية جميلة، اِستعرض خلالها صور الفنانين الذين انطلق مشوارهم من المسرح الكويتي، وتركوا فيه بصمة مميزة لا تنسى في تاريخ مسرحنا العريق.

 النقد والنقاد


اهتمت المسرحية أيضاً بالنقد ، حيث تحدثوا عن قيمة النقد، ولكنني استغربت تأكيدهم على أن النقد لا بد أن يكون من دارسي النقد فقط، فمن المعروف أن كبار الكتاب والنقاد تخصصاتهم العلمية لا علاقة لها بعملهم النقدي أو الإبداعي، كما أن كبار الفنانين يستمعون للنقد من الجمهور، مهما كانت مستوياتهم التعليمية، وهذا ما عادت لتؤكد عليه المسرحية في مشهد خاص بذلك، حيث أشارت المسرحية إلى أن الجمهور هو ملك المسرح، لأن النقد حق للمتلقي مهما كان مستواه.

رسالة هادفة

ختاماً، تعتبر المسرحية متكاملة إلى حدٍ ما، مقارنة مع (بعض) الأعمال المسرحية سواءً في مسرح الطفل، أو الكبار، التي تم عرضها في الآونة الأخيرة.. ورغم لحظات الضحك المستمرة ، إلا أن المسرحية حملت رسالة هادفة وواضحة.. والأهم من ذلك أن المسرحية اعتمدت على اشخاص ذوي خبرة بالمسرح والفن، بل وليس على أشخاص لا صلة لهم بالفن اشتهروا عبر التطبيقات بما يسمى (البثوث) المباشرة والرقص والتحديات..مما عمل على تشويه مسيرة المسرح الكويتي في بعض العروض .. فإن مسرحية “ملك المسرح” ومسرحية “عيال إبليس”، و”عناية مركزة” ، ماهي إلا مسرحيات تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه في المسرح الكويتي من الأعمال التي تُقدَّم مؤخراً، والتي ينطبق عليها صفة الـ (شو) ولا علاقة لها بالمسرح.

مسرحية” ملك المسرح”
تأليف وإخراج : عبد العزيز صفر
تمثيل : خالد المظفر ، خالد العجيرب ،إيمان فيصل ،محمدصفر ،أحمد المظفر ،سلمان كايد ،مهدي دشتي، أريج العطار ،أمير مطر.
مهندس الصوت : عباس الأستاذ
مؤثرات وموسيقى : عبدالعزيز القديري
مصمم الإضاءة : فهد الفلاح.
تصميم الديكور: زينب حسن
أزياء : أبرار بدر
مخرج منفذ: محمد محب
مساعدي مخرج: مصعب السالم، سفانة الشواف – لطيفة الصياح .
كلمات الأغاني: محمد الشريدة
ألحان : خالد المظفر.                              الصور بعدسة : عبد الله الفيلكاوي 
إشراف عام: عبد الله المظفر


★ناقدة ـ الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى