رأي

بدر الأستاد: مسرح الطفل على طاولة الأجيال الثلاثة.. الجابر والعوضي والنصار.


بدر الأستاد

سعدت حين تلقيت دعوة لحضور ندوة خاصة حول هموم الطفل (نافذة على القيم في مسرح الطفل) التي أقيمت مؤخرا في جامعة الخليج، من تنظيم الرابطة الوطنية للأمن الأسري، والندوة عبارة عن جلسة حوارية مع الكاتب والناقد علاء الجابر، والمخرج والمؤلف أحمد العوضي، والمخرج والمؤلف نصار النصار،  التي جهزت لها وأعدتها وأدارتها هديل المهنا بمشاركة مي الهولي.


في بداية الأمر كان وجود أستاذ علاء الجابر هو السبب الأساسي لحضور الندوة؛ حيث إنني لم يسبق لي أن فَوَّتُ له أية ندوة، أو محاضرة، أو ورشة أقيمت في الكويت من قبل، بسبب ما يمتلكه من مقدرة على تحريك العقل، وجعله يفكر ويبحث فيما يقول، ويطرح من آراء، وهذا الشيء الذي يجعلني أحرص على متابعته، والاستماع إليه في كل مناسبة، لكن بعد حضور الندوة؛ شعرت بالمتعة الكبيرة للاستماع لثلاثة أجيال مختلفة، كل واحد منهم له تجاربه المسرحية المهمة، والمؤثرة.

مسرح الطفل بين الأمس واليوم

منذ بداية الندوة، شعرت بالسعادة لأن الأجواء كانت نقاشية شيقة، وكان أول ما أثار إعجابي وانبهاري، المحاورتين مي الهولي ، وهديل المهنا، حيث بدأن بمناقشة طبيعة مسرح الطفل من ناحية القيم تحديداً، وسبب اختيار هذا المحور؛ كان نتيجة ما يُقَدَّم الآن في مسرح الطفل في الكويت.


خلال النقاش، اِهتمت المحاورتان بمقارنة مسرح الطفل في الكويت بين الأمس واليوم، حيث إن العروض المسرحية في السابق؛ كانت تهتم بتقديم القيم التربوية إلى جانب المتعة، بينما في الوقت الحالي؛ يعتمد مسرح الطفل على الشكل والاستعراض فقط، وقامت الأستاذة هديل المهنا بذكر أمثلة عن بعض العروض الحديثة، التي جعلت الطفل يهتم فقط بالرقص أثناء العرض.
وعند حديث الأستاذ علاء الجابر عن موضوع القيم، تبين لي نقطة مهمة حرص عليها، وهي توضيح وجهة نظره في أن مسرح الطفل؛ هدفه الأساسي بث المتعة فقط، وأما القيم التربوية يجب أن تكون مضمرة ضمن نسيج العرض وليست مباشرة ، ولا بد أن تكون بين السطور؛ حتى لا يشعر الطفل أنه يحضر إلى صف مدرسي آخر، وقد استغربت المحاورتان، وأنا كذلك لأني أعرف أن مسرحيات علاء الجابر تهتم بالقيم التربوية مثل “سالي”، التي تَحُثُّ على التعاون، وعدم التنمر، وتُعَلِّمُ الأطفال القيم التربوية، والكثيرمن المعلومات، ومسرحية “أليس في بلاد العجائب”، التي تَحُثُّ على حب الوطن، والدفاع عنه، ومسرحية “كونان في أرض البوكيمون”، التي تَحُثُّ على الحفاظ على البيئة، وتحدثت عنها واحدة من الحضور، وعبَّرَت عن إعجابها الشديد بها، لكنني بعد ذلك توضحت لي الصورة؛ حيث وضح الجابر لأكثر من مرة، أن القيمة يجب ألا تكون هي الهدف الأساسي من مسرح الطفل، وإلا تَحَوَّل المسرح إلى درس توعوي مُنفر بالنسبة للأطفال.
وبعد مناقشة المشاركين في الندوة؛ لاحظت أن الأمر بالنسبة للنصار والعوضي؛ مشابه إلى حد كبير، حيث يؤمنان بأن القيم لا بد أن يتم تمريرها للطفل، وليس بشكل مباشر.

تناغم وانسجام

نجحت جامعة الخليج، والرابطة الوطنية للأمن الأسري (رواسي)، في هذه الاستضافة المميزة، وفي مناقشة هذا الموضوع، الذي تحَمَّسَ له الحضور، وناقشوه عبر الأسئلة، والتعقيبات الكثيرة، ولكن أكثر ما أسعدني أنا شخصياً هو التناغم والانسجام ما بين المسرحيين الثلاثة، وخصوصاً بأنني كنت متوقعاً شيئاً مختلفاً، بما أن علاء الجابر ناقد صريح، وكثيراً ما ناقش عروض المسرحيين، لكني وجدت شيئاً مختلفاً ، حيث الاحترام المتبادل، والتوافق في العديد من الآراء.
حقيقة، يعتبر أحمد العوضي مفاجأة بالنسبة لي في هذه الندوة، حيث كنت قد شكلت وجهة نظر مختلفة تماماً عنه في السابق، بسبب بعض الندوات التطبيقية، لكنه في هذه الجلسة؛ كان صاحب حضور ومنطق، فكانت الندوة مختلفة عن توقعاتي، خاصة من خلال تعبيره عن رأيه بالرقابة، ودور وزارة الإعلام، وتقديمه لبراهين من خلال تجاربه، وأعماله الخاصة.
ولا يمكن أن نتجاوز نصار النصار، الذي كان في الندوة، كما نعرفه دائماً (الثائر المسرحي)، العاشق للمسرح، والداعم للشباب المسرحي.
أما علاء الجابر، فإنني في كل مرة، أستمع له بإنصات لأستمتع وأستفيد، من حديثه النابع من تاريخه وتجربته العريقة، كما يعكس حديثه دائماً شخصيته النقدية، والأدبية أيضاً.

عائشة اليوحة رئيسة مجلس إدارة الرابطة الوطنية للأمن الأسري رواسي ود. خديجة المحميد مستشار الرابطة تكرمان المشاركين في الندوة.

فكل الشكر لكل القائمين على تلك الندوة المهمة في موضوعها ، والتي وُفِّقَتْ باختيار المشاركين فيها ، وتحية للمحاورتين هديل ومي على الحضور المتميز، والأسئلة المهمة، التي طرحتاها ، والوقت الذي منحتاه للحضور الكبير للمشاركة والنقاش ، والفرسان الثلاثة الجابر، والعوضي، والنصار، الذين يستحقون التحية والتكريم، الذي تم في ختام الندوة المفيدة الممتعة.


★ناقد ـ الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى