تشكيل

أناغيم الزعبي :تأثير تماثيل عين غزال على الفن الخزفي المعاصر للفنان حازم الزعبي.

أناغيم أشرف الزعبي

تُعد تماثيل “عين غزال” من أبرز الاكتشافات الأثرية في الأردن، والتي تُعتبر من أقدم تماثيل الإنسان في التاريخ. تتميز هذه التماثيل بخصائص فنية وجمالية تظهر تقدمًا ملحوظًا في التصوير الفني في العصر الحجري الحديث، حيث تعكس ملامح الحياة الثقافية والفنية للشعب الذي عاش في منطقة الشرق الأوسط. لطالما شكلت هذه التماثيل مصدر إلهام للفنانين المعاصرين، إذ تمثل نموذجًا فنيًا فريدًا يجمع بين البساطة والرمزية في أسلوبها وتفاصيلها.
في هذا السياق، يظهر الفنان الأردني حازم الزعبي كأحد أبرز الفنانين الذين استلهموا هذه التماثيل في أعمالهم الخزفية المعاصرة. من خلال أعماله الفنية، تمكن الزعبي من دمج عناصر تراثية مستوحاة من تماثيل “عين غزال” مع الأساليب والتقنيات الحديثة في الفن الخزفي، مما أسهم في إنتاج أعمال تعكس تفاعلًا مع التراث الثقافي الأردني والعربي، وفي الوقت نفسه تتناغم مع روح العصر الحديث.
تسعى هذه الدراسة إلى استكشاف تأثير تماثيل “عين غزال” على الفن الخزفي المعاصر للفنان حازم الزعبي، وكيف تمكن من توظيف الرمزية التراثية في أعماله لتقديم هوية ثقافية مبتكرة تتماشى مع التطورات الفنية الحديثة.
حيث يكسب منها الفنان الخزاف العمل الفني الذي يرغب في الوصول إليه بأسلوبه الخاص. بالرغم من تعدد الثقافات والبيئات للفنانين المشاركين، إلا أن المعايشة والتكيف يؤثران إيجابياً في الاندماج الإبداعي لهؤلاء الفنانين بحثًا عن حالتهم الخاصة، مهما اختلف المكان وتغير الزمان. يتم من خلاله تبادل الخبرات، وتكتمل الثقافات المختلفة، حيث التفاعل مع الملتقى أثناء عملية الإبداع الفني مما يؤثر في كل منهما ويُحفز المتلقي على إدراك رؤية الفنان في عمله الفني. كما يعد إدراك الفنان لمعطيات الخامة البيئية المستخدمة عنصراً أساسياً في تحديد فكر وبناء العمل الفني الخزفي. تختلف الطينات في خصائصها ولونها وتركيبها الكيميائي، مما يؤثر في فكر الفنان قبل وأثناء تنفيذ العمل الفني، محركاً وحدة العلاقة بين الخامة والشكل الخزفي لتحقيق قيم التجربة. (العزيز، 2015)
نبذة عن حياة الفنان حازم الزعبي وُلد الفنان حازم الزعبي عام 1957 في مدينة إربد شمال الأردن، ونشأ في بلدة “حريما”، حيث أثرت الطبيعة الخلابة والرموز المنقوشة على الحجارة والكهوف بشكل عميق على تكوينه الفني منذ الصغر. التحق بأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد، وتخرج منها عام 1982، حيث تلقى تعليمه على أيدي نخبة من الفنانين البارزين مثل سعد شاكر والخزاف القبرصي فالنتينوس. تأثرت أعماله منذ بداياته بتراث الأردن الغني، لا سيما تماثيل “عين غزال”، التي تعد من أقدم المنحوتات في العالم.
على مدار مسيرته الفنية، تقلّد الزعبي العديد من المناصب المهمة، مثل عمله محاضرًا في كلية الفنون الجميلة بالجامعة الأردنية، وترؤسه لنقابة الفنانين التشكيليين الأردنيين. شارك في معارض محلية ودولية، ما أكسبه شهرة واسعة ومكانة مرموقة في المشهد الفني الأردني والعربي. كما حصل على جوائز عديدة، أبرزها جائزة اليونسكو للإبداع الفني وجائزة الدولة التقديرية، مما يعكس تميزه وإسهاماته في الفن التشكيلي.

أسلوبه الفني المتميز
يُعد حازم الزعبي من المبدعين الأردنيين الذين تميزت أعمالهم الخزفية بتجسيد المضامين السياسية، البيئية، والتراثية بأسلوب معاصر. تعكس أعماله تفاعلًا واضحًا بين الماضي والحاضر من خلال دمج التراث الأردني مع أساليب حديثة. الفترة الزمنية التي تم دراستها لأعماله تتراوح بين عامي 1985 و2020، وشملت عينة مكونة من 15 عملًا خزفيًا، منها خمسة نماذج مختارة تُبرز التنوع الأسلوبي والموضوعي.
استعرضت أعماله رموزًا وألوانًا مبتكرة تعكس ارتباطه العميق بالتراث الأردني، إلى جانب تأثره بالأحداث السياسية والاجتماعية. في عمله “جندي وحمامة” (1985)، أظهر مأساة الحروب وتأثيرها على الشعوب، بينما قدّم في “تكوين فخاري” (1994) رموزًا نبطية تعكس الموروث الثقافي الأردني. وتنوعت أساليبه الفنية بين التعبيرية، الهندسية، والتجريدية، مما أضاف لأعماله عمقًا رمزيًا ومعاصرًا.
التفاعل بين التراث والحداثة استلهم الزعبي في أعماله تراث الأردن الغني، بما في ذلك تماثيل “عين غزال”، التي دمجها مع تقنيات الخزف الحديثة. انعكست هذه العلاقة في أعماله التي جمعت بين الطابع النحتي والتعبيري، مثل “حداثة وتكوين” (2009) و”هجرة طيور الصبر” (2020). وبذلك، يُعد الزعبي نموذجًا متميزًا في إحياء التراث بروح معاصرة، حيث ساهم في تطوير خصوصية فنية تجمع بين الماضي والحاضر.
إحياء الخزف الأردني تُظهر أعمال د. حازم لمسات فنية حديثة تبرز منهجه التجريبي المتميز في دراسة المواد والألوان والطينات. تنوعت أعماله بين المنحوتات الفخارية، الجداريات، والأواني الخزفية، مما أضفى على الفن الخزفي الأردني بُعدًا جديدًا. امتازت أعماله بالجمع بين الهوية العربية والتأثيرات الغربية، مع التركيز على الأبعاد النحتية والجمالية، مما جعلها نموذجًا للتجديد والابتكار.
ساهم حازم الزعبي من خلال أعماله في تعزيز الهوية الوطنية الأردنية واستحضار الذاكرة التاريخية للأمة، جامعًا بين التراث والحداثة بأسلوب تعبيري فريد.
إحياء التراث الأردني بفلسفة معاصرة 
يُعد الفنان حازم الزعبي نموذجًا للفنان الذي يجمع بين الاحترافية والرسالة الثقافية، حيث تمكن من إعادة إحياء التراث الأردني بأسلوب معاصر يعكس هوية الوطن ورؤية مستقبلية للفن. شكلت أعماله جسراً يربط بين ماضي الأردن العريق وحاضره الفني المزدهر، مما جعله رمزًا بارزًا في الحركة التشكيلية الأردنية والعربية.
من خلال فلسفة فنية عميقة وإيمان راسخ بالتراث والهوية، استطاع الزعبي تقديم أعمال تعكس ثراء الثقافة الأردنية وجذورها التاريخية. كان لمزجه بين المواد التقليدية والتقنيات الحديثة دور بارز في جعله أحد أبرز رواد الفن التشكيلي في العالم العربي. تمثل تجربته الفنية استمرارية للإبداع الذي يجمع بين الماضي والحاضر، ليبقى إرثه علامة فارقة في المشهد الفني.
يُظهر الفنان حازم الزعبي من خلال مسيرته الفنية قدرة فريدة على المزج بين التراث والحداثة، مقدّمًا تجربة فنية غنية تمثل إسهامًا بارزًا في تطوير الفن التشكيلي الأردني والعربي. إن فلسفته الفنية تمثل امتدادًا للرؤية التي تسعى للحفاظ على الهوية الثقافية مع مواكبة التغيرات الحديثة، مما يجعل إرثه نموذجًا ملهمًا للأجيال القادمة. أطلق الفنان حازم الزعبي مؤخرًا مجموعة جديدة من الأعمال الفنية التي تحاكي تماثيل عين غزال، لكنها جاءت بصياغات تعبيرية حديثة تعكس رؤيته الفنية المتطورة. هذه المجموعة تعبر عن اهتمام الزعبي المتواصل بالتراث الأردني، فهي ليست مجرد نسخ لتلك التماثيل، بل محاولات لإعادة تأويل الأسطورة والتراث بأسلوب جديد يناسب الزمن الحالي. الناقد الفني محمد العامري أشار إلى أن الزعبي “يختبر الأسطورة والأثر بصورة معاصرة” من خلال تحولاته الفنية، فبعد أن بدأ العمل على الطين والخزف، انتقل إلى استخدام مواد أكثر دوامًا ونبلاً مثل الحجر والبرونز، ليعطي للتماثيل بُعدًا جديدًا يجمع بين العمق التاريخي والرمزية المعاصرة .

عين غزال: هوية عمان القديمة
تماثيل “عين غزال” تمثل هوية إنسانية لعمان، تعود إلى العصر الحجري المبكر قبل حوالي 10,000 عام (7500 ق.م).
تعبر هذه التماثيل عن الحياة الزراعية والاجتماعية للإنسان القديم، وهي ليست حضارة بحد ذاتها، لكنها تجسد هوية عمان التاريخية.
رمزية التماثيل:
أبرز التماثيل تحمل رأسين على جسد واحد، وترمز إلى ثنائية الوجود: الخير والشر، الذكر والأنثى، الليل والنهار.
هذه التماثيل تعبر عن فلسفة إنسانية عميقة وتُعد من أقدم الأعمال الفنية في العالم.
القيمة التاريخية والفنية
تماثيل “عين غزال” تُعتبر من أهم المكتشفات الأثرية عالميًا، وتوجد نسخ منها في متاحف مثل متحف اللوفر والمتحف البريطاني.
احتفلت “جوجل” مؤخرًا بالذكرى الأربعين لاكتشاف هذه التماثيل.
الفن كهوية وأسلوب حياة
تماثيل عين غزال ليست مجرد أعمال فنية، بل تمثل مدرسة للنحت تُظهر تطور أسلوب حياة الإنسان القديم.
يؤمن الفنانون الذين درسوا هذه التماثيل أن الفن فلسفة وأسلوب حياة يعبر عن أفكار عميقة.

الاكتشاف والتاريخ

اكتُشفت التماثيل عام 1982 في موقع عين غزال، شرق عمان، بواسطة دائرة الآثار العامة.
يبلغ عدد التماثيل 32 تمثالاً، وصُنعت من الجص والطين والأعشاب.
رموز ومعاني التماثيل
وجوه التماثيل تتميز بالبساطة، مما يعكس صراع الخير والشر، أو الذكر والأنثى داخل الإنسان.
دفنت التماثيل بشكل مرتب في حفر داخل منازل قديمة، مما يعكس أهميتها الدينية أو الاجتماعية.
الخزف في الفن المعاصر
يُعتبر الخزف مزيجًا من المواد التقليدية مثل الطين والجص والزجاج، ويتميز بخصائص تجمع بين الهشاشة والصلابة.
يستخدم الفنانون المعاصرون، مثل حازم الزعبي، تقنيات الخزف بأسلوب يجمع بين التقليد والحداثة، مع استلهام رمزية تماثيل عين غزال.

تمثال اللوفر عين غزال، أمامي

ميخا، تمثال عين غزال، المتحف البريطاني

رأس، تمثال إنسان من عين غزال، عمان، المتحف الأردني

تمثال ذو رأسين من عين غزال، عمان، متحف الآثار الأردني

 

 

تمثال إنسان من عين غزال، المتحف الأردني، عمان


يرى الفنان الأردني حازم الزعبي أن تماثيل عين غزال تلهمه بتقديم أعمال خزفية بأسلوب معاصر يعبر عن هوية الأردن.
استخدم الزعبي مواد مثل البرونز والفخار المزجج لتقديم نسخ حديثة مستوحاة من هذه التماثيل.
أعماله تجمع بين الماضي والحاضر، باستخدام الرموز والحروف العربية والآرامية لإبراز التراث الثقافي العريق.
هى عبارة عن جص وأعشاب وطين ،ويبدو أنها كانت تشكل نوعاً من الفكر الذي يرمز إلى الخير والشر داخل الإنسان لوجود رأسين في جسد واحد، أو تمثيل لحالة الذكر والأنثى في نفس الشخص، وهذه تفسيرات بسيطة لحالة التماثيل التي فيها رأسان بجسد واحد، وتعد هذه التماثيل فكراً إنسانياً بسيطاً.

ما هي أهمية هذه التماثيل، وما هي قيمتها التاريخية ؟ 

تكمن قيمتها التاريخية في أنها أقدم تماثيل في العالم، وهي تبرز أهمية المنطقة وهي حوض الزرقاء ومكانتها في تاريخ شعوب المنطقة.

ما الذي دعاك كفنان تشكيلي للانغماس في هذه التماثيل وإنتاجها من جديد ؟

هذه التماثيل تمثل بالنسبة لي هوية عمان من خلال جمالية التكوين فيها وبساطة الوجه، وقد أوحى لي ذلك عمل تماثيل جديدة من البرونز والفخار المزجج الملون ،لما في هذه التماثيل من بساطة في الفكرة ووضوح في إبراز هوية وحضارة هذه المنطقة، وقد بدأت العمل فيها عام 1998

يرُدّنا الفنان الأردني، حازم الزعبي، إلى عالم الحرف القديمة، من خلال الخزف الذي يستخدم مواده الأولية في فنه، فيطوعه لإنتاج اللوحات والكثير من المنحوتات التي تحمل جماليات لونية بمقدار ما تحمل من مدلولات ثقافية. ويعد الزعبي أحد أبرز الفنانين الذين يعملون في هذه الحرفة القديمة بأسلوب معاصر، فيعيدنا في معرضه الذي افتتح أخيرا في غاليري

«فن آ بورتيه» في فندق كمبينسكي بدبي، إلى أصالة الزمن القديم والإرث الصحراوي، إذ تجمع أعماله الكثير من الموتيفات البدائية التي تعبر عن الحضارة الإسلامية على امتداد الأزمنة.
عد حرفة الخزف من الحرف التقليدية التي تستخدم المواد اللاعضوية، التي تتشكل بفعل الحرارة. ومن أبرز المواد المستخدمة في الخزف الطين والجص والقرميد والزجاج والاسمنت. ويعد الخزف من المواد الهشة والصلبة في الوقت نفسه، إذ يمكن أن تتعرض المواد للكسر بسهولة، وينتج منه الاواني الفخارية والتماثيل الزخرفية. ويأتي الطين الأساسي الذي يصنع منه الخزف باللون الابيض، ويتم تلوينه بمواد تحتمل الحرارة العالية. وتعود حرفة الخزف إلى أقدم العصور، ولكنها أدخلت على التشكيل في العصر الحالي. أما الاسم الآخر للخزف فهو سيراميك.
اكتشف موقع عين غزال الواقع على طريق عمان الزرقاء عام 1974. وتميزت القرية الزراعية بغنى مكتشفاتها الأثرية، وطبيعة المجتمع الذي سكنها. وقد عثر في موقع عين غزال على مجموعتين من التماثيل، يصل عددها الى 35 قطعة. وتتميز بعض التماثيل بكونها كامwwلة الشكل وأخرى نصفية، فيما حملت بعض التماثيل ثلاثة رؤوس، وكان ايضاً ضمن المجموعة تمثالان على شكل رأس إنسان. اللافت أن كل مجموعة من التماثيل وجدت مدفونة داخل حفرة حفرت خصيصاً لها في أرضية أحد المنازل المهجورة ووضعت بداخلها بشكل مرتب.
ويجمع الزعبي في معرضه، الذي حمل عنوان «أنشودة الطين»، مجموعة من الأعمال المتباينة بين اللوحات والمنحوتات والصحون المصنوعة من الزجاج والطين إلى جانب المنحوتات البرونزية. ويتعمد تقديم الخزف بشكل غير منفصل عن تاريخه، وإنما بأسلوب معاصر، مازجاً التقليدية بالحداثة. يستخدم الأحجار أساساً للعمل، ويضيف إليها الطين والزجاج، لتصبح اللوحة تجريدية المنحى وأصيلة الصيغة. اللافت في أعمال الزعبي أنها أعمال جادة في أصالتها، فهذه العودة إلى الماضي والارث الحضاري ليست عودة تلقائية أو بالمصادفة، بل إنها تأتي بشكل متعمد من فنان ينهل في الماضي. هذا البحث في الأزمنة الغابرة، يبعد أعمال الزعبي عن العبثية، لاسيما أنه يغني القطعة الفنية بالرموز، ويحمّل اللوحة الكثير من الثقافة، فهي ليست لوحة غنية باللون الممتع، بقدر ما تحمل من الثقافات والحضارات، إذ يتعمد إدخال الحروف واللغات. وتتجاور في أعماله الحروف العربية والآرامية التي تعد الأصل الأول للحرف العربي، فيأخذنا في رحلة تسلسلية للغة عبر الأزمنة، فنجد كتابات أخرى تشبه الهيروغليفية أو المسمارية، ما يجعل اللوحة مشبعة بإرث المنطقة. وعلى الرغم من وجود مسافات زمنية بين أصول الحروف التي يكتبها، إلا أنها تتجاور في المعرض بأسلوب محبب الى نفس المتلقي، فلا نستطيع أن نفصلها زمانياً عن بعضها بعضاً.
يحرك الزعبي في نفس المتلقي العودة إلى الماضي، فهو يدخل الذاكرة من بابها العريض، من خلال الإرث الصحراوي وتماثيله المستوحاة من تماثيل عين غزال التي يقدمها في هذا المعرض الذي يستمر حتى أول يونيو، التي تعد الأعمال الأولى التي تروي بدائية الإنسان التي قدمها بأشكال تحاكي الشكل الأصلي للتماثيل الموجودة في بعض المتاحف. نجد الزعبي شديد الانتماء الى ثقافته وبيئته، فهو يأخذ من كل ما يحيطه على امتداد الازمنة، كما أن مواده كلها تنتمي إلى البيئة والطبيعة، بدءاً من الطين ووصولاً إلى الزجاج أو حتى البرونز. ينقل الزعبي الخزف من طبيعته الأثرية الى أشكال جديدة، فيمنحها بعد اللوحة التشكيلية، بينما تطغى على أعماله بعض الألوان، منها الألوان الأساسية للزجاج، ومنها اللامعة أو حتى المطفأة، كالأخضر الداكن، أو البني، بينما تسيطر على التماثيل الألوان الزرقاء، أما المنحوتات البرونزية فكانت من نمط فني مغاير ومختلف عن الطين، وأبرز تطويعه للشكل بحسب المادة التي يعمل عليها.
فلسفة الإنسان
قال الفنان حازم الزعبي أن المهارة لا تخلق فناناً، بل فلسفة الإنسان وإيمانه هما اللذان يوجدان الفنان، فالإنسان يتكون من ثلاثة عناصر، هي: غاية وجوده، واستمرارية وجوده، وثالثاً تاريخه
ولفت الى أنه يعتمد على الإرث الديني بشكل أساسي في العمل الفني، وان اعتماده على البيئة، يجعله يحقق إنجازا فنيا وحضاريا، كونه يحمل استمرارية.
ورأى أن الإيمان لدى الإنسان هو الذي يمكنه من إيجاد رسالة بناءة في المجتمع، فهو الذي يجعلنا نرى الطاقة الإيجابية في العمل، فالفنان ليس خارجاً عن الإطار، بل الفنان يكمل الإطار، وهو المرآة التي تعكس محيطه. واعتبر أن حضارة الشعوب تقاس بفنها والإنجاز الذي تقدمه، ولم يصلنا من الحضارات القديمة إلا فنونها، سواء العمارة أو الرسم أو الجداريات.
حازم الزعبــــــي.. استدعاء الماضي بالألـــوان المعاصرة

أهمية التماثيل
تُعد تماثيل عين غزال أقدم مثال على الفن والنحت في العالم، وهي دليل على التطور الاجتماعي والثقافي للإنسان القديم.
بفضل أهميتها، أصبحت تماثيل عين غزال مصدر فخر للأردن وتراثًا عالميًا يُدرس في الفن والثقافة.

تحليل العمل
تم استخدام مواد متعددة في العمل، أبرزها الحجر الطبيعي الذي يعبر عن الصلابة، إلى جانب الحبال التي توحي بالضغط أو التقييد، والمعادن المطلية بالذهب التي تضيف لمسة من التناقض البصري. التقنية المستخدمة تعكس خبرة واضحة في التعامل مع هذه المواد وربطها بشكل متين ومستقر. جودة التصنيع عالية جدًا، حيث تظهر اللمسات النهائية نظيفة ودقيقة دون أي عيوب، مع طلاء ذهبي موحد يبرز التباين مع الحجر الخشن.
من حيث التوازن والشكل، يظهر انسجام مميز بين الحجر الضخم الذي تم وضعه بشكل مدروس والمعادن الذهبية والحبال، مما يخلق توازنًا بصريًا جذابًا. الألوان المختارة تعزز هذا التوازن، حيث يجمع الحجر الداكن بين الطبيعة الخام والصناعة من خلال التباين مع المعادن الذهبية التي تضيف لمسة فاخرة وجذابة. هذه التوليفة تجعل العمل قادرًا على التفاعل دراميًا مع الفضاء المحيط، مما يجعله مناسبًا للعرض في بيئة مفتوحة أو معرض فني ذو إضاءة تسلط الضوء على التناقض بين الخامات.
من الناحية الفكرية، يبدو أن العمل يعكس فكرة القوة والصراع أو الضغوط التي قد تواجه الإنسان. الحبال قد تمثل القيود، بينما يعبر الحجر عن ثقل المسؤوليات، وتضيف المعادن الذهبية عنصر التفاؤل والجمال وسط التحديات. التأثير العاطفي للعمل قوي، إذ يدفع المشاهد للتفاعل مع مفهوم التوازن بين الأعباء والجمال، مما يجعله تجربة بصرية وعاطفية مميزة.

 


هذا التمثال يعكس مزيجًا فنيًا رائعًا يجمع بين البساطة في الشكل والرمزية في المضمون. يبدو أن التمثال مصنوع من البرونز، حيث تظهر تفاصيل دقيقة تدل على استخدام تقنيات صب المعادن بدقة وإتقان. تم طلاء بعض الأجزاء باللون الذهبي اللامع، مثل الطيور والقدمين، مما يمنح العمل إحساسًا بالفخامة والتألق، بينما يغطي اللون الأخضر المعتّق باقي التمثال، وهو ما يوحي باستخدام تقنيات الأكسدة لإضفاء طابع قديم يعزز من جمالية التمثال.
التكوين العام للعمل متوازن بشكل لافت، حيث يتوسط الطيور الجزء الأمامي من التمثال، ما يخلق انسجامًا بصريًا مع الجسد. الشكل الانسيابي للتكوين يعزز الإحساس بالاستمرارية والتناغم. الألوان المختارة تعكس تباينًا جميلًا بين الطابع الطبيعي الذي يمثله اللون الأخضر المعتق والطابع الفاخر الذي يرمز له اللون الذهبي. كما أن التباين بين ملمس السطح الناعم والملمس المعدني الصلب يضفي عمقًا بصريًا وملمسيًا يزيد من جاذبية العمل.
من حيث الرسالة، يبدو أن التمثال يركز على فكرة التوازن بين الثبات والطموح. الجسد الضخم المستقر يمثل الثبات والقوة، بينما ترمز الطيور إلى الحرية والطموح والرغبة في السمو. الوجه المجرد للشخصية يترك للمشاهد مجالًا واسعًا للتأمل وتفسير المشاعر التي يحملها العمل. بالإضافة إلى ذلك، يثير العمل شعورًا بالتفاؤل والتأمل، حيث يجسد الطيور الطائرة رغبة الإنسان الدائمة في تجاوز القيود والتحليق نحو الأفق المفتوح.
هذا التمثال يبرز كقطعة فنية متكاملة تتميز بجودة التصنيع والدقة في التفاصيل، إلى جانب رسالتها الإنسانية العميقة. انعكاسات المعدن الذهبي تضيف بعدًا ديناميكيًا للعمل، مما يجعله مناسبًا للعرض في بيئة مضاءة تسلط الضوء على جمالياته. التفاعل بين الإنسان والطبيعة في هذا العمل يجعله قطعة ملهمة تستحق التقدير.


هذا العمل الفني يتميز بطابعه الفريد والجريء من حيث الشكل والمواد المستخدمة، مما يخلق تجربة بصرية وعاطفية عميقة للمشاهد. التمثال يبدو مصنوعًا من البرونز مع استخدام تقنيات صب وتشكيل مختلفة، حيث تم إبراز مناطق متآكلة ومفتوحة تعكس حالة من التآكل أو الانهيار، مما يعطي إحساسًا بالتلاشي أو الصراع الداخلي.
الشكل العام للعمل يعتمد على التجريد مع عناصر رمزية واضحة، مثل الوجهين المدمجين في الجزء العلوي، اللذين قد يرمزان إلى ازدواجية الشخصية أو تعدد الأفكار والصراعات الداخلية. كما أن الطيور الموجودة داخل التجويف المركزي تضفي بعدًا رمزيًا للطموح والحرية، في مقابل حالة التآكل التي تعكس قيودًا أو تحديات.
من حيث الألوان، يظهر التباين بين اللون الذهبي لبعض الأجزاء واللون الداكن للبرونز المعتق. هذا التباين يبرز الفجوة بين الحيوية والانحلال، مما يعزز الفكرة الرمزية للعمل. الأسطح الخشنة والثقوب تضفي على التمثال إحساسًا بالحركة والديناميكية، كما تعكس تناقضًا قويًا بين القوة والهشاشة.
العمل يعبر عن موضوعات عميقة مثل التحديات الإنسانية، التغيير، والأمل في وجه الصراعات. الأجزاء المتآكلة تمثل الصعوبات التي تواجه الإنسان، بينما الطيور المرفرفة ترمز إلى السعي نحو الحرية والتحرر. كما أن توزيع الأشكال والمساحات المفتوحة يخلق توازنًا بصريًا على الرغم من الطبيعة غير المألوفة للعمل.
هذا التمثال يتفاعل بشكل قوي مع الفضاء المحيط به، حيث تبدو الأجزاء المفتوحة وكأنها تدعو الضوء والظل للتداخل مع العمل، مما يضفي عليه أبعادًا بصرية إضافية. التركيز على التفاصيل المبتكرة يجعل هذا العمل قطعة فنية مليئة بالمعاني والدلالات، تثير التأمل وتترك انطباعًا قويًا لدى المشاهد.


اللوحة عبارة عن قطعة فنية خزفية مكونة من 12 قطعة (أو بلاطة) مجمعة لتشكل تصميمًا متكاملاً. تبدو التصميمات محفورة على السطح وتحتوي على أشكال تجريدية غير منتظمة بخطوط منحنية وألوان متداخلة مثل الأحمر، الأصفر، والبرتقالي، التي تبرز بشكل جميل على الخلفية الرمادية الداكنة واللامعة.

يبدو أن العمل مستوحى من الفن التجريدي أو ربما يحتوي على رموز تعبيرية تعكس أفكارًا أو معاني مخفية. التفاصيل الدقيقة توحي بمهارة عالية في التنفيذ، وقد تم دمج الألوان والخطوط بطريقة ديناميكية تمنح اللوحة إحساسًا بالحركة.

لوحة خزفية تصور تداخل العمارة التقليدية مع العناصر البحرية، حيث تتوزع بلاطات مزخرفة بنقوش هندسية مع أسماك ثلاثية الأبعاد بارزة، مما يعكس الانسجام بين الطبيعة والتراث.
العمل الفني يعكس مهارة فنية عالية في فن الخزف، حيث يظهر تكاملًا بين العناصر الجمالية والتقنية المبتكرة. يتكون من بلاطات خزفية منظمة في شبكة متساوية، مع تفاصيل زخرفية بارزة وألوان متناغمة تضيف تأثيرًا بصريًا مميزًا. الفنان استعمل الخامات الخزفية بمهارة، حيث تظهر الدقة في تشكيل البلاطات وإبراز النقوش الهندسية. الألوان المستخدمة – درجات البني والأزرق – توحي بالتكامل بين الأرض والماء، ما يعكس حساسية الفنان في اختيار الألوان المناسبة لتعزيز الرسالة.
التكوين يتميز بتوازن واضح من خلال البلاطات المتماثلة، مما يخلق إحساسًا بالنظام. ولكن الفنان كسر هذا التماثل عن طريق وضع الأسماك ثلاثية الأبعاد في المركز، مما جعلها نقطة الجذب الأساسية. وجود هذه الأسماك يضيف حركة وديناميكية، تعززها الألوان الزرقاء التي تجعلها تبرز بوضوح على الخلفية البنية. النقوش الهندسية والتكرارات في التصميم تضفي إحساسًا بالانسجام والاستمرارية، مع ارتباط واضح بعناصر معمارية ذات طابع تقليدي.
الألوان والزخارف تلعب دورًا مهمًا في تعزيز تأثير العمل. اللون الأزرق يرمز للماء والطبيعة البحرية، في حين أن البني يعكس الأرض أو البنية العمرانية، مما يخلق حوارًا بصريًا بين العنصرين. النقوش الهندسية المحفورة على البلاطات تذكر بالتصاميم التقليدية، وربما تشير إلى هوية ثقافية أو تراثية تسعى القطعة إلى الحفاظ عليها أو استلهامها.
الرسالة التي يوحي بها العمل تبدو متعلقة بالانسجام بين الطبيعة والعمران، حيث يمثل عنصر الأسماك الماء والبيئة الطبيعية، بينما تمثل الخلفية المعمارية العنصر البشري أو الثقافي. قد تكون الفكرة التي أراد الفنان إيصالها هي أهمية تحقيق التوازن بين الإنسان وبيئته الطبيعية، خاصة تلك المرتبطة بالبحر.
الابتكار في هذا العمل يتجلى بوضوح في الجمع بين المسطحات الزخرفية والعناصر ثلاثية الأبعاد. إضافة الأسماك البارزة تضيف بعدًا جديدًا إلى فن البلاطات التقليدي وتمنح القطعة حضورًا فريدًا. هذا المزج بين التقليدي والحديث يعكس رؤية فنية تعيد ابتكار الأساليب الكلاسيكية بطرق معاصرة.
أخيرًا، العمل يبعث شعورًا بالسكينة والتأمل، بفضل الألوان الهادئة والتكوين المتناغم. كما يمكن أن يثير الحنين أو الارتباط العاطفي بالبيئة البحرية أو الثقافة المحلية. إجمالًا، العمل يجمع بين الجماليات والرسالة في توازن مثالي، مما يجعله قطعة فنية فريدة تستحق التأمل والتقدير.
تتناول أعمال الفنان دراسة العلاقة بين الطبيعة والبيئة العمرانية من خلال استخدام الخزف كوسيط فني، حيث يمزج بين العناصر الهندسية والزخارف التقليدية مع تفاصيل ثلاثية الأبعاد تبرز ابتكاره ورؤيته الفنية.
أعماله الفنية 

تشير الدراسة إلى أن تماثيل “عين غزال” لعبت دورًا مهمًا في إلهام العديد من الفنانين المعاصرين، ومنهم الفنان الأردني حازم الزعبي. نتائج الدراسة تظهر أن الزعبي نجح في دمج التراث الثقافي الأردني ممثلًا في تماثيل “عين غزال” مع أساليب الفن المعاصر في أعماله الخزفية. من خلال تقنيات الخزف الحديثة، أضاف الزعبي بُعدًا جديدًا لهذه التماثيل الأثرية، مبرزًا الرمزية الثقافية والتاريخية التي تحملها. يظهر التحليل أن استخدام الزعبي للأشكال الرمزية المرتبطة بالتماثيل يعكس التأثير العميق للتراث على أعماله، حيث يظهر ارتباطه العميق بجذور الثقافة الأردنية من خلال مزيج من الرمزية والحداثة في فن الخزف.
من خلال تحليل الأبعاد الفنية، يظهر أن الزعبي استطاع الجمع بين الأساليب التقليدية التي يعكس فيها رمزية تماثيل “عين غزال” وبين تقنيات الخزف الحديثة، حيث استخدم تقنيات مثل البرونز والحجر في بعض أعماله مما يعكس تطورًا فنيًا مواكبًا للزمن.
تماثيل “عين غزال” ليست مجرد تماثيل أثرية، بل هي مصدر إلهام فني عميق، حيث استطاع الزعبي أن يستلهم منها الرمزية التي تمثل الثنائيات الأساسية في الوجود مثل الخير والشر، الذكر والأنثى، والليل والنهار، ويعيد تشكيلها في أعماله الفنية المعاصرة. وقد أظهرت الدراسة أن هذه الرمزية تعكس فكرًا فلسفيًا عميقًا في أعمال الزعبي، الذي تمكن من إبراز التراث الأردني بطريقة حديثة مع الاحتفاظ بقيمته التاريخية والفنية.
تُظهر نتائج الدراسة أيضًا أن الزعبي استطاع نقل فنون الخزف إلى آفاق جديدة من خلال توظيف أساليب نحتية متقدمة، مما يعكس تطور الفن الخزفي الأردني بشكل خاص والعربي بشكل عام. كما أن تأثير تماثيل “عين غزال” في أعمال الزعبي يعكس قدرة الفن على الاستمرار والتطور عبر العصور، ويعكس الهوية الثقافية الأردنية التي تتماشى مع التحولات الثقافية والاجتماعية الحديثة.

تمثل تماثيل “عين غزال” أداة فنية هامة في فهم التراث الثقافي الأردني وتأثيره في الفن المعاصر، حيث تجسد قيمًا إنسانية عميقة تتجاوز الزمان والمكان. من خلال دراسة تأثير هذه التماثيل على الفن الخزفي المعاصر، خاصة في أعمال الفنان حازم الزعبي، نجد أن الفنان نجح في الحفاظ على روح التراث مع دمجه بأساليب حديثة مبتكرة. تساهم أعمال الزعبي في إبراز الهوية الوطنية الأردنية وتعزيز الوعي الثقافي في ظل التحديات المعاصرة، كما تعكس قدرة الفن على التفاعل مع التراث وإعادة تأويله بأساليب معاصرة تعكس روح العصر.
تُعد هذه الدراسة بمثابة مرجع مهم لفهم العلاقة بين التراث والفن المعاصر، وكذلك تأثير الفنانين على هوية مجتمعاتهم في ظل التغيرات الثقافية والاجتماعية العالمية.
المصادر والمراجع :
أ.م.د/ أماني فوزي عبد العزيز. (2015). فناني الخزف بين الاندماج الإبداعي والإيكولوجيا الثقافية في سيمبوزيوم زلاكوسا. مصر. تم الاسترداد من https://journals.ekb.eg/article_71093.html
خالد سامح. (18 9, 2023). التشكيلي الأردني حازم الزعبي يعرض تجربة نحتية جديدة في جاليري دار المشرق. تم الاسترداد من الدستور : https://www.addustour.com/articles/1368249-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86%D9%8A-%D8%AD%D8%A7%D8%B2%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B9%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D8%AA%D8%AC%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D
عبد الكافي كفافي، د.أ. (2010). عين غزال: قرية أردنية عمرها عشرة آلاف عام. دراسات في آثار الوطن العربي 12.
هدى بنت عبد الله بن حسين هوساوي، & د. منال بنت صالح بن عثمان الصالح. (2022). فلسفة التحول لإثراء جمالية أسطح الخزف المعاصر. المجلة الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية،، 3. تم الاسترداد من https://www.ijohss.com/index.php/IJoHSS/article/view/460


★الباحثة في مجال التصميم والتواصل البصري.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى