رأي

شهد إبراهيم:أعالج النفس بالكتابة يا أمي ؟!

شهد إبراهيم ★

– أنتِ هتطلعي إيه من دراستك دي؟
– ناقدة يا ماما.
– المهم تكوني مبسوطة.
هذه كلمات أمي التي قالتها لي حين التحقت بقسم الدراما والنقد المسرحي ـ جامعة عين شمس ، عدت لأتذكرها لحظة حصولي على المركز الثاني عن مقال “السمسمية فرجة شعبية” في حفل توزيع جوائز علاء الجابر للإبداع المسرحي (دورة الناقدة الراحلة رانا أبو العلا) .
ورغم أنني كنت سعيدة لحظة تسلم الجائزة لكن سعادتي لم تكتمل ودخلت في نوبة بكاء فور خروجي من الحفل رغم كل ما لامست من حب وفخر في عيون الجميع ، خاصة من أسرتي ومؤسس الجائزة ورئيس تحرير مجلة نقد x نقد الكاتب المسرحي علاء الجابر، وأستاذتي في الجامعة  خاصة د.أسماء طارق،  وزميلاتي، والحضور ، لكنني كنت أفتقد صوت أمي وحضورها.


لذلك بكل حب وألم، أكتب اليوم في ذكرى وفاتها عن أعمق آلام مررت بها، أكتب عن والدتي التي كانت جزءًا لا يتجزأ من روحي، رغم أنني كتبت الكثير، لم يسعفني الوقت لأشاركها سوى مقالٍ واحد كتبته، يشعرني هذا أن كل ما أكتبه الآن، وطوال الوقت ما هو إلا حوار مؤجل معها، لا أعرف متى نلتقي لنستكمله، ولكني أشعر دائمًا أنها كانت تستحق أن تكون معي اليوم.
أحيانًا أجلس بمفردي وأتخيل حديثًا معها، أتخيل كلماتها التي لم أسمعها كافية، تشجيعها الذي كنت أحتاج إليه، كم كنت أود لو أنها كانت هنا! لو أنها تستطيع أن تراني وأرى نظرتها الجميلة وهي فخورة بما أفعله، فكلما شعرت بالضعف، أتخيل صوتها، كلماتها البسيطة لي، وهي تحدثني بأن الحياة لا تتوقف عند أي لحظة ألم، ولكنها لم تكن تعلم أن ألم فراقها من أشد ما مررت وسأمر به.
بعد غيابها وجدت نفسي محاطة بفراغ كبير، وخيبة أمل لم أكن أظن يومًا أنني سأعرفها، بدأت أكتب بشكل مكثف ليس فقط لأنني أريد أن أبدع، بل لأنها كانت ملجأي من الوحدة، استخدمها كوسيلة أتمسك بها كي لا أغرق في مشاعر الحزن، خلقت عالمًا خاصًأ بي أستطيع من خلاله مواكبة الحياة.
في تلك الفترة وبعدها، كان كثير من الناس حولي  يرونني قوية، لأنني كنت أمضي بخطى ثابتة رغم كل شيء، فكل من حولي كان يراني قوية، رأوا إنتاجًا غزيرًا وطاقة لا تتوقف عن الكتابة، لكنهم لم   يعرفوا، ولا يعرف أحد أن خلف تلك القوة الظاهرة كان قلبي يعتصر حزنًا، وأنني فقط أحاول جاهدة  أن أخفف عن طريق الكتابة  من عبء الحزن.
رغم كل شيء، أعرف أن رحيلها خسارة لا تعوض، ولكني أحاول أن  أعالج نفسي بالكتابة.

أكتب اليوم وأتمنى وأرجو من الله أن  تراني وهي سعيدة، وترى رسالتها لي في الحياة وأنا أقوم بها ، وأعمل على إيصالها رغم كل شيء.


★ طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي ـ جامعة عين شمس ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى