رأي

علاء الجابر: “سمّوحة” .. التي أعرف.

علاء الجابر★

رغم سعادتي الغامرة، بتكريم الفنانة المسرحية العربية الأهم على الإطلاق “سميحة أيوب”، عبر إطلاق اسمها البهي على الدورة الحالية للمهرجان القومي للمسرح المصري في دورته السابعةَ عشرة، إلا أنني حزين جداً لعدم معايشتي تلك اللحظة بصورة مباشرة، لأشهد بنفسي بهجة الجمهور بإنسانة وفنانة قريبة جداً من روحي، ومؤثرة جداً في كل فرد من أفراد عائلتي، بحسها الإنساني المرهف، وثقافتها الفنية العالية؛ لكن الظروف الخارجة عن إرادتي، تشاء أن أغيب لأول مرة عن المهرجان القومي للمسرح المصري، بعد سنوات طويلة من الحضور الدائم لجميع فعالياته التي تشكل بالنسبة لي مكانة خاصة قياساً بجميع المهرجانات المسرحية الأخرى.

ولأن لقب “الفنان القدير والكبير” ، بات يتناثر هنا وهناك، بفضل وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، التي وهبته للجميع،دون أن تفرق بين أصحاب المنجز وغيرِهم، فقد فقدت تلك الألقاب قيمتها أمام فنانة بحجم “سميحة أيوب”، التي أحب أن أناديها بـ”سمُوحة”، أو “موحة” كما أفعل دائماً.. وتتقبله مني بابتسامتها المميزة.

ليس من الصعب استعراض التاريخ الفني الحافل لفنانتنا الغالية، حيث تزين سيرتها الذاتية الفضاء الافتراضي، بل تكاد لا تخلو منها منصة إلكترونية، أو مطبوعة ورقية مهتمة بالفن بصورة عامة، ويكفي أن نكتب حروف اسمها في مواقع البحث حتى تشع بتاريخها الفني المهيب.

لذا، سأتناول في هذه الشهادة ما أعرفه عن “سمّوحة” الإنسانة، التي أسرتني بقلبها الكبير.. وأذهلتني بثقافتها العالية، وأسعدتني بخفة دمها وحكاياتِها التي لا تُمل.. حيث تستقبلُني في بيتها العامر، استقبال الأهل والأحبة، محفوفاً بدفء وكرم لا محدودين، وألفة عُرف بها البيت المصري الأصيل، ولعلها قرأت مقال سعداء الذي كتَبَته عن زيارتنا لها بعنوان “أن تأكل من يد سميحة أيوب!” والذي تغنت فيه بكرم ضيافتها وعنايتها بضيوفها بكل حب.

كلما اقتربت منها أكثر، كلما اكتشفت رُقِيَّها في التعامل، مع الصغير قبل الكبير، والعاملِ قبل المسؤول، وكثيراً ما فاجأتني بلطفها مع البسطاء من الناس، في صورة حقيقية للتواضع، دون زيف أو ادعاء.

وعند الحديث عن عزة النفس، فإن “سمّوحة” رمزٌ للكرامة، عرفتُها شامخة، لا تتذلل، ولا تطلب، ولم أسمَعْها في يوم تشكو أو تستعطف، حتى في أصعب أوقاتِها وحالاتِها.

“سمّوحة” التي أعرف، صديقةٌ حقيقية، تَصدُقُكَ القولَ دون خوف أو وجل، وتُنْصِتُ لك حين ترغب بالبوح، حتى وإن كان المتحدث مجرد طفل.. تفاجئك بالتقاطاتِها الذكية، وملاحظاتِها الدقيقة، لا سيما تلك التي تخص فيها الأصدقاء والأحبة، ومازلت أذكر حواراتها الحميمية مع طفلَيَّ الفارس وسماء، وحين شاهدت عبر القنوات التلفزيونية حفل الافتتاح، لامسني كثيراً الفيلمُ الخاص بغاليتنا “سميحة أيوب” للكاتب نادر صلاح الدين والمخرج أشرف فايق إسماعيل لأن ما حدث مع الشاب في الفيلم حدث مع الفارس وسماء حين فوجئا بأنهما أمام قامة فنية استثنائية.

في ضيافة الفنانة القديرة سميحة أيوب.

الحديث عن الإنسانة/الفنانة سميحة أيوب، متعة بحد ذاتها، فتحيةٌ لكل من تواجد من أحبتيَ الحضور في هذا اليوم الجميل، ولكل من شارك في كلمة أو شهادة في حق الجميلة النقية “سميحة أيوب” وتحيةٌ خاصة للصديقة الفنانة وفاء الحكيم، لإدارتها للندوة، وقراءتِها لهذه الورقة، وشكرٌ خاصٌّ للقائمين على المهرجان الذي أشتاق له كثيراً.

وأخيراً.. كلمتي أوجهها لـ “سمّوحة”.. لكِ كلُ الحب يا غاليتي.. يا وجه مصر العظيمة دون “تزويق”.. التي يحق لشعبها ولنا أن نفخر بها أمام العالم أجمع.

دُمتِ بصحة وسعادة وفرح، ودامت مصرُ الحبيبةُ بخير طالما أنجبت إنسانة عظيمة مثلَكِ.


★رئيس التحرير.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى