موسيقي

محمد فهمي: ماذا لو أعدنا تقييمنا للموسيقى؟

محمد فهمي ★

“دو..ري..مي..فا..صو..لا..سي”، السلم الموسيقي هو أصل الألحان، وبداية عشقنا للموسيقى.

دائمًا ما تخرج من ذاكرة طفولتنا ألحانًا سعيدة؛ تخص ذكريات حصص التربية الموسيقية أيام الابتدائية، موعد مقدس يوم الإثنين من كل أسبوع، لم نكن ندرك قدسيتها حينها إلا حين كبرنا وتمنينا لو كان بمقدورنا العودة لحصة الموسيقى آنذاك.

الألحان من اليونان

إشتُقَّت كلمة الموسيقى من أصل يوناني، وهي صناعة تخص تنظيم الأنغام، وتقسيم الإيقاعات، وأوزانها، فالموسيقى فن يدرس مدى التوافق والتنافر بين الأنغام.

لها سحر مميز

أظهرت الدراسات أن للموسيقى سحرًا على الإنسان، ومنها دراسة أجريت على مرضى القلب في مستشفى “ماساشوستس”  بأمريكا؛ حيث تعافى المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية في القلب؛ باستماعهم إلى الموسيقى لمدة نصف ساعة يومياً، كذلك تخفف الموسيقى من الآلام، وذلك بصرف انتباه الدماغ عن التفكير في الألم، كما لها القدرة على التقليل من أعراض مرض “الاكتئاب” خاصة الألحان التأملية، والموسيقى الكلاسيكية، فتساعد على التخفيف من التوتر والضغط والصدمات، وتقوم بتعديل المزاج، وتهدئة الحواس، مما يساعد على تجاوز المشاكل العقلية.

تخلصك من الأمراض

تعمل الموسيقى على زيادة مستويات “الإنترولوكين” الذي يعمل على تعزيز جهاز المناعة، وتنشيط الذاكرة، كما تساعد على تحسين المهارات الحركية.

فبالتجربة استعاد العديد من المرضى بعضًا من قدراتهم الحركية؛ بعد الإصابة بتلف معين في الدماغ، وتساعد المسنين، وأصحاب مرض الزهايمر على الاستعادة المؤقتة للذاكرة، وتخفف من اضطراباتهم النفسية، وتخفف من الأرق، وتساعد على النوم الصحي، كما أنها في بعض الأحيان تستخدم كمخدر مؤثر في العمليات الجراحية.

الموسيقى لحن التواصل

من المؤكد أن الموسيقى تُحرِّك المشاعر الراكدة بأعماق الإنسان، وترقق قلوب البشر، فتبعد من يتذوقها عن العنف بكافة أشكاله.

كما وجد الباحثون أنها تساعد الأشخاص الذين يعانون من مرض “التوحد” في تعلم مهارات الاتصال اللفظية، وتدعم عمليات التنمية الطبيعية، وكذلك يستخدمها أطباء الطب النفسي في جلسات العلاج الجماعية، حيث تقوم بإعادة تأهيل إحساس الشخص المصاب؛ فيصبح أكثر مرونة في التعامل مع الشعور بالتعب النفسي، والاضطرابات الشخصية،  مما يساعد بالتدريج على تحسين نشاط المخ.

خوذة الميلوميند

اِخترع “ميشيل لوفان كوين” باحث العلوم العصبية بمركز الأبحاث الفرنسية، خوذة الميلوميند، وهي خوذة  تُدرِّب المخ على التراخي، وتساعده على التركيز، والعمل اليومي بعيدًا عن التوتر.

ملاذ آمن

الموسيقى عنصر أساسي في حياتنا اليومية؛ فهي الحل الٱمن الذي يزيد من قدراتنا المعرفية؛ من خلال التأثير في الروابط العصبية في الدماغ، وتزيد من إنتاجية الفرد، وتعطينا الطاقة أثناء التمارين الرياضية،  والاستماع لها في سن مبكرة يحفز دماغ الطفل، وِيُحسِّن من المهارات البصرية والكلامية، ويُساعد على تطور الذكاء اللفظي، ويُبقي الأدمغة في حالة نشاط واستعداد تام، الموسيقى هي الملاذ الآمن لسلامنا الروحي، ومفتاح الأمل في حياتنا.

بلادي بلادي .. لك حبي وفؤادي

في البداية؛ تلك ليست افتتاحية مباراة كرة قدم للمنتخب المصري بتعليق معلقنا المميز “أيمن الكاشف”، وإنما تلك الكلمات الخالدة؛ لواحد من أفضل ألحان الفنان “سيد درويش”، نشيدنا الوطني لجمهورية مصر العربية وهي خير الكلمات؛ التي تَبُثُّ الحماس في أذن من يسمعها، لا يهم إن كنت لاعبًا على وشك بدء مباراة مهمة، أو فنانًا تقف على خشبة المسرح؛ اِستعداد لتقديم فنك للجميع، أو طالبًا في بداية يومك الدراسي، فسيد درويش لم يحسبها بهذا الشكل؛ وانما هو فنان مبتكر، ومتجدد ضبط بناء لحنه، واهتم ببساطته، واهتم بمواطن الجمال في لحنه؛ فاختص مذهبًا من جملة واحدة من شطرين، ويأتي بعدها كوبلهين، ويتكرر المذهب مرة أخرى، وذلك لتسهيل ترديده على الناس.

عادل إمام يعلم أهميتها

للمرة المليون سنقوم بترديد اسم زعيم الفن في الوطن العربي “عادل إمام”، الذي تسَيَّد المشهد السينمائي طيلة أربعين عاماً، وليس فقط لبراعته كممثل أحببناه؛ وإنما لتدقيق اختياراته، وترك مساحة للإبداع للجميع، فعلم منذ البداية أن الجمهور سيتعلق بأفلامه عن طريق إيفهاته، ولازماته، وريأكشناته، وأيضًا عن طريق الموسيقى التصويرية لأعماله؛ فهي عامل لا يقل أهمية عنها، وبفضلها تطوَّر الجانب الموسيقي في السينما المصرية من خلال عمر خيرت ، وهاني شنودة.

الموسيقار عمر خيرت

له بصمة في جميع أعمال الزعيم، ومن أبرزها فيلم “خلي بالك من عقلك” فكانت سلسة وقريبة من القلوب، كما ساهمت في النجاح الجماهيري بشكل ملحوظ، وتعلقنا بفيلم”السفارة في العمارة” وقصة المهندس “شريف” عن طريق الموسيقى، التي عملت على جدية الموقف، وتأثر الجمهور بها، والإرهابي المتطرف “علي عبد الظاهر” حيث اصطحبتنا الموسيقى في رحلة مليئة بالمغامرات، وساعدتنا في كره أمثاله المخربين في البلاد؛ حيث أشعلت مشاعر الغضب لدى المتلقي، وأسهمت في وصول رسالة الفيلم بوضوح.

هاني شنودة

من أبرز مقطوعات الفنان “هاني شنودة” كانت لأفلام “عادل إمام”، فلا ننسى ملحمة “شمس الزناتي” فزيَّنها بألحان فريدة؛ تساعد في توصيل رسالة الفيلم، وأيضًا مغامرات “عصابة حمادة وتوتو” والمحاولات الكوميدية غير الشرعية في الحصول على حياة أفضل، وكانت مناسبة تمامًا للروح الكوميدية، التي تطفو على أحداث الفيلم، أما “المشبوه” فجعلنا نعيش الحيرة التي كانت في عقل “ماهر سيد علي” بين جانب الخير والاستقرار مع زوجته، أو العودة لجانب الشر مع شقيقه، وكانت مناسبة جداً لتلك الرحلة.


★ناقد-مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى