إذاعة وتليفزيون

ميرولا رضا: كيف يتغير مصير الحياة “بدون سابق إنذار”؟!

ميرولا رضا ★

وسط عرض جميع مسلسلات رمضان، قد يدخل مسلسل “بدون سابق انذار” تحت قائمة المسلسلات القصيرة، ويتكون من 15 حلقة حيث يعرض على قناة  dmc  وذلك بالتزامن مع عرضه على منصة watch  it في النصف الثانى من شهر رمضان، ضمن الماراثون الرمضاني الحالي 2024 ، ويتصدر ضمن قائمة الأكثر مشاهدة بعد عرض أولى حلقاته، وذلك مفاجأة لصناع العمل؛ إذ لفتت الحلقة الأولى انتباه الجمهور؛ بسبب أحداث العمل المترابطة،  والمبنية على الإثارة والتشويق،  حيث يتم تسليط الضوء على اسم المسلسل، وذلك يطرح تساؤلاً: لماذا تم اختيار ذلك الاسم بالتحديد؛ ليكون عنواناً لذلك العمل الدرامي “بدون سابق إنذار”؟

مع الإشارة هنا إلى المفروض أن يكون اسم المسلسل “دون سابق إنذار “؛ لأن الاستخدام الصحيح هو (دون) وليس (بدون)؛ لأن إدخال حرف الجر (باء) على( دون) من الأخطاء الشائعة للأسف الشديد!


دراما واقعية

تدور أحداث المسلسل حول تدهور العلاقة بين الزوجين “مروان و ليلى” ، ومشاكل تدفعهما إلى التفكير فى الانفصال أكثر من مرة،   وتصل إلى نفق مسدود؛ بالرغم من محاولتهما إصلاحها ، ولكن تأخذ الأمور منعطفاً صادماً، وتنقلب حياتهما رأساً على عقب بعد اكتشاف إصابة ابنهما بسرطان الدم، وتتوالى الأحداث، ويصبحون في صراع مع الزمن؛ لإنقاذ حياة ابنهما، ويواجهان العديد من التحديات والمواقف الصعبة، ويحاولان بكل ما أوتيا من قوة، إنقاذ ابنهما من هذا المرض ، المسلسل من إخراج “هانى خليفة”، والعمل قصة ومعالجة درامية “ألمى كفارنة” فيما كتب السيناريو والحوار كلٌ من عمار صبري، وسمر طاهر، وكريم الدليل.

والمسلسل من بطولة آسر ياسين، عائشة بن أحمد، أحمد خالد صالح، إسلام حافظ، جهاد حسام، ياسر علي ماهر، نهال عنبر، حنان سليمان، وعدد آخر من الفنانين.

دون تحذير!

منذ عرض الحلقة الأولى التي شهدت أحداثاً كثيرة، منذ ذلك الوقت تتوالى وتتصاعد الأحداث بشكل مذهل، وغير تقليدي في إيقاعٍ درامي سريع ما؛ بالنسبة للدراما التقليدية، وهذا يحدث بدون سابق إنذار؛ لذلك تم تسمية المسلسل بهذا الاسم للتماهي مع الأحداث؛ التي تتصاعد، وتتطور من حين لآخر؛ دون أي تحذيرات.

مواضيع اجتماعية شائكة

كثيرٌ من القضايا الاجتماعية؛ تصدرت مسلسلات رمضان 2024، والتي سلّط عدد منها الضوء حول الموضوعات الشائكة؛ التي تهم المجتمع؛ لتتناول وترصد بعض الإشكاليات الواقعية ، بحيث تطال علاقة الأسرة ومشكلاتها سواء بين الأزواج، أوالآباء مع الأبناء؛  ولذلك تناولت بعض الأعمال العلاقةَ بين الآباء والأبناء، وكذلك المشكلات التي يقع فيها الزوجان في بداية حياتهما، ومعاناتهما في رعاية أبنائهما، وكذلك سلطت الدراما الضوء في موسم رمضان، على العلاقة بين الأشقاء والعائلات، ومسائل الميراث، وكيف تؤثر على شكل العلاقة بينهم.

كما يطرح العمل مشكلات أخرى جانبية؛ لا تقل أهمية أو إبداعاً عن المشكلة الرئيسية، والتي تتمثل في لجوء امرأة تعجز عن العثور على شريك حياة مناسب؛ إلى تجميد بويضاتها حرصاً على فرصتها الأخيرة بالإنجاب، وقضية تبديل الأطفال في المستشفيات، وما ينتج عنها من إنكار نسب بعد سنوات من الخداع ، والعلاقة المعقدة بين شقيق البطل الانفعالي؛ الذي يجازف ويخسر في مشاريع تجارية فاشلة، وزوجته التي نشأت في أسرة متواضعة، وتحتاج إلى الأمان المادي لتشعر بالاستقرار.

أداءات تمثيلية متنوعة

يجسد “آسر ياسين” شخصية “مروان”؛ الذي يعمل مهندساً في أحداث المسلسل، والذي يكون ماهراً، ومتميزاً في عمله، ويكون من طبقة اجتماعية عالية إلى حد ما ؛ الذي عرف كيف يعبر عن معاناة الأب الذي يسعى إلى إنقاذ أسرته من طوفان متعدد الأوجه؛ من خلال الاصطدام  بمرض طفله الصغير المصاب بمرض اللوكيميا، وهو(سرطان الدم)، وتنقلب حياته العائلية بشكل مفاجئ؛ لذلك يمثل دوره بشكل متمكن جداً؛ حيث يتحكم في مشاعره، وتعبيرات وجهه بالرغم من الصعوبات، والتحديات التي يقع فيها واحدة تلو الأخرى، ولكن يظهر بشخصية قوية، ومتماسكة، وغير محبطة، ولديها القدرة على التفكير، والربط والسعي وراء الأشياء؛ للوصول إلى هدفه.

أما الفنانة “عائشة بن أحمد”  فتجسد شخصية “ليلى”؛ التي تعمل في شركة عقارات، وعبر الأحداث وتصاعدها، تترقى؛ لتصبح مديرة الفريق، وتقدم دوراً جديداً بمشاعر أمومة يعتصر قلبها على ابنها الوحيد؛ الذى يواجه مصيراً مجهولاً، وتجد نفسها مكتوفة الأيدي لا تملك شيئاً؛ لتخفيف آلام صغيرها؛ الذي يعانى من مرض السرطان اللعين؛ لتدخل نفقاً مظلماً، وتواجه العقبات؛ لكي تنقذ ابنها، وتمثل ذلك بشكل متقن، ومتمكن من حيث انفعالاتها، وإتقانها للدور،  وتأثرها بماضيها؛ من حيث البعد النفسي لديها، فهي تعاني من ماضٍ أليم بسبب مشاكل بين والدها،  ووالدتها؛ لذلك هذا يؤثر على شخصيتها من خلال تعاملها معهم، وخوفها الدائم من أنها تعيد تلك المأساة مرة أخرى في حياتها.

الطفل “سليم يوسف” الذي يجسد شخصية الطفل “عمر” الذي يلعب دور ابن البطلين الرئيسيين “مروان وليلى” ، والمصاب بالسرطان ، والذي يعاني جسدياً بسبب مرضه ونفسياً، حين يكتشف أن والديه على وشك الانفصال، والمثير للاهتمام أن هذا الدور؛ هو الأول في مسيرة الطفل، ومع ذلك فقد أجاد التعبير عن مشاعره المعقدة؛ ربما أفضل من نجوم كبار آخرين؛ لديهم سنوات خبرة فارقة.



كما تشارك أيضاً الممثلة الشابة “جهاد حسام الدين” في شخصية “نهى” التي خطفت الأنظار إليها، وأحسنت استغلال المساحة الكبيرة، والحساسة؛ التي منحها لها المخرج، وقدمت شخصية قد لا تتفق معها، لكنك لا تملك أن تكرهها؛ لأن لديها من المنطق والماضي ما يمنحها مبرراً للطريقة التي ترى بها العالم، وبالطبع يُحسب لمخرج العمل حسن إدارته لها، وتوظيف إمكانياتها التمثيلية.

تأثير تقنية الفلاش باك                                                      

تقنية الفلاش باك؛ التي ظهرت بدور مهم، ومميز جداً؛ حيث تظهر بالتوازي مع الأحداث الحالية، وتكون قبل بداية كل حلقة، وتعطينا حدثاً ما في عام ٍ ماضٍ للشخصيات؛ بحيث إنها تمهد للأحداث التي ستحدث خلال هذه الحلقة، وتضيف لنا فكرة تتعلق بالأحداث الجارية للمسلسل، وستكون موجودة وظاهرة في الحلقة، ولكن في العام الحالي من خلال سياق الأحداث، وتتعلق أيضاً بنفس الفكرة التي كانت في الفلاش باك، ولكن بشكل مختلف عبر الزمن.

مميزات العمل

يميز العمل أن كل هذا يجري بإيقاع سلس؛ دون تكلف أو مبالغة، وأداء متزن من الأبطال، والأهم هو وجود حوار عميق، وواقعي، وكتابة ذكية، وحساسة تعرف كيف تطرح قضايا صعبة ومؤلمة دون اللجوء إلى الميلودراما؛ حيث إن العمل هو ورشة كتابة للمؤلفة ألمى كفارنة، ولم يؤثر ذلك على السيناريو، ولم نشعر بأن أكثر من شخص عمل على كتابته، والشخصيات جميعها جرى كتابتها، ورسمها بحرفية دون أى تأثير على إيقاع الحلقات.

الكادرات الفنية الممتعة بصرياً، والمناسبة لاستعراض اللحظات المهمة بالحبكة والانفعالات المركبة للأبطال، وكانت زوايا التصوير معظمها بعيدة، وذلك لتظهر المكان المحيط بهم، وذلك يحدث في لقطات المستشفى، والمنزل أكثر شيء، ولقطات متوسطة أيضاً لإبراز لغة الجسد والوجه، من خلال التعبيرات، والانفعالات لدى الممثلين.

وكذلك عنصر الديكور؛ الذي كان مناسباً جداً، وظهر بشكل كبير من خلال مكتب “مروان” وما يحتويه من أشياء، ومن خلال المنزل، وترتيب كل مكوناته، وأيضاً من خلال الشركة؛ التي تعمل بها “ليلى”.

والملابس فكانت مناسبة بشكل كبير لجميع الشخصيات، وكان يظهرأيضاً من خلالها الطبقات الاجتماعية ، أما الموسيقى فكانت حماسية درامية ممزوجة بتفاصيل وأحداث في غاية الأهمية؛ من حيث الجانب النفسي، والتمسك بالحياة والأمل .

مسلسل “بدون سابق إنذار” مناسب لعشاق الدراما الاجتماعية المعقدة، والملاحم الحياتية غيرالمتوقعة، أو الخارجة عن المعتاد ، ولذلك سيترك أثراً كبيراً للجمهور؛ بسبب تداخل أحداثه المؤثرة،   ويمكن اعتباره من افضل المسلسلات التي قد قدمت في السباق الرمضاني في النصف الثاني لهذا العام .

بدون سابق إنذار

إخراج: هانى خليفة
تأليف: عمار صبري، وسمر طاهر، وكريم الدليل
بطولة: آسر ياسين، عائشة بن أحمد،نهال عنبر،ياسر علي ماهر،نورا شعيشع، فتوح أحمد، إسلام حافظ ،سليم يوسف، أحمد خالد صالح، جهاد حسام الدين.
مهندس ديكور: نادين حسين
مهندس صوت: علاء عاطف
ملابس: مروة عبد السميع
موسيقى تصويرية: خالد الكمار
مدير التصوير: عمر أبو دومة
مونتير: محمد عيد
كوافير: هيثم دهب
مونتاج: كريستين سامي


★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى