إذاعة وتليفزيون

منيرة العبد الجادر: هل ” أغمض عينيك” ‏هو” حالة خاصة” ؟!

 

منيرة العبد الجادر ★

في فترة متزامنة تبحر سفينتان قبطاناهما يفكران بنفس الطريقة، فإلى أين سنصل؟
هذا التساؤل المجازي يصعب على مريض التوحد فهمه؛ لأنه يراه بمعناه الحرفي.

شاهدنا عدة أعمال تناقش قضية اضطراب التوحد، مثل المسلسل السوري “أغمض عينيك “، والمسلسل المصري “حالة خاصة  ” المستوحاة من مسلسل كوري
The good doctor

الأساس

هناك خطوط رئيسية مشتركة بين المسلسلين، ففي “أغمض عينيك” شخصية (جود) الذي سجنت والدته 11 سنة، فتولى تربيته أستاذ لا تربطه صلة قرابة به، أما في “حالة خاصة” فهناك  شخصية ( نديم) الذي توفيت والدته، واحتضنه جميل، الذي يعمل بالمكتبة، علاوةً على ما سبق؛  فدور الأب الحقيقي ملغي من العملين.

التعلق

في العملين يتم تسليط الضوء على الأب الروحي للشخصيتين؛ ليوضح أهمية الشعور بالمسؤولية لدى الأهل، والأهم طريقة التعامل، إلى جانب فهم الأهل السطحي، لتكريس الوقت الذي لا يفضي إلى نتيجة دون الوعي والتجربة، كما نلاحظ أن مضطرب التوحد، يتغلب عليه شعور التعلق المترأس بالمربي تحديداً.

وقوع المربي

في ” أغمض عينيك ” يصاب الأستاذ( مؤنس) مربي( جود) بورم سرطاني؛ يؤدي به إلى النسيان، ويستلزم عليه إتمام عملية لا يمتلك مبلغها، ويتأرجح بين الموت والحياة.

وبالضفة الأخرى في “حالة خاصة”  يتعرض (جميل ) مربي (نديم) لوعكة صحية؛ ينتهي به المطاف بمفارقة الحياة، والسؤال هنا: كيف يمكن أن تتسق الأحداث، والشخصيات كأنهما متفقان؟.

‏العلاقات

شخصية (جود) و(نديم) اِقتحما معركة الحياة من خلال الدمج بالمجتمع، فلم تتحقق هذه القضية بسهولة؛ حيث يرفض عدد كبير من الناس الاحتكاك بهما، وبعد عناء يُسمح للشخصيتين بالانخراط في المجتمع، يلتقي كل منهما بزملائه، ولا يستطيع معرفة الفرق بين المحب، أو نقيضه، كلاهما يتعلمان من الدرس حين وقوع المشكلة.

اِستغلال ذكاء كلتا الشخصيتين، يجري في ذات السياق؛ فنجد شخصية (جود ) تُستغل من قبل زملائها في الجامعة؛ لحل الواجبات والبحوث، وذلك ينطبق على شخصية ( نديم) الذي يُعتبر تحت التدريب بمكتب محاماة؛ المكان اختلف؛ لكن الآلية واحدة.

الأداء

بالنسبة إلى شخصية (جود) فقد انقسمت لمرحلتين الأولى مرحلة الطفولة، التي جسدها الطفل (زيد بيروتي) الذي أتقن الحركات المتكررة، مثل التأرجح، أو الدوران، أو حتى ضرب الرأس، واللعب بأصابع اليد، أما المرحلة الثانية في سن 19 التي  أداها ( ورد عجيب)، الذي بين لنا تطور الشخصية؛ من حيث تكوين الجمل، وبساطة القدرة الإدراكية؛ لفهم كلام الآخر؛ كما أن حالة التوتر تصاحبه مع المؤثرات الخارجية المجتمعية.

أما شخصية (نديم ) فلعب دورها ( طه دسوقي)، الذي ركز على إيماءة الوجة بطريقة مدروسة، لا يوجد بها أي تعابير، بالإضافة إلى تحدثه بنبرة صوت واحدة؛ كأنه رجل آلي، ومن ناحية الجسد فهو ينصب بنمط الحركة المتصلبة، نستشف أن الممثلَيْن في العملين، اِهتما بأدق التفاصيل ، وإن  برزت شخصية (جود) باستعراض الأداء عبر تطور الفئة العمرية، والعلاج.


كل تلك التشابهات تطرح سلسلة مترابطة من الأفكار تلتقي ببعضها،  مع اعتقادنا أن مجال الإعاقة، والإضطراب الحركي، بحر غزير، ومن يلجأ إليه يجب أن لا ينظر فقط للسطح.
هنا يراودني السؤال الأهم؛  في أغلب الأعمال من هذا النوع  دائماً : لماذا يلعب الرجل دائماً أدوار التوحد، أو الإعاقة .. ومن النادر مشاهدة فتاة تقوم بمثل هذه الأدوار؟!


★خريجة قسم الأدب والنقد المسرحي -المعهد العالي للفنون المسرحية -الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى