إذاعة وتليفزيون

نهلة إيهاب: “بدون سابق إنذار” حين يكون التشويق مختلفاً!

نهلة إيهاب ★

تهدف الدراما كغيرها من الفنون الأخرى؛ إلى تقديم خبرة جمالية للإنسان، والتأثير الذي تحدثه تلك الخبرة، عاطفي في المقام الأول، وذهني في المقام الثاني، ولاشك أن خوض تلك الخبرة – إذا ما تمت علي وجهها الصحيح – يزيد من اهتمام الفرد بنفسه، وتقبله للآخر.

من هذا المنطلق؛ يطل علينا مسلسل” بدون سابق إنذار” بالنصف الثاني من شهر رمضان؛ حيث تدور أحداث المسلسل حول العلاقة المتشاحنة بين الزوجين “مروان وليلى ” والتي تصل إلى طريق مسدود؛ بالرغم من محاولتهما لإصلاحها، مما يصل بليلى لطلب الطلاق من مروان؛ لغياب التفاهم بينهما، ثم يكتشفان إصابة ابنهما بالسرطان، واحتياجه لعملية زرع نخاع ، فيطلب “مروان” من شقيقه “حسن” تبرع ابنه الصغير بالنخاع؛ ولكن تكشف التحاليل الطبية استحالة أن يكون الولدان ابني عم؛ مما يؤدي لتصاعد الأحداث؛ وبالأخص عندما يكتشف الزوجان أن الطفل الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات، ليس ابنهما.

بدايةً من تتر المسلسل، ومن خلال اهتمامه بعنصر الصور المجمعة، والذكريات المتلاحقة؛ التي تبقى عالقة بالوجدان والشعور؛ نجد أننا أمام عمل فني مثير “للعاطفة الوجدانية “لدى المُشاهد  بالإضافة إلى أغنية التتر؛ التي قدمها ” أحمد سعد”، وتحمل اسم ” ملناش غير بعضنا”، وهي من كلمات الشاعر الغنائي، أمير طعيمة، وألحان خالد عز، وتوزيع موسيقي، محمد عاطف الحلو.

أما بالنسبة للأداء التمثيلي، وهو من بطولة آسر ياسين ، عائشة بن أحمد ، أحمد خالد صالح ، إسلام حافظ ، جهاد حسام ،أحمد علي ماهر ، نهال عنبر ، حنان سليمان بالإضافة للظهور المميز لـ” عمر الشناوي” ، و”بسمة”  فقد جاء الأداء مفعماً بصدق الإحساس، وطبيعية الأداء؛ دون افتعال مشاعر، أو بما يسمى بلغة أهل الفن” أفورة الأداء”؛ وبالأخص النجم “آسر ياسين”؛ الذي استطاع أن يقدم الشخصية بصدق عالٍ، وإحساس مرهف، إلى جانب طاقته التمثيلية؛ التي استطاع من خلالها الوصول إلى شكل ومضمون وروح الشخصية؛ داخلياً وخارجياً؛ حيث إن القصة والمعالجة الدرامية؛ التي قدمتها ألمى كفارنة، وكذلك السيناريو والحوار، لكلٍ من عمار صبري ، وسمر طاهر ، وكريم الدليل؛ جاءت  مبنية في الأساس على عنصر التشويق؛ من خلال توالي الحلقات بشكل يكشف لنا في كل حلقة؛ عن مفاجأة جديدة؛ ولكن التشويق هنا جاء بشكل مختلف عن المعنى المعتاد لهذه الكلمة؛ فالتشويق هنا تشويق “شعوري ونفسي” للمُشاهد للأحداث.


فقد نجح المخرج المبدع “هاني خليفة” من خلال اختياره لكادرات الكاميرا، وزوايا التصويرالمختلفة؛ أن يضع المتفرج دائماً داخل أحداث المسلسل؛ متأملًا تعبيرات الممثل، وانفعالاته؛ متفهماً لغة جسده؛ مدركاً شعوره النفسي؛ ملتمساً له المبررات.

لذلك؛ فإننا بالفعل أمام دراما واقعية؛ تحترم عقل وفكر ووجدان المشاهد؛ متوغلة داخل أعماقه الإنسانية؛ مما يقودنا في النهاية؛ لمتعة المشاهدة الحقيقة دون أي افتعال.


★ناقدة-مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى