إذاعة وتليفزيون

ريم ياسين: “حالة خاصة”..كيف تصنع من الاختلاف تفاؤلًا؟

ريم ياسين ★

تابعنا الحلقات الأخيرة من مسلسل حالة خاصة المكون من ١٠ حلقات، الذي عُرِض على (Watchit)، حيث لاقى إقبالاً جماهيرياً كبيراً، منذ الحلقات الأولى للمسلسل، وأشاد به العديد من الفنانين ، وهو عمل درامي تدور أحداثه حول ( نديم أحمد أبوسريع) المحامي، صاحب القدرات العقلية الفائقة، والمواقف التي يتعرَّض لها ، والتي تحمل له الصعوبة تارة، والحظ تارة أخرى، والمسلسل من إخراج عبد العزيز النجار، وتأليف مهاب طارق ، وجمع بين مجموعة متنوعة من الأبطال من مختلف الأعمار: غادة عادل، طه دسوقي ،وهاجر السراج، وحسن أبو الروس، بالإضافة إلى عدد من الوجوه الشابة الجديدة.
هل شكَّل المسلسل تحديات جديدة لطه دسوقي؟
فاق أداء طه دسوقي التوقعات في دور البطولة، بإتقانه لدور نديم ، هذه الشخصية التي تعاني من التوحد، وتواجه الكثير من الصعوبات، سواء الاجتماعية أو المهنية ، ولكن تحمل في مكنونها الإصرار والإرادة، اللتان بثتهما فيه والدته منذ اليوم الأول له ، ورغبتها في إثبات نجاحه، وذكائه لعمه ، الذي يرفض الاعتراف بنسبه له، وحقه في الميراث ، وهذا ما أوضحته باحتراف شخصية نديم ، الذي ظهر عليه توحد من نوع يسمى بـ ( متلازمة أسبرجر)، واستطاع طه دسوقي توظيف خصائصه، على سبيل المثال يواجه أصحاب هذا المرض صعوبات كبيرة في التفاعل الاجتماعي، وظهر ذلك بداية من طفولته في المدرسة بجلوسه دائماً وحيداً، لا يشارك أحداً، ولازمه التوحد ليعيش بمفرده في المنزل بعد وفاة والدته ، على الرغم من وجود عم جميل، الذي ساهم في تربيته، واتخذه الصديق الوحيد له، وصندوق أسراره ، وكونه  حلًا لكل مشاكله، بالإضافة إلى مَشاهد صعوده للمواصلات العامة، ورفضه لمس أي شخص له، ولو بنسبة ١% ، وبطئه في الحديث، حيث كان يجيب على الكلام الموجه له بعد ٥ ثوان، كما لوحظ أنه يتبع نوعاً من السلوك المتكرر والاهتمامات، وقسمها العلماء في هذا المرض إلى النمطية، وهي الحركة المتكررة ، ظهرت في حركة يديه الدائمة في التوتر، أو عند الحديث ، وعند إمساكه بحقيبة ظهره، وأيضاً تكرار حركة رأسه عند شعوره بالغيرة، أو الغضب ، فضلاً عن حدقة عينه دائمة الاتساع في ملاحظة الأشياء حوله، بالإضافة إلى تعبيره عن شعوره بالخجل ، بوضع يده على منتصف وجهه، كما ظهر السلوك القهري، والالتزام بترتيب الأشياء على هيئة صفوف ، لوحظ هذا في طريقة ترتيبه لملابسه، بنفس اللون، وكلٍ في مكانه، بالإضافة إلى التماثل، يعني مقاومة التغيير، ظهر هذا بشكل واضح في توحيد لون ملابسه ، فكلها تحمل نفس اللون بنفس الشكل ، وهو المعتاد عليه من أيام صغره، الذي ظهر فيه بنفس لون القميص ، وأيضاً نفس التنسيق ، التي تُعَبِّر عن عدم خروجه من حدود الأمان، فهو لا يجازف في حدوث أي نوع من الاختلاف، كما تبين عدم الرغبة في التغيير، و لو قطعة واحدة من أثاث المنزل، ففي مشهد كسر الزهرية، قام بتجميعها مرة أخرى كلاً واحداً، و قام بِإرجاعها في نفس المكان التي كانت فيه ، و تكرار صنع كوب الحليب لعم جميل في نفس الوقت من اليوم، حتى بعد وفاته، وكذلك في مشهد عيد ميلاد رام الله، عندما كرَّر هو كلمة الاحتفال أربع مرات كما اعتاد عليها ، وهو الوحيد الذي أطفأ الشمع حتى بعد مغادرة الجميع المكان، كما أبرز السلوك الشعائري، يمثل سلوكاً غير متغير يومياً ، أو بمعنى آخر، السلوك الروتيني ،وتبين ذلك من طقوسه، التي تتكرَّر بشكل يومي ، بداية من التزامه بموعد استيقاظه، مروراً بنفس طريقته في تحضير طعامه، والحفاظ على هذا النظام الحياتي، الذي يرتبط بالتطابق إلى حد كبير، وأيضاً في مشهد المحكمة ، بتكراره لنفس الجملة أكثر من مرة ، وفي أثناء تدريبه على المثول أمام القاضي، كرَّر نفس المشهد أكثر من ٢٠ مرة، ليتأكد من قدرته على المرافعة، وأنه يتأثر بكل ما يقال له مِمَن حولَهْ ، ولا يستطيع التمييز بين المزاح، أو المعنى الباطني ، فكل تفصيلة، حتى وإن كانت صغيرة لها وقت محدد في ساعته، وأكثر ما جذب الانتباه، هو قدرته على حل القضايا ببساطة، بمجرد إمساكه لخيط واحد فقط في القضية ، لأن هذا النوع من التوحد يملك مهارات فائقة في الإدراك والانتباه ، وظهر هذا في مشهد التحاقه بالمسابقة لربح المليون، وإجابته السريعة منذ اللحظات الأولى لطرح السؤال، بالإضافة إلى الأعراض الحسية ، المتمثلة في الإغاثة عند سماع الأصوات العالية، التي تُسبب له نوعاً من الانزعاج والفزع، وظَّفه نديم هنا باللجوء إلى موسيقاه، وسماعاته المتلازمة معه في كل وقت وحين ، حتى في أثناء وجوده في مكتب العمل، أو المحكمة، كما حملت الشخصية صفات كثيرة: طيبة القلب والصدق، ومساعدة الآخرين، حتى وإن كانوا يستغلونه، ولكن هذا العالم الآخر الذي يعيش فيه نديم ، ورؤيته لأشياء مختلفة عن التي حولنا، تجعله فريداً من نوعه، وحدوده العقلية أكبر، وأوسع من أي شخص عادي.

هاجر السراج وطه الدسوقي

لماذا كانت رؤية أماني لنديم مختلفة ؟
لعبت الفنانة غادة عادل، دور أماني النجار ، صاحبة أشهر مكتب محاماة في مصر، التي يتعرَّف عليها نديم من خلال إعلان نشرته، لطلب متدربين عندها بالمكتب ، وعند المقابلة يُبهر أماني والحاضرين بذكائه، وسرعة إجابته على الأسئلة، فضلاً عن حفظه لكل جريمة، والعقوبة الواقعة عليها ، ولكن يتم رفضه، لعدم استيفائه لشرط واحد في الإعلان، وهذا لم يرجعه، ولو خطوة واحدة عن إصراره في الحصول على الوظيفة ، وكلام والدته، الذي كان الدافع الداخلي له؛ لذلك كان يتتبع أماني في كل مكان ، إلى أن جاءت فرصته أثناء تواجد أماني في المحكمة، واستطاع حلَّ قضية عجز كل محام في مكتبها عن حلها، ليجعل أماني هي التي تبحث عنه، ليعمل معها ، وهذا ما كان متناقضاً مع شخصيتها ، حيث ظهرت في مكانة المرأة القوية ، صاحبة النفوذ المتعالية، التي يتصارع الناس عليها، مهما كلفهم الأمر، لحل قضاياهم، لثقتهم في مهاراتها ، وشهرتها العالية، فضلاً عن تطبعها قليلاً بالأنانية ، في محو أي شخص يعترض طريقها، أو عملها ، و ظهر ذلك في ملابسها، التي تشتمل في معظم المشاهد على الملابس ذات اللون الغامق ، التي تؤكد غموض هذه الشخصية،  فشكلت نوعًا من التهديد لهم، وطبع السيطرة الظاهر عليها بدرجة كبيرة ، و بالرغم من مكنوناتها القوية ، إلا أنها تملك جانباً يمثل نقطة ضعفها ، تتمثل في ابنها ، الذي يعاني هو أيضاً مرض التوحد ، فيكون ابنها الإجابة في المسلسل، لسؤال المشاهد لماذا هي الوحيدة، التي استطاعت التعامل مع نديم، وتَفَهُّم حالته ؟ ولماذا تحمل له هذا الجانب العاطفي المائل للأمومة؟ فضلاً عن تحملها، لكذب زوجها ياسر ، هذا الخائن ، عاشق النساء ، الذي يكون اهتمامه الأول والأخير بنجاحه، وصورته أمام الآخرين، وحمله لكل هذا الكبرياء من عدم رفض أي فتاه له ، لذلك كانت أماني تضحي بعزة نفسها، وتتصرف كالعمياء صارفة النظر أفعال زوجها ، للحفاظ على الصحة النفسية لابنها ، ووضعه في جو أسري، يحتوي حالته الخاصة ، وهنا يأتي نديم، ليجدد أملها الذي كاد أن ينقطع، في إدارة ولدها لمكتبها من بعدها، وأن نديم عزز لديها الشعور  بالطمأنينة ، في كل مرة ينجح بقضية، أو يتخطى صعوبة معينة في حياته ، ليملأ حياتها باليقين، والتفاؤل مجدداً.

رموز للأدب والقضية الفلسطينية:

في الآونة الأخيرة، استغل صنَّاع الأعمال الدرامية، أعمالهم الفنية في إبراز القضية الفلسطينية، والدفاع عنها ، ولكن جدَّد المخرج هنا من كيفية توظيف هذا الدفاع، حيث أظهر شخصية كاملة، تحمل اسم مدينة فلسطينية، وهي شخصية “رام الله ” تلك الفتاه السورية، التي تحمل أصولاً فلسطينية، تتقدم لمكتب أماني النجار، للحصول على الوظيفة ، ولكن هنا الهدف مختلف ، فهي تريدها ، لمواكبة متطلبات الحياة، وإيجاد مصدر للمال ، لاستكمال حياتها ، ظهرت هاجر السراج في شخصية الفتاه الشامية جميلة الملامح، التي تجذب انتباه كل من في المكان، ولكنها تحمل طابعاً استغلالياً قليلاً ، في مواعدة خالد، وياسر، ونديم ، وإظهار التودد لثلاثتهم ، ولكن بمجرد معرفة أين تقع مصلحتها في استكمال أوراق إقامتها في مصر ، تزوجت بنديم على الرغم من أنها في هذه اللحظة، كانت في انتظار ياسر الذي أخلف معها الوعد، ولم يأت في الميعاد ، ومن منظور آخر، هذه الإشكالية تمثل العائق، الذي يقع على المغتربين في مصر، وما يواجهونه من مشاكل، وتضحيات في سبيل الحصول في النهاية على تصريح الإقامة في مصر ، وشخصيتها أظهرت جوانب أخرى من نديم ، أنه لا يكره اللمس من المقربين له ، وأنه بالنسبة لها، أفضل وأكثر مساندة لها في أوقاتها الصعبة من الآخرين، وإعطائه هذا الجانب من الإعجاب، والحب، الذي لم يشعر به من قبل ، ولكن هاجر السراج، حافظت على تعبيرات وجهها، فكانت معظم المشاهد، والمواقف، تحمل نفس ردة الفعل في ملامحها، فلم تعطِ هذا التأثير في نفس المشاهد، في إيصال مشاعرها بقدر كافٍ ، ولكن كانت سبيلاً واسعاً للمخرج لإضافة لمسات فلسطينية ، مثل مشهدها مع عم جميل في المكتبة ، وحملها لحقيبة مرسوم عليها خريطة فلسطين، واسم مدينة “رام الله “، وأيضاً طلبها رواية “أعراس آمنة ” للكاتب الأردني من أصل فلسطيني، إبراهيم نصرالله، وهي رواية من إحدى روايات سلسلة “الملهاة الفلسطينية “، والتي تتحدث عن غزة، والجرائم البشعة، التي تحدث بها ، ولإضافة اسم الكاتب “إبراهيم نصر الله ” في المسلسل، جعلت الكثير من المشاهدين، يتأثرون، ويبحثون عنها، فضلاً عن أن اسم الكاتب، له صدى واسع ، فهو حائز على العديد من الجوائز الأدبية، مثل جائزة القدس للثقافة والإبداع 2012، والجائزة العالمية للرواية العربية عام 2018.


التقنيات الدرامية :
السرد والدراما وجهان لعملة واحدة، في بنية المسلسل الدرامي ، ويمثل السرد نسيجاً متناسقاً في صياغة المادة الدرامية ، وهنا استخدم المخرج أسلوب السرد “غير الخطي” حيث كان خارج التسلسل الزمني، وتم تطبيقه في بداية الحلقات بالرجوع لماضي نديم ، أضاف نوعاً من زيادة الفهم للمشاهد، لهذه الحالة ، ولماذا يقوم ببعض التصرفات، أو هذه التعبيرات؟ ، مثالاً “الناس المتأخرة هما اللي بيجوا متأخر”، فهي جملة قالتها معلمته في المدرسة، والتي أثَّرت به، فأصبح في كل موعد يذهب متأخراً لاعتقاده أنه هكذا شخص مهم، ويحقق جزءاً من حلمه ، وإظهار أن صفات التوحد، والقدرات العقلية الفائقة، مرتبطة به منذ الصغر، و هذا في مشهد سؤال معلمته عن جدول الضرب، وزيادة صعوبته كل مرة، ولكن إجاباته كلها كانت صحيحة، وهو ما تكرّر في الحاضر، بمشهد مسابقة المليون، ولكن إيقاع الأحداث، كان زيادة في الهدوء ، فالصراع في كل مشهد، لم يصل لذروته، والحل كان يأتي في غاية السهولة ، مما أضفى نوعاً من عدم الواقعية ، كما حدث في مشهد اللقاء مع عمه، واتهامه بالتقرب من ابنته في سبيل الحصول على المال، فهنا توقَّع المُشاهد أن نديم مثلاً، سيتعرَّض لضرر كبير ، وهو ما ظهر من نظرات عمه الموجهة له، والتي توحي بالشر ، ولكن كل هذا انتهى، بمجرد حوار أثار فقط نوعاً من الاستفزاز والذهول لدى عمه، وتسلسل الأحداث بشكل بسيط ، جعل هناك نوعاً من عدم الإلمام بحجم الصعوبة، التي يتعرَّض لها أصحاب التوحد ، فالصراع هنا صُنِّف مجرد مشكلة ، ولم يقمْ بوظيفته الأساسية، وهي إثارة المُشاهد، حيث تعرَّف المُشاهد من خلال نديم، أنه تعرَّض للتنمر أثناء طفولته، ولكن كان سيصبح واقعياً أكثر، ويثبت الصورة الكاملة لدى المُشاهد، إذا وظِف ذلك في المشاهد المتعلقة بطفولته، وأنه سيتيح للمتلقي مشاركة ذهنه في حلِّ عقدة الأحداث، كما كان توظيف الموسيقى من أكثر العناصر، التي لاقت نجاحاً، وتأثيراً للمشاهدين في المسلسل، حيث كانت الموسيقى التصويرية من ألحان الموسيقار الكبير “هاني شنودة “، وهذا الإحياء الحادث، طوال الأحداث من إعادة الأغاني لفرقة “المصريين”، والحديث عن تاريخهم بصورة كاملة من خلال نديم في مشهد المطعم ، وتوظيف كلمات أغانيهم، بما يلتحم بشكل كبير مع الأحداث، فأغنية “لما كان البحر أزرق”، هي التي تتصدر محركات البحث في تطبيقات الأغاني، وأصبح لها صدى واسع بين الشباب بشكل خاص، كانت تعيد لنديم مشاعر مرتبطة بالحنين لماضيه ، حيث كانت الأغنية المفضلة لوالدته، ودائماً تبعده عن صخب مَنْ حولَهْ ، كأنها تحتضنه كما كانت أمه تفعل ، كذلك أغنية “أوقات أشوف ملامحك”، التي عبَّرت عمَّا يحمله من حزن بداخله، بعد وفاة عم جميل ، وارتباطها بمشاهد المكتبة، وغلقها، وطقوسه بداخلها، كأن عم جميل رحل كجسد بالنسبة له، وبقى كروح، بين كتبه، وسماعات نديم، وأيضاً حملت مشاهد أخرى، موسيقى ذات الطرب الأصيل ، تزيد من الرغبة في العودة للزمن الجميل، بما يحمله من معانٍ في أغانيه، فهي حقاً تعبِّر عن الجو العام للمُشاهد، وإيصال حالة الفنان بطريقة سلسة ، وهذا ما ارتبط بأغنية ” كان يا ما كان”، للفنانة ميادة الحناوي، والتي وظف كل مقطع بها ، بطريقة تتناسق، وتتواءم مع المشهد ، ففي أول الأغنية، التي تحمل نوعاً من الحب ، يظهر مشهد ندى، ويوسف، وهما في مقتبل علاقتهما العاطفية، ثم يأتي النقيض مع مقطع ” أنا الحب الي كان ” مع مشهد أماني، وياسر، وهي تحاول ارتداء قناع السعادة معه، ولكن بداخلها تحمل مشاعر من الألم والجرح ، وأفصحت عن ذلك، من نظرات اللوم على وجهها لزوجها.

هاجر السراج

أما بالنسبة للإضاءة، فكانت هادئة، وملائمة للحالة الدرامية الواقعة على الشخصيات في كل مشهد ، بالإضافة إلى أن معظم اللقطات في المسلسل كانت متوسطة، أو قريبة متوسطة ، لتسليط الضوء أكثر على تعبيرات الوجه للفنانين، والإشارات المرسلة للمشاهد، والكادرات كانت متنوعة بين المكتمل، وغير المكتمل، كما وجد الإضاءة الخارجية، سواء في الشارع، أو مكان الاستراحة في المكتب ، أو خارج المكتبة، وأيضاً وظّف الديكور بحالة واقعية جداً، حيث في منزل نديم ، كان نسيجاً واحداً مع حالته، وتعبيراً لها، فكانت تميل للألوان الهادئة، والأثاث القديم نوعاً ما، الخالي من الآلات الحديثة، أما المكتبة، فحملت تلك الصفات التراثية من أكوام من الكتب ، لإبراز حالة الزمن، وظهر ذلك في مشهد جلوس نديم، وعم جميل أمام التلفاز في المخزن ، ويحيط بهما أعداد كبيرة من الكتب بعضها فوق بعض، بينما كان مكتب أماني النجار، يميل إلى الفخامة، باستخدام اللونين الأسود والذهبي، مما أضفى نوعاً من الثراء، والرقي على المكان، وهو ما يتواءم مع شخصية أماني.

طه الدسوقي وغادة عادل

كيف واكبت الدراما المصرية، تغيرات العصر؟
و ختاماً، هناك تطور ملحوظ في الدراما المصرية ، حيث أصبح الاتجاه في التأليف، والإخراج نحو المسلسلات القصيرة ، التي تحتوي ١٠ أو ١٥ حلقة ، وهو ما يواكب تحديات العصر ، الذي أصبح يعتمد بصورة كاملة، على السرعة، وسلاسة المادة الدرامية المطروحة، وكيفية صياغتها في صورة مبسطة لعقل المتفرج ، بالإضافة إلى توظيف هذه التقنيات الحديثة، والوجوه الجديدة ، التي تجذب مختلف الفئات العمرية بصفة عامة، والشباب بصفة خاصة، ولا سيما بث هذا الجانب الاعتزازي بالتراث المصري، وفنه الجميل ، وسط هذه التطورات المعاشة ، وفي المقام الأول هو الاهتمام بالقضايا المجتمعية المختلفة ، التي يتعرَّض لها الشباب بشكل يومي، ونشر هذا الجانب من التوعية بصورة غير مباشرة، وإعطاء شعاع الأمل، كما في نهاية المسلسل، بخروج الطفل علي، ونديم، وهذا الضوء الساطع من الباب ، للدلالة على وجود جيل جديد واعٍ بأهمية الاختلاف، والمشاركة، وأنه محترم لمميزاته وخصائصه ، وهو ما يستحضر عبارة لأحد أطفال التوحد عندما قال:” التوحد ليس نهاية العالم، إنه مجرد بداية جديدة”.


★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى