رأي

علاء الجابر: لم تكن الرحلة سهلة!

                نقد x نقد تحتفل بعامها الأول.

علاء الجابر★
ها نحن نستقبل العام الثاني من إصدار مجلتنا (نقد X نقد)، لنطوي (365) يوماً بحلوها ومُرِّها، مفاجآتها وصدماتها، بكل ما تحمله من تفاصيل اقتحمت عقولنا وسكنت أفئدتنا، في رحلة جميلة، رغم كل الصعاب.

كان حلماً، اِستنفذ الكثير من وقتنا في التفكير.. وبعد إنهاء الإجراءات الروتينية الخاصة بالموقع، والتي بدأناها في صيف 2022، تحديداً في أواخر شهر مايو، جاء وقت التنفيذ في شتاء 2023، الأمر الذي لم يأخذ مِنّا وقتاً طويلاً، بفضل جدارة من اخترناه لهذه المهمة .. مصمم المواقع، المهندس المبدع (محمد فاضل)، الذي تعاون معنا بكل محبة واحترافية ، وحوّل تلك الحقيقة، التي كانت مجرد خطوط على الورق، إلى موقع رائع ومتميز .
ومن ثَمَّ، جاء القرار الحاسم في اختيار من يمكن أن يتحمل مسؤولية سكرتارية تحرير الموقع، الذي يرتكز على جناحين أساسيين هما الفن والأدب.. تداولنا بعض الأسماء التي نُعوِّل عليها، لتحَمُّل تلك المسؤولية الكبيرة، فكان أن وقع الاختيار دون تردد، على الناقدة الشابة (رانا أبو العلا) رحمها الله، ورغم اجتهاد رانا الواضح، وتميُّزها في مجال الكتابة النقدية، إلا أنه لم يسبق لها أن تولت مسؤولية عمل يتعلق بالتحرير، أو إدارة مجلة على الإطلاق، لا سيما وأنها مجلة متنوعة، تخوض في جميع المجالات، من بوابة (النقد).
إلا أنني شخصياً كنت على ثقة من قدراتها، لأنني عرفتها جيداً، منذ اللقاء الأول قبل ما يقارب الـ 10 سنوات، حين التحقَتْ في إحدى ورش الكتابة، التي أقمتُها في جامعة عين شمس، ومن حينها لم تتخلف أبداً عن أية ندوة، أو ورشة أقمتُها في مصر، فتعرَّفت على إمكانياتها، ولمستُ التزامها الكبير، سواء بالوقت، أو بكل ما يتم تكليفها به، ومن هنا جاء مصدر الثقة بـ رانا، الأمر الذي شَكَّل لـ سعداء مصدر ثقة أيضاً، رغم أنها لم تكن قد التقت بـ رانا إلا مرة واحدة.
حين تحدثنا مع رانا بالأمر، اِستغربت هذا الاختيار أول الأمر، لكنها لم تتردد بالموافقة، وأتذكر جملتها التي قالتها حينها: “طالما أنتم واثقون أني مناسبة، لتولي هذه المسؤولية، فسأكون على قدرها بإذن الله”، ولم تحنث ابنتي الغالية رانا بوعدها، بل كانت أكبر مما توقَّعنا منها، ورغم أنه لم يكن معها حينذاك، إلا ابنتنا الغالية (خلود عماد)، التي تصدَّت بحماس للأخبار الفنية، بعد عدة أشهر من إصدار المجلة، حيث تحملَّت رانا بكل حب وأريحية وسعادة، كل ضغوطات التأسيس الأولى، إلا أنها لم تَكَلَّ أو تَمَلَّ، أو تتضايق يوماً ما، بل بدأت تستقطب بكل الحب أيضاً، بعض زميلات الدراسة، للكتابة في المجلة، فشكلت فريقاً رائعاً منهن.
كل ذلك بجانب ارتباطاتها الأخرى، كوني كنت قد زكيتها لملتقى المسرح الجامعي من قبل، وأثبتتْ فيه جدارتها الكبيرة، بالإضافة إلى ارتباطاتها بالمهرجان القومي للمسرح المصري، ومن ثَمَّ التجريبي، إلا أن كل تلك الانشغالات لم تجعلها يوماً تؤجل، أوتتكاسل في عملها، بل كانت كلمة “حاضر” تتردد على لسانها بشكل دائم، إلى الدرجة التي صرنا نتندر على الكلمة، محاولين أن نمنعها من تكرارها، لكنها تكررها دائماً، لفرط أدبها والتزامها، فنضحك معاً.

الراحلة رانا أبو العلا تتوسط الجابر والدعاس

بالفعل، تَقدَّمتِ المجلة في مسار تصاعدي مميز، رفقة الإنسانة الجميلة رانا إلى أن اختارها الله سبحانه، لتكون إلى جواره في يوم حزين، بعد أن تركت خلفها أحلاماً وخططاً وضعناها معاً، للقفز بالمجلة إلى أهداف كبيرة؛ لذلك عاهدنا أنفسنا أن لا نُغَيِّبَ دورها ومكانتها، فحافظنا على ارتباطها بالمجلة، عبر اسمها، الذي قرَّرنا أن لا نرفعه من ترويسة المجلة أبداً، ليظل بجانب رجل كان له الدور المميز والفاعل في مسيرة مجلتنا، حيث أسعدنا الحظ أن يكون إلى جوارنا، واحداً من خيرة الرجال خلقاً وأدباً وإبداعاً، أستاذنا الجليل (فؤاد حمدوالدقس)، الذي تَحَمَّلَ مهمة التدقيق اللغوي، فكان خير سند، وخير أمين على اللغة والمجلة، فله كل الشكر والِامتنان والتقدير، والشكر والامتنان موصول للأخ العزيز محمد أبو يوسف الذي اقترحه وزكاه لنا.
اِستطعنا – بصعوبة – تجاوز أزمة رحيل (رانا أبو العلا)، قلب المجلة، بفضل فريق الفترة الثانية الذي مَدَّ لنا – مشكوراً- يد العون والدعم، في تلك الفترة متمثلاً في الشابتين النشيطتين (سارة عمرو) و(مي الدماصي)، صحبة النشيطتين (آية السيد) و(رنا خلف)، فلهن جميعاً كل الشكر والِامتنان.
اِستمرت المجلة بنشاطها المعهود، غير أن الظروف شاءت أن لا تدوم تلك الفترة طويلاً، لتأتي الفترة الثالثة من عمر المجلة القصير، وتتصدى لتلك المهمة الكبيرة، الِابنة الوفية (شيماء مصطفى)، بشجاعة نادرة، ونكران للذات، ودون أن تضع أية شروط أو التزامات، بل ودون أن تطالب بذكر اسمها لتلك المهمة، الأمر الذي ستفاجأ به اليوم، مثلها مثل كل القراء، حين تقرأ اسمها يزين الترويسة (سكرتيرة التحرير) في الذكرى الأولى لإصدار المجلة.
خاضت شيماء تجربة جديدة في حياتها بكل إخلاص ومهنية، فكانت تواصل الليل بالنهار، لتدوم المجلة بذات القوة، التي تمنتها المرحومة رانا، بل وسعت بكل جهدها أن تجمع بين الجانب الإداري والإبداعي، المتمثل في النقد الأدبي على وجه الخصوص، حيث وفي فترة بسيطة، تركت بصمة كبيرة ومميزة في هذا المجال عبر كتاباتها النقدية، التي لفتت انتباه كبار النقاد والأدباء – دون أدنى مبالغة – حيث وصلتني أنا شخصياً إشادات كبيرة بكتاباتها، ونُشِرَت مقالاتها في الصفحات الخاصة بأشهر الأدباء، ولا زالت شيماء مشكورة تقوم بنفس هذا العطاء، والروح الإنسانية النبيلة.
ولا ننسى في هذه المرحلة من كان لنا خير داعم بالمورد البشري المهم، لاستمرار أية مجلة، والمتمثل في ابنتي الغالية (أسماء طارق)، التي لعبت دوراً كبيراً ومؤثراً في إرشاد الكثير من طالباتها وطلبتها المميزين في قسم الدراما والنقد المسرحي في جامعة عين شمس، وحثهم على الكتابة في المجلة، وتشجيعهم الدائم عبر وسائل التواصل الِاجتماعي، فأصبح لدينا فريقٌ مصري رائع ، من خيرة شباب النقد في هذه الجامعة العريقة، بالإضافة للعديد من الكُتَّاب المميزين من تخصصات أخرى، أسعدونا بحسهم النقدي الرائع.
أما الفريق الشبابي الكويتي، فلا أستطيع شخصياً أن أنسى الدور الكبير لرفيقة الدرب سعداء، التي كان لها كل الفضل في تشجيع أبنائها من خريجي قسم النقد والأدب المسرحي، بروح المربية والأم، ليكونوا نواة للمجلة، من الشباب المبدع من الكويت.
شكر وامتنان
واليوم ونحن نحتفل بمرور عام على تأسيس مجلتنا الشابة، لا ننسى أبداً أن نرفع أسمى آيات الشكر والتقدير، لكل من آمن بنا، وساندنا منذ اليوم الأول للتأسيس، مشجعاً وداعماً، ومشاركاً عبر مقالاته، من الزملاء كبار الكُتَّاب والنقاد والمثقفين، وهم كُثُر لا يمكن حصرهم في هذا المقال، لكنهم يعلمون مدى تقديرنا لمنجزهم، واحتفائنا بمشاركاتهم، ومحبتنا لهم، وامتنانا لدعمهم.
كما لا يمكن أن يَمُرَّ هذا العدد الِاحتفالي، دون أن أقدِّم التهاني والشكر لأبنائي الشباب – فرداً فرداً – الذين زَيَّنوا مجلتنا بابداعاتهم الرائعة، وأذهلونا بمواضيعهم المتجددة، التي كان لها صدى كبير لدى متابعينا، رغم الظروف الصعبة للكثير منهم، في الجمع بين الدراسة أو العمل، والكتابة التي تتطلب متابعة للفَعَّاليّات الفنية والثقافية أيضاً، ولذلك قرَّرنا أن يتزيَّن الموقع بأسمائهم، كمحررين لمجلة نقد x نقد بشكل دائم، كما ترون في التعديل الجديد لإخراج المجلة، مع امتناننا للعديد من أبنائنا، الذين ساندونا في المجلة، وكان لهم أدوارٌ مهمة خلف الكواليس، وعلى رأسهم ابنتنا الغالية رودي (رغدة سامي)، التي كان لها دور كبير في إدارة صفحة المجلة على الفيس بوك، لفترة ليست بالقصيرة، إضافة لكتابة العديد من المقالات المميزة، وأسماء أخرى من الشباب، الذين ساهموا بين فترة وأخرى، في الكتابة للمجلة.
كما تأسست مجلة نقد Xنقد بالحب، فإنه يشكل وقودها أيضاً، فلولا المساندة من قِبَل متابعينا وقرائنا المخلصين في كل بقاع الوطن العربي، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه في هذه الفترة القصيرة، لذلك أتوجَّه للقرّاء بأسمى آيات الشكر والِامتنان، مؤكداً للجميع أن نظل كعهدهم بنا، منارة للكلمة الحرة، والنقد الشجاع الجريء، وأن نحافظ على تلك الفكرة النقية، التي التمتعت في أذهاننا قبل تأسيسها، حتى أصبحت واقعاً في الثالث والعشرين من يناير 2023، فلله الحمد والفضل والشكر والثناء، من قبلُ ومن بعدْ.


رئيس التحرير.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى