إذاعة وتليفزيونمشاركات شبابية

شهد إبراهيم: مسلسل”زينهم” ماذا يحدث حين تكون طبيبًا شرعيًّا؟

شهد إبراهيم★
يُعرض حاليًا مسلسل “زينهم” عبر منصة watch it  وقنوات أون، حيث عُرض حتى الآن 18حلقة من المسلسل، وقد شَهِدَ المسلسل تفاعلًا كبيرًا فور انطلاق أولى حلقاته، إذ احتلت كلمات البحث على محرك “جوجل” الصدارة بعد عرض الحلقة الأولى منه، والمسلسل مأخوذ عن مجموعة قصصية تحمل اسم (أصدقائي الموتى شكرًا) للدكتور محمد جاب الله -الذي يعمل كطبيب شرعي- والسلسلة القصصية هذه تقوم على حل ألغاز القضايا الغامضة التي يواجهها أحد الأطباء في أثناء مسيرته المهنية التي يحاول خلالها جاهدًا كشف غموض الجريمة، والمسلسل من إخراج: يحيى إسماعيل في ثاني تجاربه بعد مسلسل ريفو، وتأليف” محمد سليمان عبد المالك”، وبطولة كل من: أحمد داود، كريم قاسم، سلمى أبو ضيف، محمد أبو داود، أحمد الرفاعي، عماد رشاد، ومجموعة من الوجوه الشابة الجديدة.
هل هو رعب؟
على الرغم من أن الجمهور يعتقد للوهلة الأولى من عرض البوستر التشويقي للمسلسل أنه ينتمي إلى أعمال الرعب، إلا أننا نجد  المسلسل (لايت كوميدي) حيث تدور أحداثه حول عالم الطب الشرعي، وحياة الموتى، وتشريح الجثث، ولكن بشكل كوميدي من خلال دخول زينهم  -مدير المشرحة- في مواقف كوميدية متعددة نظرًا لطبيعة عمله، بالإضافة أيضًا لوجود خط رومانسي في حياته، ويثير عالم الجرائم والموت الغامض فضول محبى الدراما والسينما، تلك الثيمة التي لعب عليها مسلسل “زينهم” والتي مكنته من تحقيق متابعة واسعة.

غرض مقدس وهو “العدالة”
يبدأ المسلسل في الحلقة الأولى بعرض الشخصيات للمُشاهد بشكل بسيط للتعرف عليها، حيث نجد أحمد داود يجسد شخصية طبيب شرعي يُدعى (زينهم زكريا) يخفي حقيقة عمله عن والدته التي تخاف عليه، وتحاول أن تجعله يتزوج وهو يرفض، ويبحر في هذا العالم لدرجة تدفعه للتحدث مع الموتى، بداخله يقينٍ تامٍ بأن الموتى لا تكذب، وأن الآثار الموجودة على أجسادهم ستدفعه دائمًا لكشف الحقيقة، وهذا ما يجعله دائمًا يشعر بقيمة عمله وما يقدمه لهؤلاء  الموتى، بالإضافة أنه يعمل دائمًا لتحقيق العدالة، كما أننا نجده يسعى دائمًا إلى كشف قاتل والده، ويشعر بشكلٍ كبيرٍ أنها ليس مجرد حادث طبيعي، ونجده دائمًا يتحدث إليه، ولكن في الحقيقة يتحدث لنفسه، ويسأل ويجيب أيضًا عن نفسه، فوالده ليس إلا صوت يفكر معه إذ كان موجوداً فماذا سيكون ردة فعله أو إجابته على اسئلته؟!  حيث نرى في الصورة التي كان يظهر والده فيها وهو في البيت،  مرتديًا “روب” لتعكس صورة الأمان والطمأنينة له، وكان اختيار أحمد داود في هذه الشخصية اختيارًا موفقًا، حيث جاء أداؤه التمثيلي غير مبالغ فيه بل كان بشكل طبيعي وواقعي وقريبًا من المُشاهد بطريقة تجعله يتأثر به وبمشاكله التي يواجهها في حياته بشكلٍ كبيرٍ، ويفكر معه في حلول للقضايا التي تقابله، وقد كانت جميع ردود أفعاله وانفعالاتها متقنة، حيث شخصية كهذه لديها دوافع انتقام لوالدها، تجعله دائمًا في حالة من التوتر والسير وراء أي خيط مهم يجعله يصل إلى الحقيقة، وهذا ما فعله أحمد داود بشكل مميز ومختلف، بالإضافة إلى ذلك أنه منذ ظهور أحمد داود وهو يتمتع بهبة ربانية، وهي القبول، وحب الجمهور له مما يجعله مناسبًا لهذا الدور ، وقد كانت ملابسه أيضًا كلها بنفس الموضه قميص وبنطلون معبرة بشكلٍ كبير عن شخص تعدى سن الثلاثين، وقد ظهر في صورة  وزن زائد “الكرش”   كمبرر درامي لحبه الزائد للفول الحار، وأنه يأكله بشكلٍ يومي في الإفطار.
رومانسية في  المشرحة.
تصادف زينهم فتاة تُدعى “جميلة” و تنشأ بينهما علاقة صداقة، وهي شخصية تعاني من مشاكل نفسية بسبب إهمال أهلها لها، وعدم سماعها، كما أنها لديها حلم تريد أن تحققه وهو أن تصبح مُصورة، والتي تجسد شخصيتها سلمى أبو ضيف، التي قدمتها بشكل مختلف عن أعمالها وشخصيتها السابقة، وقد استطاعت في الموسم الرمضاني لعام 2023 أن تخرج من إطار الشخصية الرقيقة التي حُصرت فيها، وشخصية “جميلة” فتاة بسيطة تعمل لتستطيع أن تنفق على نفسها، بعد أن تركت أهلها، وكانت جميع أداءات سلمى أبو ضيف واقعية وعفوية، خاليةً من أي مبالغة أو تصنع، بل كانت بشكلٍ كبيرٍ تمثل جزءًا كبيرًا من طبيعتنا، وردود أفعالنا، ونجدُ ذلك بشكلٍ واضحٍ في مشاهدها مع “زينهم” وطريقة كلامها وانفعالاتها عليه.


دكتور المشرحة الجديد.
يستقبل زينهم دكتور المشرحة الجديد دكتور “جيمي” الذي يقوم بدوره كريم قاسم ، والذي يخاف من طبيعة ذلك العمل، ويحلم أن يصبح طبيب قلب، ولكن حظه أرسله لمشرحة الطب الشرعي،  بعد فترة قليلة يفهم طبيعة العمل، بل ويحبه و يشعر بمسؤولية كبيرة اتجاه الموتى، وقد أتقن كريم قاسم هذه الشخصية التي أعتقد أنه لم يسبق له أن قدم  مثلها من قبل، وقد كانت ملابسه أيضًا “كاجول” مختلفة بشكلٍ كبير عن ملابس شخصية “زينهم” نظرًا لفرق العمر بينهما.
وقد أصاب المخرج يحيي إسماعيل في اختياره لذلك الثنائي، فالهارمونية التي نشأت بينهما، لعبت دورًا مهمًا في الكوميديا وفي تألق الأداء التمثيلي، بالإضافة إلى عناصر أخرى لعبت دورًا مهمًا في تعزيز الأجواء الدرامية، مثل الإضاءة والمكياج، والديكور، فعنصر الإضاءة تمثل لنا بشكل متقن في المشرحة، فكانت الإضاءة خافتة نوعًا ما مكونة من مجموعة مصابيح تتركز اتجاه الجثة المراد تشريحها، أما عن المكياج فقد كانت مكياج جميع الجثث واقعيًا جدًا، وكأنها جثة حقيقية، وعن الديكور فيتمثل لنا في المشرحة أيضًا حيث الجدران المتأكله نوعًا ما، و شكل مكتب “جيمي” المنظم دائمًا الذي يشبه شخصية جيمي الهادئة والمنظمة.

أداء تمثيلي يخطف الأنظار

ليس شرطًا أن تكون اللغة للكلام وحسب بل هناك: لغة صمت، لغة للجسد، ولغة العيون – أهم لغة على الفنان أن يتقنها للوصول إلى قلب المشاهد- ولو اتجهنا للأداء التمثيلي لأحمد الرافعي فقد فاجئني أداؤه الكوميدي وفي نفس الوقت الشخص الجاد وكيل النيابة، وقد أبرز قدرات جديدة لديه تجعلني أجزم أن هذا الممثل لديه قدرة تمثيلية رائعة بل ولديه أيضًا ذكاء في اختيار الشخصيات المختلفة التي لدى معظمها شكل وهيئة بعيدة عن شكله وهيئته فجعل المتلقي يصدقها تمامًا ويتفاعل معها وبكل ما يتعرض له، وهذا ما شاهدناه من قبل ردود أفعال الجمهور على الحادث الذي تعرض له في المسلسل نتيجة لمنصبه، كما أن هناك أيضًا الفنانة (هناء الشوربجي) والتي يمتاز تمثيلها بالعفوية فتجذب انتباه المشاهد نحوها، وكنت أنتظر مشاهدها مع أحمد داود لأنها تسعدني على المستوى الشخصي في علاقتها كأم مع ابنها، فهي تشبه جميع أمهاتنا في تعبيراتها وكلامها وخوفها على أبنائها.


دعم القضية الفلسطينية
ناقش المسلسل أيضًا الأحداث الواقعة في عصرنا الحالي مما جعله أقرب للجمهور، مثل مشكلة الكهرباء، وتخفيف الأحمال على سبيل المثال، وأيضا كان داعمًا بشكل ما القضية الفلسطينية، حيث نرى “جيمي” في مشاهد كثيرة  يأكل منتجات خارج المقاطعة، أيضًا في مشهد ظهر وهو يفتح ثلاجة البيت و بداخلها مشروبات خارج المقاطعة، ونرى في مشهد آخر “جميلة” وهي تسير على البحر وقد كُتب على حائط بجوارها  “فلسطين ليست محتوى غزة تموت”  لتنظر لها وتبتسم.
وفي الحقيقة أننا ومنذ أول حلقة كنا منحازين إلى هذا العمل الدرامي البسيط، حيث  نجح في البداية وحتى الآن في أن يدفعنا كي نتأثر بالشخصيات ودوافعها، بالإضافة إلى أنه عملٌ كوميدي خفيف لا تمل من مشاهدته، بالإضافة إلى تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، وأنها ما زالت حاضرة  في الكثير من المشاهد وهو ما يُحسب لصناع هذا العمل.


طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى