ساره عمرو: “وش وضهر” عرض جميل لو ابتعد عن التقليدية!
ساره عمرو ★
عُرض على مسرح الحياة ببولاق أبو العلا في الفترة مابين ١١-١٢ سبتمبر الجاري العرض المسرحي ( وش وضهر)، تأليف وإخراج ياسر لطفي أبو المجد.
يناقش العرض في إطار كوميدي، الضغوطات المجتمعية والنفسية، التي ينغمس فيها الإنسان ناسياً حياته ككيان على أرض الواقع، فيجد نفسه إما مجنوناً في مصحة لمحاولة فهمه للأشياء، أو فاشلاً وعاجزاً لعدم نجاحه في الحياة.
حاول المخرج إبراز تلك الفكرة، من خلال توظيف العديد من العناصر، ومنها الديكور ل (خالد فاروق)، الذي كان لافتاً، تكوَّنَ من عقل الإنسان، متفرعاً منه أنسجة عديدة، تمثل الضغوطات التي تحتوي العقل عنوة في الحياة، فيصبح إما مقيداً، أو خاضعاً، و زاد الأمر تأكيداً، الإضاءة ل(عمرو بسيوني)، التي جاءت مزيجاً بين الأزرق والبنفسجي، الذي خلق حالة نابعة من داخل الإنسان، تهيئ المتفرج للحالة الخاصة بالعرض، وهي المكان الذي تدور فيه الأحداث (المصحة)مما خلق حالة سينمائية حية، على خشبة المسرح، وبرغم تناغم الإضاءة في الخلفية، إلا أن إضاءة أجساد الممثلين لم تكن موفقة، فظهرت كفاصل لوني بين العمق والمقدمة، مما خلق خللاً في سينوغرافيا العرض على المستوى البصري .
حاول المخرج إبراز القضية، من خلال بعض المواقف المحكية على لسان شخصيات المصحة، وعلى رأسهم، شاكر حامد (لعب دوره طارق سيف الدين)، والذي يحمل اسمه، مفارقة تنبثق من صفة الشكر والحمد، فبرغم ما يتعرض له الإنسان في الحياة، إلا أنه يظل دوماً شاكراً وحامداً، ولكن دلالة الاسم تقنية قديمة نوعاً ما، كان الغرض منها، تحقيق الكوميديا، لكنها لم تكن موفقة، فتقليديتها جعلت من الاسم شيئاً عادياً لدى المتلقي، وبرغم نجاح الممثل في تأدية دور البطل، إلا أن نمط الشخصية، و نمط الأداء نفسه، به نوع من الكوميديا والمبالغة الساخرة المتكررة، وهو نمط معروف قديم،لم يكن له داع، و كان من الممكن أن يقدم بشكل واقعي، فتخلق الشخصية بهذا الأداء، كوميديا مختلفة، لأنها واقعية.
تتوالى الأحداث، فنكتشف أن البطل يسرد لطبيبته، خط حياته، والسبب الذي أوصله المصحة “ضغوطات الحياة”، هو موضوع مهم للمناقشة، ولكن يختلف معناه لدى الجمهور في التلقي في شكل طريقة التقديم، فلم تُقدَّم الفكرة بشكل جديد، بل كانت تقليدية جداً، على مدار الخط الدرامي، تراوحت بين سرد ضغوطات العمل و الطموح و الزواج والأسرة، وهي حكايات نمطية لا جديد بها قدمت في أكثر من عمل سابق، بالإضافة إلى عدم إحكام الحبكة بشكل قوي، فلم تكن كل المشاهد واضحة لدى المتلقي، وقد يعود سبب ذلك إلى الانتقالات غير المتزنة من مشهد لآخر، كما ان الخط الدرامي كان به مشاهد لو حذفت لن تضر، كمشهد السيدة، التي اكتشفت قتل زوجها، وكانت ترتدي الأحمر كمفارقة على الإعدام، وبرغم اتضاح انها تمثل معاناة النساء في المجتمع العربي، إلا أن المشهد لم يكن واضحاً كفاية، وبالتالي جعل وجودها زائداً .
كان هناك خلل في تكوين بعض المشاهد، كمشهد الحضرة، فلو كان المؤدون خلف البطل كمجموعة مع وضع إضاءة خضراء لمثل الطقوس، لكان مشهداً أجمل، وفي مشهد الفتاة التي تخرج للغناء كنوع من أنواع التعليق في بعض المشاهد، كان أداؤها متكرراً في الحركة مع قطف الوردة، والنظر للجمهور، و كان من الممكن أن يكون أفضل، لو كانت تتحرك بسلاسة بين الممثلين، تاركة الوردة، محاولةً الاختلاط بهم دون إدراكهم.
مفارقة “وش وضهر” ترجع لفكرة الماضي والحاضر، وهي في العرض ظهور البطل شاكر حامد، ب ( الوش) وهو الشخصية المتقدمة في العمر، والذي يمثلها الأستاذ معتز السويفي كضيف شرف، و(الضهر) يمثله الشاب طارق سيف الدين ، وبرغم بروز الفكرة، إلا أنها لم تكن واضحة درامياً.
وختاماً، ورغم كل الملاحظات الفنية، التي ذكرناها ، يبقى عرض “وش وضهر” في مجمله، عرضاً عائلياً لطيفاً، كان سيكون جميلاً متكاملاً، لو خرج من عباءة التقليد والكلاسيكية البحتة.
العرض المسرحي ( وش وضهر) اخراج وتأليف ياسر لطفي أبو المجد، مخرج منفذ و تصميم إضاءة عمرو بسيوني، سينوغرافيا خالد فاروق، أشعار أحمد الشاذلي، مخرج مساعد وفوتوغرافيا إيهاب الطويل، تصميم بوستر محمد شيكا، تمثيل، ضيف شرف الأستاذ معتز السويفي، طارق سيف الدين، مروة امام، اسلام أنصاري، مريم مسعد، وليد الديب، منى حشيش، علاء السيد، عبده حامد. |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
★ ناقدة – مصر.