مسرحمشاركات شبابية

أسماء طارق: (شيزوفرينيا).. من المذنب ومن الضحية؟

أسماء طارق★

على مسرح السلام، وضمن عروض المهرجان القومي  للمسرح المصري، يقدم  فريق ” بداية تيم المسرحي” عرض (شيزوفرينا).

 عنوان العرض يبين، أننا بصدد دراما نفسية، لكننا لانعلم هل هي بقالب الكوميديا، أم التراجيديا، أم بكلا القالبين؟

أشباح الماضي

يبدأ العرض المسرحي بمشهد يصارع فيه البطل ” آدم ” مجموعة مهاجمين في قالب استعراضي، يمكن اعتبارهم أشباح الماضي، أو صراعاته النفسية والذهنية، وهذا المشهد يمكن ربطة بتقنيات السرد السينمائي، عندما يبدأ بمشهد تمهيدي، ومن ثم تبدأ أحداث الفيلم مع وجود خاصيتي ” flash back  ” و ” plot twist “، وتبدأ أحداث العرض بعد هذا المشهد، وتظهر لنا أسرة مكونة من أب وأم وابنة وابن، ويحدث شجار بين الأب والأم أمام الأبناء، ونعرف أن سبب المشاكل بينهما،  تدني الوضع المادي لديهم، وتقليل الأم من شان الأب، الذي يعمل مؤلفاً، وهذه المهنة ليست قادرة على تحسين وضعهم، وبالطبع ضحايا هذا التفكك الأسري، هم الأبناء.

انقلاب الأحداث

مع متابعة العرض، تنتقل بنا الأحداث وتنقلب رأساً على عقب في حياة آدم الابن بعدما أصبح شاباً، ونعرف أنه متزوج، وأنه يمتهن مهنة أبيه التأليف أيضاً، وأن زوجته قد تركته، ولكن بعد عودتها له يصل الصراع لذروته ، حين تكشف لنا أن آدم يتوهم وجود أسرته، وهم في الأساس متوفون، وحين يأتي الطبيب لتشخيصه، يكشف له أنه مصاب بمرض ذهني ونفسي، وهو” الشيزوفرينيا “وينتهي الأمر بقتل آدم لزوجته بغير وعي، ومن هنا نرى من خلال خاصيتي ” flash back  ” و ” plot twist” أنه أثناء شجار الأب مع الأم، قام الأب بقتل الأم والابنة، ثم قام بالانتحار، وتتضح لنا الرؤية أكثر، وندرك أن آدم ما هو إلا ضحية ماضٍ مؤلم، لم يتمكن من الفرار منه، بل دفعه لتكراره، ولكن دون وعي، وقد لعبت الإضاءة دوراً مهماً في الانتقال بين مشهد وآخر، وفي توظيف الفلاش باك، وتم توظيفها جيداً في المشاهد، التي تصاعد فيها الصراع، ومشاهد الانهيار النفسي، والمونولوجات.

مبالغة

 الأداء في هذا العرض يتأرجح بين القوة والمبالغة الشديدة، ولم يكن الأداء بحاجة إلى هذه المبالغة، نظراً لطبيعة  العرض، من حيث كونه أداء درامياً كلاسيكياً بالفصحى، فبالطبع انجرف الأداء لمسار المبالغة، ولكن في الوقت ذاته تمكن فادي وهيب” آدم” من أداء لحظات الانهيار، والصدمات، والانفعالات، ويبدو أنه على وعي بمريض الشيزوفرنيا، وتميز أداء باقي الممثلين، بقوة الصوت وتجسيد الانفعالات، ولكنهم بالغوا في بعض الأحيان، وبالفعل كان العرض ممتزجاً بقليل من الكوميديا، ولكن الغالب كان القالب النفسي التراجيدي، ولم يستخدم العرض ديكورات كثيرة، حيث اكتفى بمنظرين، هما منزل الأسرة، الذي يعطي  انطباعاً عن مكانتهم الاجتماعية المتوسطة، ومنظر محاكمة آدم بعد القبض عليه، حيث اكتفى المنظر بكرسي الاتهام فقط، بالإضافة لتوظيف بعض الديكورات بشكل يعطي دلالات معينة، مثل الكرسي الهزاز، الذي كان يجلس عليه الأب ثم اختفي من عليه، وهي دلالة توضح لنا عدم وجوده إلا في ذهن آدم، بالإضافة للملابس والبعد الفيزيقي، فبعد الانتقال بالأحداث والزمن، نجد أن الابن أصبح شاباً، ولكن الأب مازال على هيئته القديمة، أي لم يتقدم في العمر، ولم يغير ملابسه، مما يؤكد أن الأب كان مجرد شبحٍ يهاجم ابنه، ومن أبرز العناصر، التي تم توظيفها بشكل متقن، لتحاكي الحالة النفسية لآدم، عنصر الموسيقي والأغاني، التي تم وضعها في الخلفية، مثل الأغنية الفرنسية لداليدا ” je suis malade  ” فهي أغنية حزينة، لها بعد معاناتها النفسية.

حتى لا نشعر بالملل

تتميز العروض الدرامية النفسية بجذب الانتباه، خاصة عندما تناقش مرضاً بعينه، ولكن كان من الممكن توظيف العرض باللهجة العامية، لتقترب لنا أكثر، بالإضافة أن العرض كان من الممكن اقتصاص أحداث كثيرة، لعدم الشعور بالملل، ولكن النقلة في الأحداث هي النقطة، التي أنقذت العمل، وساعدت على الرغبة، في معرفة النهاية.

شيزوفرنيا

تأليف: محمود حمدي، إخراج:  شادي نادر،  تمثيل: شادي وهيب (آدم)، مينا سمير (الأب)، دميانة أمير (الأم)، جومانة فيكتور (الطفلة ماري)، ماثيو ماجد (الطفل آدم)، يوستينا هشام (فلورا)، يسي ميخائيل (العم فرانك)، دانيال نبيل (د. واتسون)، شادي إسحاق (د. فرانسيس)، توني ملاك (الضابط سلندر)

إعداد موسيقي: بيشوي شريف، إضاءة: محمود الحسيني كاجو،  وديكور: كيرلس ناجي، أزياء واكسسورات: ماريان ميشيل، مكياج: مارينا برزي، إستعراضات: محمد بحيري، مخرج منفذ:  أحمد شعبان،  مصحح لغوي: صابر عادل، إدارة خشبة: كريم سمير- بيشوي حنا، بوسترات ودعايا: مينا فايز-أمير جميل،  مكان العرض: مسرح السلام.

ـــــــــــــــــــــــ

★ كاتبة ــ مصــر

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى