مسرحمشاركات شبابية

رنا أحمد: (عادلون).. هل نحن ثوار أم قتلة؟!

رنا أحمد خلف★

تطل فرقة بورسعيد الإقليمية، بمسرحية “عادلون” عن رواية الأبرار، لـ “ألبير كامو” ضمن عروض المهرجان القومي للمسرح المصري.

يدور العرض حول خمسة رجال وفتاة، يطلقون على أنفسهم “المنظمة الاشتراكية الثورية” يقومون بمهمات اغتيال، معتقدين أنها تخلص العالم من الظلم، وجعل بلادهم تنعم بالسعادة، فكل منهم له أفكاره الخاصة، التي تشجعه و تكون هي الدافع وراء ما يريد أن يحققه من أهداف.

يضَّحي اثنان منهم بنفسه، ويقبل أن يقبع في سجن المُحتل، ليهرب الآخر، على أساس أنه العقل المدبر للمنظمة، ولكن ما حدث هو أن أحد الجنود قتله بالخطأ، ليمر في باقي العرض، على أنه شبح يراه صديقه، الذي أنقذه، وضحَّى بنفسه من أجله.

أول الثوار، أو هكذا يطلقون على أنفسهم، هو بوريا، رئيس المنظمة، يظهر طوال العرض، كشخصية قيادية قادرة على التحكم في الجميع، واتخاذ القرارات من أجلهم، حتى وإن كانت قرارات مصيرية، وهو دائماً ما يفصل في الخلافات بين أعضاء المنظمة ، الدافع وراء وجوده في المنظمة، ليست مثل دوافع باقي الأعضاء، تحقيق العدالة فقط، لكن في منتصف العرض، نكتشف تعرضه من المحتلين في يوم زفافه إلى حادث أليم، تسبب في موت زوجته، وشعورة بالعار والخزي.

(أليكس)، هو العقل المدبر للمنظمة، ولكن لا يظهر ذلك في العرض، فهو يشعر بالحزن، لأن زميله مات حتى ينقذه، وكذلك الخوف مسيطر عليه طوال العرض، مما يحدث حوله، ومن مشاجرات أصدقائه، ومن تنفيذ العمليات المكلف بها، يظهر وكأن عقله غير واعٍ.

(ستيفان)، يظهر في العرض كشخص عصبي، لا يملك مشاعر، وأن غضبه هو ما يحركه، يقف ضد باقي أفراد المنظمة في رفضهم إلقاء القنبلة في وجود أطفال، مبرراً أنه إذا لم يمت الطفلان الآن، سوف يموت الكثير من الأطفال فيما بعد، يتفق مع بوريا، في أن الدافع وراء انضمامه ليس تحقيق العدالة فحسب، بل أيضاً غضبه مما تعرض له من تعذيب في السجن، على يد هؤلاء المحتلين.

(يانك)، يُعرف بالشاعر أيضاً، دائماً ما يتحدث عن حبه للحياة، و رغبته بتحقيق العدالة، ليعيش الحياة التي يحبها، يحب الشعر أيضاً، و يرى أنه لون من ألوان المقاومة، يعيش قصة حب مع الفتاة الوحيدة في المنظمة، يظهر تردده بين مفهوم واجبه تجاة الثورة، وواجبه الإنساني، عندما لم يُلقِ بالقنبلة، عند اكتشاف وجود أطفال في عربة الدوق.

(دورا)، الفتاة الوحيدة في المنظمة، تحب يانك ودائماً تحاول أن تتحدث بالمنطق، و تراعي مشاعر الآخرين، تعامل أليكس على أنه طفل وهي أمه، دائماً تحاول أن تراعيه، و تهدئ من خوفه.

هذا بجانب الجنود الذين يتواجدون في العرض، وهم جنود تابعون للجهة المحتلة.

(رئيس الشرطة)، بداية ظهوره بجانب يانك في المعتقل، أوهمه أنه سجين حتى يستطيع أن يعرف منه معلومات عن مخططات المنظمة، وباقي أفرادها، أوهمه أن اسمه جوجا، وأنه تعرض للتعذيب في السجن، لأنه مجرم، فهو رفض أن يطلق على نفسه ثورجي ، ولكن عند الحديث مع يانك، أفصح عن هويتة الأصلية، لأن كلام يانك، اِستفزه، وجعله يشعر بالغضب، حين أخبره أنه لا يفهم كيف يفكرون من يطلقون على أنفسهم لقب “ثورجية” ، شخصيته عنيفة غاضبة، صوته قوي وعالٍ دائماً، كأنه، لا يحب أن يُسمع صوت غيره، يقوم بعمل حيلة على يانك، ويضغط على مشاعره الإنسانية بأن يوهمه، أنه لم يفجر العربة بالدوق فقط، بل بالأطفال أيضاً.

تم استخدام الموسيقى التصويرية كثيراً طوال العرض، بل كانت مسيطرة على معظم حديث الممثلين، لإضفاء شعور الحزن الدائم.

الإضاءة، كانت معظم الوقت خافتة، للتعبير عن الجو النفسي، للعرض المليء بالحزن والموت والقتل ، والتأكيد على فكرة رؤية الممثلين دائماً أحلامهم، حين يتخيلونها مليئة بالدم، بل هم فقط يرون الدم.

لا أحد في الدنيا يعلم من هو على صواب، أو من المخطئ، ولكن من المؤكد أن الأطفال والمظلومين، لا يمكن أن يكونوا وسيلة يتم التضحية بها، في سبيل تحقيق ما يُعرف بـ “العدالة”.

عادلون

تأليف: ألبير كامي، إخراج: أحمد يسري، إعداد: خالد توفيق، محمد رزق. تمثيل: مصطفى العوضي (في دور بوريا)، مصطفى ناصر (في دور ستيفان)، إبراهيم هيكل (في دور أليكس)، أحمد سعد (في دور يانك)، ليلى عبد القادر (في دور دورا) محمد رزق في دور (رئيس الشرطة)، ساجد النيلي.

تصميم ديكور وملابس: إسلام جمال، تصوير وجرافيك: عمرو ميكانو، مخرج منفذ: عبد الرحمن خلاف، مخرج مساعد: عصام محمد.

ـــــــــــــــــــــــ

★ ناقدة ــ مصــر

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى