إذاعة وتليفزيونمشاركات شبابية

محمد القلاف: عودة الفنانين الكبار.. ميزة أم هيمنة؟

محمد علي القلاف★

كوننا جزءاً من الحياة الفنية، ليس كنقاد فقط، إنما كمتابعين، فقد شهدنا في الأعوام الأخيرة، عودة حميدة للممثلين القديرين الكبار إلى الساحة الدرامية، والثقافية، مما أعطى انطباعاً جيداً لدى الجمهور، الذي كان يسأل عن غيابهم، وعدم مشاركتهم، أو حتى وجودهم في الأوساط الفنية، فكان يتمنى مشاهدة أعمالهم، التي حن إليها في السابق، والتي كانت تخلق له البهجة والسرور والمتعة.

فقد رأينا في الدراما الخليجية والعربية على سبيل المثال الكويتية، والسورية، وبقية الدول أن حضور الكبار بات واضحاً، سواء تواجدهم في المسلسلات، أو المسرحيات، ودورهم المهم في التمثيل، بل حتى المخرجين، والمنتجين أصبحوا يرون ضرورة الاستعانة بهم في إنتاجهم الفني.

والإشكالية في عودة الكبار، هل تعتبر شيئاً محموداً، أم يدل على المفقود؟

نجيب على ذلك أن حضورهم هو محمود بالتأكيد، ولكن بنفس الوقت هو أمر غير جيد لهم، وللممثلين الشباب، والمستقبل، إن حضورهم يفترض أن يكون ثانوياً، أو هامشياً، وليس رئيسياً، لأنهم سوف يسحبون البساط  ممن حولهم من الشباب، قد يقول قائل إن وجودهم استفادة من خبرتهم، ولكن  الواقع  ليس كذلك، إنما ما نراه بشكل عام بالمسرحيات، أو بشكل خاص في المسلسلات، غير ذلك، إنما الاضاءة، والصورة، والتركيز، أصبح لدى الكبار، وهذا ما لمسناه من المسلسلات في دمشق كـ (زقاق الجن) الذي مثل فيها الممثلون المخضرمون أيمن زيدان، وشكران  مرتجي، وأمل عرفة، وفي (أخيراً) منى واصف، وتمثيلية أخرى تمثل فيها نادين خوري، وأما في الكويت لدينا (منزل ١٢) الذي يمثل فيه الممثل القدير سعد الفرج، و(البوشية) عبد الرحمن العقل، وجاسم النبهان وغيرهما، و(مجاريح) سعاد عبدالله، و(قرة عينك) حياة الفهد، والممثلة البحرينية سعاد علي، والكثير من المسلسلات، والممثلين، الذين لا يمكن إحصاؤهم.

هنا نجد كيف طغى حضورهم على حضور الشباب، فالجيل الحالي تغيرت لغته، ومفاهيمه، فما عاد يستوعب الأداء السابق، وهذا ما تبين في أداء أيمن زيدان في دوره للشخصية المسيطرة والقوية كعادته في أدواره السابقة، وهلم  جراً  لبقية الممثلين  الكبار، لذا كان يفترض أن يكون دورهم ليس رئيسياً، سواء بالتمثيل، أو في البوسترات، مثال على ذلك، الممثل الكبير روبرت دي نيرو في فيلم “Joker” على الرغم من خبرته، وقوة أدائه، وتاريخه، إلا أنه حضر في مشهد صغير، فلو كان دوره رئيسياً لكان هو المهيمن على الأجواء، والجوكر لم يكن له دور قباله.

لقد دق ناقوس الخطر في عدم ولادة جيل غيرهم، وهو له مسببات متعددة، نذكر منها، ندرة الكُتَّاب، وعدم تواجد جيل يحمل  الأمانة والإرث السابق، ويكون بديلاً عن الكبار، أو مكملاً لهم، لذا ما نشاهده ليس فقط مقتصراً على التمثيل،  أي في الدراما،  بل على جميع الأصعدة، سواء في برامج الرياضة، التي حنت لقدامى الرياضيين، فاستضافاتهم في القنوات الرسمية، كما حصل أيضاً في الفواصل الاعلانية، حيث الحنين للذكريات القديمة، وهذا يدل على الواقع المرير، الذي نمر فيه من عدم إيجاد أفكار جديدة مختلفة إبداعية، أو إعطاء دور مهم، ورئيسي للجيل الحالي، الذي ورث الفن، فأصبحت المسؤولية كبيرة عليهم.

لذا فإننا نوجه رسالة للممثلين المخضرمين الكبار، ونتمنى أن يخصصوا خبرتهم، وتجربتهم، ليكون لها دورها التوجيهي، والتعليمي، لتشجيع الجيل الواعد الشبابي، وإبرازهم للمجتمع، وتقديمهم بأجمل صورة، لكي يتعرف عليهم الجمهور، ويتابعهم ويشاهدهم، ويتذكرهم، فمهمة النجوم الكبار اليوم، كمهمة الكشاف الرائد، الذي ينير الطريق للشباب، ولا يحجب الأنوار عنهم.

ـــــــــــــــــــــــــ

★ ناقد ــ الكويــت

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى