رواية

عادل الغماز: هيام صالح تحلق فوق عش الخفافيش!

عادل رمضان السيد الغماز ★

– الساعة تقترب من الخامسة مساءً، يرن جرس التليفون، ألو من معي؟

أخوك علاء أبو خلعة

الشاعر علاء أبو خلعة حبيبي ..خير.. خير…إن شاء الله

– الدكتورة هيام صالح، تريد أن تأتي إلى رشيد لتشاهد مصب نهر النيل، والتقاء النهر بالبحر، وهي موجودة الآن في مرسى مطروح، وستركب إحدى السيارات لتحضر عندك، وأرجو منك الرعاية والاهتمام، طوال فترة التواجد عندكم في رشيد.

– أمرك يا كبير.

– على فكرة الموضوع سيكون عليها صعبا جداً، سفر طوال الليل من مطروح لرشيد، في الغالب ستصل إلى رشيد في الساعة السابعة صباحاً؛ إذا كان الطريق والرحلة ممهدة إن شاء الله.

– تصل الدكتورة هيام صالح إلى رشيد، عليها ملامح أهل الصعيد تتسم بالقوة، والصرامة، وروح المغامرة، والنحت في المجهول، تستريح قليلاً، وترفض النوم قبل أن تصل إلى آخر النهر.

الوقت صعب، والأمطار تسقط، والجو برد قارس، تهدأ، تأكل قليلاً من الطعام، يغلب عليها النوم؛ فتنام قليلاً، تستيقظ، ألتقيها، فتهديني روايتها (الدهابة) 2015، مرت سبع سنوات، ويأتي اليوم، لترسل إليّ روايتها الجديدة – طار فوق عش الخفافيش- وهنا أقف لأتأمل الفترة الزمنية بين ميلاد الدهابة، وطار فوق عش الخفافيش، أذهب بعيداً ما بين الدهابة، والوصول إلى عش الخفافيش، ويطغى على سمعي مقولة تخرج كل صباح (إحنا فقرة أوي- مفيش – أجيب منين- ومقولة أخرى ـ أيوة أبني، وحا أبني وأبني) ومدخل تصادمي، ص5 (نادى المنادي في يوم العيد الفقري فقري، والسعيد سعيد) ومجموعة من شباب جامعي حاضر من بعد يناير 2011 مع الدهابة 2015 إلى الإصدار التاسع في الجمهورية الجديدة 2023 بعد ثورة ثلاثين يونيو – طار فوق عش الخفافيش-

قبل الشروع في تحليل رواية – طار فوق عش الخفافيش- لهيام عبد الهادي صالح، يجب أن نسجل بعض المواقف لنقف على أرض راسخة:

أولاً- يصبح النص الإبداعي منفصلاً عن مبدعه، بمجرد ما يضع مؤلفه حرفه الأخير، ومن هذا المنطلق يحق للمتذوق، أو الناقد أن يتعامل مع النص الإبداعي على أساس أنه إبداع لغوي بغض النظر عن صاحبه، والظروف الشخصية له.

 تبدأ الرواية بـ – عنوان مثير للشهوة، وتعطش للانطلاق، بما يوحي بالإثارة، والصعود، والسمو على المكان بما فيه من هذا المخلوق ذي الأسطورة السحرية، الذي لا يظهر إلا في الظلام، وهذا التركيب اللغوي بصيغة منتهى الجموع، كما يطلق عليه المعجميون.

– والفعل الماضي الراسخ في تمام الحدث، والمثير للكشف، والصعود للمجهول بفعل الطيران، وهو الفعل الثلاثي الدال على الدوران والحركة، والسؤال من الذي طار؟ وما الهدف من الطيران؟ ولماذا فوق هذا العش؟ المثير للمجهول والغموض؟ كلها أسئلة كاشفة مشروعة للوصول إلى أغوار أبطال الرواية.

ثانياً – إهداء يتصدر إلى ملهمها الأسواني صاحب السمات الأصيلة المصرية بحضارتها المتفردة التي لا ترجو جزاءً ولا شكوراً، إلى الأخ والصديق: سليمان البارودي، أتحسس رأسي هل حقاً؟!

ثالثاً- والرواية هي عبارة عن قصص لمجموعة من الشباب في مقتبل العمر، وبناء الحلم.

– تتصدر البداية منضدة بقاعة الاحتفالات بكلية الآداب، وصحبة الكلية ( منياوي، رأفت، سعد، سمير، عادل، دعاء، شاكر، شعبان، دكتورة سماح) ذات الدلالات المختلفة من الرأفة والسعد والعدل والشكر والسماحة)، إنها البداية – نادى المنادي في يوم العيد بالتراث الشعبي الضارب بجذوره في يوم العيد الفقري فقري والسعيد سعيد، والسرد المناسب كالياقوت والمرجان، وحلم الثروة، والسيارة، والقصر، والعروس.

والرواية: هي حياة كل فرد فيها يبحث عن وجوده ، وحلمه أحقيقي هو أم وهم؟

سأحكي لكم، ص9.

دعاء: ماذا حدث؟ قالت بحرقة:

– الجرو .. تزوج.

– ومن المعلوم أن الحدث وحده لا يكفي لبناء العمل القصصي، بل لابد من وجود الشخصية التي تدور معها الرواية أو حولها، فالشخصية هي الكائن الإنساني الذي يتحرك في سياق الأحداث، وهي لا تنمو إلا من وحدات تصنع منها الجمل، التي تنطقها، أو ينطقها الأخرون.

وأنت يا شعبان؟

 قال: – مستورة معنا زرعنا، ومواشينا ص30

  • قال سعيد:

(اجتمع المتعوس على خائب الرجاء).

قال سمير:

  • من المتعوس؟ ومن خائب الرجاء؟ ضحك الجميع.

قال سعد لسمير:

  • اِحْكِ يا فقري. قال سمير:

…………………………….

  • سعد:

الزئبق الأحمرغذاء الجان حارس المقابر الفرعونية، لحسة منه تعيد للجني شبابه، ويفتح لك الكنوز.

يتضح من القول السابق أهمية الشخصيات في العمل الروائي، ومدى تأثيرها في الحدث الروائي، الذي هو ثمرة من ثمرات تنبض بالحياة، والنماء، والصراع، وتنوع الدلالات، حتى من يبدو هامشياً، أو ثانوياً بالقياس لغيره، يؤدي وظيفة كما يقول: “رولان بارت”

هنا نقول: إن كل الأسماء المسندة لشخصيات الرواية، مخططة تخطيطاً فنياً ودلالالياً، لا مجال فيه لمنطق الصدفة، ولا يمكن دراسة أسماء الشخصيات، بمعزل عن البنية الوظيفية، والدلالية لها داخل النص (منياوي، رأفت، سعد، سمير، عادل، دعاء، شاكر، شعبان، دكتورة سماح) ذات الدلالات المختلفة من الرأفة والسعد والعدل والشكر والسماحة.

يستمر السرد الشائق، الذي تنفرد به هيام صالح مع الحبكة الدرامية، بين الواقع والخيال، والحلم والحقيقة، والكنوز وعلف المواشي، وأسعار المواشي في التراب.

  • ضحكنا ضحكنا ضحكنا، والقطار يتحرك، ونحن نلوح لدعاء… النهاية

ويدور الفهرس ما بين حكايات السعداء، منياوي، وعادل، ودعاء، ورأفت، وسمير، وديك الجن، وسماح، وشاكر، على مساحة تصل إلى (212) ص من الحجم المتوسط.

     –   الكاتبة في سطور

  • طبيبة بيطرية من أسوان بجمهورية مصر العربية
  • وهي عضو عامل باتحاد كتاب مصر، صدر لها:

 “عيناه ترحل بعيداً للقمر”99″ للجبل أغانٍ أخرى”2001″زهرة الحناء” 2004، “أنت وحدك السماء” 2005، ” الخوف بلون الموت أحياناً “2007،”همسات امرأة مختلفة”2009، “شارع تحتمس”2011، “البحيرة وسنينها” 2013، “الدهابة” 2015، طار فوق عش الخفافيش 2023.

ـــــــــــــــــــــــــــ

★ مدرس أول لغة عربية ــ مصــر

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى