محمد القلاف:هل شاهد عبدالعزيز الرشيد المسرح؟
محمد القلاف ★
إن أهمية تدوين التاريخ؛ يساعدنا على اكتشاف الأحداث والأفكار؛ لتثبيت المعلومات، ومعرفة ما جرى في فترتها؛ لذا يعتبر التدوين مهماً جداً؛ لتطوير ونهضة الواقع؛ حيث يساعد على حلِّ المشكلات العالقة، ومعالجتها.
فأوروبا، أو الغرب دائماً في طور القراءة التاريخية، والبحث، وتدوين كل ما يكتشف من جديد؛ لكي يتم تصحيح افكارها، فعلى سبيل المثال، “وليم شكسبير” طَوال السنوات، ومنذ القِدَم كانوا يعتبرون كل ما كتبه، هو كتبه بنفسه، ولكن مع البحث والقراءة، اِكتشفوا أن “كريستوفر مارلو” هو من كتب بعضها، وبعضها شاركه في الكتابة، أما على مستوى الوطن العربي، كثيراً ما كنا نعتقد أن “يعقوب صنوع”؛ هو رائد المسرح العربي، ولكن مع الاكتشافات، وخاصة “د.سيد علي إسماعيل” الذي يثبت ريادة اللبناني ” مارون النقاش”.
من هنا في الكويت، عندما كتب “د.سيد علي إسماعيل” والباحثون الكويتيون، وبالخصوص الدكتور”سليمان الشطي” وظهوره في الإعلام عن بدايات المسرح الكويتي، ومن هو رائد هذا اللون في الفن، ومؤسسه كان اسم الشيخ “عبدالعزيز الرشيد” بأنه كتب أول ملامح المسرح، مسرحية (محاورة إصلاحية) في المدرسة الأحمدية، سنة (1924) ، ويشير الباحثون أنها كُتبت، ومُثلَّت في نفس العام، وهي أشبه بمناظرة بين طرفين من الطلاب.
إذا رجعنا للتاريخ، عن حياة الشيخ “عبدالعزيز الرشيد” سنجد في (2001) موسوعة الكويت العلمية، الجزء الثاني عشر، لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، أنه كان مسافراً لعدة أمكنة، أولها الزبير، وتَعَلَّمَ النحو والتجويد، ثم اتجه إلى “الأحساء”، ولكنه عاد مع والده، الذي لم يكن راضياً بذهابه، بعدها سافر إلى “بغداد” وهناك التحق بالدَّاوودِيَّةِ، وأخيراً اتجه إلى مصر، ففي هذه الرحلات، اِلتقى وتَعَلَّمَ من كبار الفقهاء والعلماء، وعند عودته للبلد، أنشأ الناديَ الأدبيَ، وكذلك كتب عن المسرح، أو كما كتبها في معجمه “مرسح” وهي تعني “المسرح.”
أما في لقاء للدكتور”سليمان الشطي” طرح سؤالاً مهماً جداً، وهو هل شاهد الشيخ “عبدالعزيزالرشيد” المسرح، أم كان يعيه، فأشار إلى ثلاث نقاط، التي توصل إلى نتيجة وقناعة بدورها، وتوصلنا كيف الشيخ “عبدالعزيز الرشيد” عرف هذا اللون من الفن (المسرح) وهذه النقاط هي:
ـ كتب الشيخ “عبد العزيز الرشيد” عن الفنون الجميلة، والثقافة الأوروبية، ودعا الى الاستفادة منها.
– في معجمه اللغوي كلمة (مرسح) التي هي مسرح.
– عندما وصف “الشيخ مبارك الكبير” وتحدَّث عنه، قال: أشبه ما يكون بشخصية الفيلم
هنا اعتبر أن “الشيخ عبدالعزيز الرشيد” كان يعي هذا النوع من الفنون.
ومن هنا نسأل هذا السؤال، كيف تعرَّف “الشيخ عبدالعزيز الرشيد” على المسرح، على الرغم من تَعَلُّمِهِ الكثير في الفقه والنحو، ولكن هل شاهد مسرحاً في رحلاته، ما بين الزبير، والأحساء، وبغداد، ومصر؛ لكي يكتب في معجمه (مرسح)؟
وإذا شاهد، أو تَعَلَّمَ، فماذا شاهد من المسرحيات، أو إذا تَعَلَّمَ معنى” مرسح” فمن أين تَعَلَّمَ هذه الكلمة، من أي عالم، أو شيخ؟
هذا يذكرنا بجدلية قديمة في ترجمة (كتاب فن الشعر) فـ “أرسطو” شاهد بأم عينه المسرح، فترجم كتابة هذا الكتاب، وكان يعرف حق المعرفة دور التمثيل، والممثلين، أما “اِبن رشد” و” ابن سينا” فلم يشاهدا مسرحاً، وممثلين، فكيف ترجموا (كتاب فن الشعر) منها فن التراجيديا، وغيرها في الكتاب.
★ناقد ـ الكويت.