سينما

سارة صقر: “ريتسا” ثلاث حكايات مختلفة دون ترابط !

سارة صقر
ريتسا هو أحد الأفلام الرومانسية الشهيرة، التي تم إنتاجها عام 2021 وهو من تأليف “معتز فتيحة” وإخراج ” أحمد يسري”.
تدور أحداث الفيلم في ثلا ث حكايات مختلفة بين أشخاص ذوي قرابة وصِلة ببعضهما، لكنهم لم يعرفوا ذلك سوى في النهاية، فالمُشاهد هو من يجمع  خيوط الأحداث ببعض؛ ليكتشف ذلك قبل عرض “لحظة التنوير” ألا وهي اكتشاف الصِّلة بينهم، ويدور الفيلم في زمنين مختلفين، الماضي “الخمسينيات” الذي يمثله حداد “يوسف عثمان” ، وريتسا الفتاة الإيطالية  “عائشة بن أحمد “؛ حيث تجمع بينهما قصة حب، لكنها كأي قصة حب، تجمع بين رجل شرقي، وأنثى أوروبية، لم تمكث طويلاً، كونه تخلَّى عنها بعد علمه بحملها منه، على الرغم من أنه عرض عليها الزواج، إلا أنه لم يتمسَّك بحبه لها، وعلى النقيض من كونه قبطاناً بحرياً، وسافر إلى عدة بلاد، لكنه لم يفكر طوال سنين عديدة أن يبحث عنها بعدما غادرت البلاد، وتزوج وأنجب ولداً من امرأة أخرى ؛ ليصحوَ في المستقبل بعد أعوام طويلة؛ ليجد قصة حبه الوحيدة من ريتسا.

قام مالك “أحمد الفيشاوي” بكتابتها في رواية كما لو كانت صدفة، ويظن هو كذلك .
الحكاية الثانية هي نبذة عن “مالك” الروائي، وحياته الغامضة، التي تشبه حياة “حداد” لكنها تتخللها بعض الاختلافات، فـ “مالك” رجل غامض متعدد الاتجاهات” في البداية نظن أنه يتخفَّى في مظهر كاتب ذي شأنٍ عالٍ، إلا أننا نكتشف أنه متعدد العلاقات، ومن خلال حديثه مع ياسمين “كارولين عزمي” إحدى المعجبات، نكتشف أنه يفعل الشيء ونقيضه، وأنه على علاقة بـ مانويلا “عائشة بن أحمد” ؛ لنتساءل على مدار الأحداث ، ما هو وجه الشبه بين ريتسا ومانويلا، لكننا سنعرف ذلك في آخر فصل من الفيلم، نعرف من الأحداث أن “مالك” يحب “مانويلا” لكن لم يستطيع أن يأخذ قراراً وخطوة تجاهها، لكنه يقضي معظم وقته مع “ياسمين”، وتسير الأحداث نحو الحكاية الثالثة وهي حكاية حسام “أمير المصري ” الذي يحب نادين “مريم الخشت ” لكننا نكتشف أنه متزوج من مريم “مي الغيطي”، ويتهرَّب من وجوده بجوارها؛ حتى تأتي نقطة الذروة، وهو تعرُّفه على مرض مريم “اللوكيميا” ؛ ليتعاطف معها، ويبدأ بالتقرُّب منها، لكنها تذهب إلى “نادين” ؛ لتطلب منها ألا تبعد عن زوجها خوفاً عليه من كونه وحده بعد مغادرتها للحياة بسبب مرضها، وتطلب منها أن يجتمعا معاً، ويتحدثا، وفي ذلك اليوم تقع أرضاً، فيذهب بها “حسام” للمستشفى ، وتكاد لحظه التنوير تقترب؛ حينما تقرِّر الأخرى “مانويلا ” الإفصاح عن الحقيقة لـ “حداد” وعن هويتها، وأن ريتسا عندما ذهبت إلى بلدها الأم، أنجبت ابنتها من “حداد” وهي “الكسندرا” ولم تتزوج من أي رجل؛ حتى توفيت، وانجبت “الكسندرا”، مانويلا، التي تكون حفيدة “حداد” من “ريتسا” لكن يقابل “حداد” هذا الاعتراف بالإغماء؛ ليذهب إلى المستشفى هو الآخر.

وفي حين آخر، يحاول “مالك” التعدِّي على “ياسمين” في لحظة  سكر، لكنها تسقط أرضاً، فيذهب بها إلى المستشفى؛ لتكون هي المكان الذي يكشف به المخرج عن “لحظة التنوير” فحسام عندما يعلم أن والده بالمستشفى يذهب له؛ لنكتشف أن “حسام” هو ابن “حداد” وكان علينا الانتباه لذلك منذ البداية، فيتشابه “حسام” مع والده في الهروب من المسئوولية على الرغم من الحب ، تلتقي “مانويلا” بحبيبها “مالك” فتذهب به إلى جَدِّها “حداد” وهنا فقط يقرر “مالك” ألا يقع في نفس الخطأ، الذي وقع فيه “حداد” وأن يتزوج من “مانويلا ” ، التي تشبه جدتها “ريتسا” في حكايتها؛ لأنها تحمل في أحشائها طفلاً من “مالك”، لتكون النهاية هي أن “ياسمين” وصديقتها تبقى كلاهما بمفردها، لكنهما في رضا عن هذه اللحظة، وعن كون من وقعوا في حبهم في رضا وسعادة، مع طرف آخر ، وتكشف في النهاية لحظة التنويرعن صِله القرابة بين (حداد وحسام وريتسا ومانويلا) وعن اجتماع الجميع في نهاية سعيدة، وما جمعهم هو “الحب ” وهو النقطة، التي دار حولها هذا الفيلم البسيط، الذي كانت أحداثه بسيطة تتخللها لحظات سعيدة في إطار حنون ودافئ، وكان ذلك يتماشى مع مدينة الإسكندرية، التي كان يوجد بها بعض الأحداث في الزمنين؛ ليعرضا جمالها ورونقها في جميع الأعوام.


كان الفيلم بمثابه لمحة فنية قوية لجميع الأبطال، الذين كل منهم تقمصّ شخصيته ببراعة، كما لو كانت قصته الحقيقية ، فتميز “محمود حميدة” في دور الرجل الناضج، الذي ندم علي ضياع حبه طوال الأعوام السابقة، الذي ذهب لفتاة تشبه حبيبته بحثاً عنها بها، وتميزت “عائشة بن أحمد” في دور الفتاه الصغيرة “ريتسا” التي كانت تمثل بعيونها، ومشاعرها قبل نطقها للحديث، وفي دورها الآخر أيضاً “مانويلا” الفتاة التائهة، التي تبحث عن جدها، وحينما وجدته فضَّلت أن تتعرَّف عليه، وتكتشفه؛ لتسمع منه عن جدتها أولاً قبل الاعتراف له بالحقيقة، تميَّز أيضاً “أحمد الفيشاوي” في دور الكاتب الغامض، الذي تملأ حياته الألغاز والتناقض، كونه رجلاً مراهقاً وعاقلاً في آنٍ واحد. في النهاية برع المخرج، والمنتج في خروج هذا الفيلم الرومانسي الإطار، للجمهور الذي فقد خلال سنوات ظهور الرومانسية الواقعية غير المتكلفة.


★خريجة قسم الدراما والنقد المسرحي ـ جامعة عين شمس ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى