شهد إبراهيم: هل نجح “فاصل من اللحظات اللذيذة” في تحقيق الكوميديا؟
شهد إبراهيم ★
بعد انتهاء الموسم الرمضاني، ونجاح “هشام ماجد” في مسلسل “أشغال شقة” والذي كان ضمن الأعمال الأعلى نسبة مشاهدة، يحقق “ماجد” نجاحًا آخر ، من خلال فيلمه الأخير “فاصل من اللحظات اللذيذة” الذي طُرح في عيد الفطر، وتدور الأحداث في إطار يجمع بين الكوميديا، والفانتازيا، والفيلم إخراج “أحمد الجندي”، وبطولة هشام ماجد، وهنا الزاهد، وبيومي فؤاد، ومحمد ثروت، وجان رامز، وعبد الرحمن محمد، ومجموعة من الفنانين.
عالم موازٍ
يحكي الفيلم عن “صالح” المهندس المعماري؛ الذي يعيش حياة غير مستقرة وتعيسة مع زوجته “درية”، وابنه “بودي”، وفي حالة شجار دائم مع زوجته ، ولكن فجأة تتاح لهما الفرصة، ويُفتح لهما طريق الذهاب إلى العالم الموازي؛ ليقابلا شخصيتيهما بنسخ جديدة، وتبدأ المواجهات بين العالمين.
أداء سلس
يجسد “هشام ماجد” شخصية “صالح” وهو مهندس فاشل في حياته، وعالمه الواقعي، ولكنه يجد نفسه ناجحًا في عالم آخر موازٍ، ذلك التناقض في الشخصيتين؛ تعامل معه “هشام ماجد” بحرفية، وبشكل تلقائي دون مبالغة في إظهار تفاصيل كل شخصية منهما، بالإضافة إلى عفويته في إلقاء “الإفية”، وأسلوبه الذي جعل بعض الإفيهات ممتازة على الرغم من ضعفها؛ وبذلك حققت الضحك، بالإضافة أيضًا إلى أدائه السلس.
اِستطاع “هشام ماجد” في الفترة الأخيرة اختيار أدوار، وشخصيات مختلفة؛ تليق به، ويحقق من خلالها نجاحًا كبيرًا بمفرده بعد انفصاله عن أحمد فهمي وشيكو.
باربي الزاهد !
يعيش “صالح” في منزل غير عادي في البناء مع “هنا الزاهد”؛ والتي تجسد شخصية “درية” زوجته، وهي أيضًا شخصية فاشلة في الواقع، ومذيعة ناجحة في العالم الموازي، وتعتبر “هنا الزاهد” ممثلة خفيفة الظل؛ ولكننا نجد فيها مبالغة بسيطة في الأداء الصوتي العالي؛ نظرًا لأنها تعيش في منطقة شعبية، ونجدها على النقيض في العالم الموازي تقدم شخصية تكاد تشبه الشخصية الكرتونية “باربي” فنجد صوتها رقيقًا، وملابسها رقيقة، وبسيطة، وحركتها هادئة بأداء سلس، وهذا اختلاف كبير بين الشخصيتين، نجدها متألقة أكثر في العالم الموازي من العالم الحقيقي؛ نظرًا لمبالغتها لإقناعنا بشخصية الفتاة الشعبية.
بيومي غير مبالغ في الأداء
وعن “بيومي فؤاد” فهو يقدم شخصية “زكريا” المدير في العالم الواقعي، والسكرتير في العالم الموازي، وكان أداؤه مناسبًا غير مبالغ فيه؛ لتحقيق الضحك، وكانت معظم مشاهده عبارة عن مواقف كوميدية بشكل أكبر من كونها “إفيه” يُلقى.
ثروت متألق
أما “محمد ثروت”؛ الذي يجسد شخصية “كمال” ابن عم المهندس “صالح” ـ في العالمين ـ فقد كان أداؤه متألقًا، وبسيطًا، دون مبالغة، كذلك استطاع تقديم الاختلاف في الشخصيتين؛ حيث إنه موظف في العالم الحقيقي، وشخصية مهمة في العالم الموازي، واستطاع التألق في تقديم الشخصيتين.
أمر صعب؛ ولكن!
إن فكرة وجود الشخصية، ونقيضها فكرة قديمة، ومتعارف عليها؛ لإبراز صفات كل شخصية، وجعلها واضحة؛ ولكن جعل ممثل واحد يقوم بتقديم شخصيتين، أمر صعب يتم من خلاله استغلال كل ممثل لهذه المساحة، والتناقض؛ لإظهار قدراته التمثيلية، وفي حقيقة الأمر هذا ما فعله كل طاقم العمل.
رامز لم يُستَغل!
بالإضافة إلى أن الفيلم ضم مجموعة من ضيوف الشرف، الذين تألقوا جميعًا في أدوارهم البسيطة، واستطاعوا رسم الضحكة على وجوهنا من مواقفهم الكوميدية، ونجد هذا في مشهد الفيلم الخاص بـ “طه دسوقي” و”نور قدري”، اللذين تألقا في دوريهما، بالإضافة إلى “عبد الرحمن محمد” في شخصية الرجل الذي يعاقب على ارتفاع الصوت في العالم الموازي، وكذلك شخصية جان رامز “بودي” الذي نجح في تقديم الشخصيتين بشكل خفيف على القلب، وعلى الرغم من أنه شخصية محورية سيتم استغلالها في نهاية الفيلم؛ للتأثير العاطفي على الأبوين للتضحية بكل شيء؛ ولكن لم يتم التركيز في كتابة شخصيته، ولم يتم استغلاله في السياق الدرامي للفيلم، رغم أن مشاهده، ومواقفه كانت ستحقق كوميديا كبيرة.
الإيقاع …مشكلة!
الفيلم من تأليف “شريف نجيب” و”جورج عزمي”، وفكرة الفيلم قديمة، وحدثت كثيرًا في السينما المصرية؛ ولكن كتبها كل من شريف” و”جورج” بطريقة شعبية قريبة من مجتمعنا المصري؛ ولكننا نجد مشكلة في الإيقاع؛ إذ إننا نجده بطيئاً، وهذا ليس في خدمة حكاية تقدم من خلال خمسة شخصيات فقط في فترة عرض قاربت الساعتين، بالإضافة إلى أن معظم الكوميديا كانت قائمة على “الإفيه”؛ وليس الموقف، رغم المساحة الكافية التي كان يمكن الاهتمام فيها بالمواقف الكوميدية، فلم تكن الكوميديا موجودة بشكل كبير؛ وهو ما لم يكن في خدمة العمل بشكل بسيط.
ديكور وإضاءة وملابس مناسبين
أما الديكور فكان مصممًا بشكل ممتاز ودقيقًا، ومناسبًا لكل عالم، بالأخص العالم الواقعي ؛الذي يعتبر فيه “هشام ماجد” “صالح” مهندسًا فاشلًا ؛ فقام بتصميم المنزل بشكل عشوائي وغير مناسب؛حيث نجدهم يخرجون، ويدخلون من نافذة البيت؛ وليس الباب.
أما الإضاءة فكانت لـ “أحمد محمد عبدالعزيز”، وكانت مختلفة بين العالمين، نجدها في العالم الحقيقي خافتة، وفي العالم الموازي ناعمة وهادئة، وكانت الألوان تعطي إحساسًا بالبهجة، فكانت الإضاءة في خدمة الصورة، والدراما، وإظهار الفرق بين العالمين؛ بعنصر من أهم عناصر الصورة السينمائية ، بينما كانت الملابس تعبر، وتوضح الاختلاف الكبير بين العالمين، وكانت مناسبة لكل شخصية.
المونتاج لم يخدم الحالة الدرامية!
وإذا تناولنا المونتاج لـ “عمرو عصام”، فسنجده بإيقاع بطيء بين العالمين، فكان يجب اختصار زمن الأحداث قليلًا، بالأخص في العالم الموازي، فلم يكن المونتاج بشكل كبير في خدمة الحالة الدرامية.
الموسيقى ..توظيف ممتاز
وكانت الموسيقى لـ “عادل حقي”، أشبه بموسيقى الثمانينيات القديمة في مشاهد العالم الموازي؛ بدءاً من ظهور الطريق والخروج، بينما استخدم موسيقى أخرى في مشاهد العالم الواقعي، لخدمة الحالة الدرامية، خاصة المواقف الكوميدية، فتم توظيف الموسيقى بشكل ممتاز، ومناسب للأحداث بشكل مختلف.
فيلم ناجح
وختامًا على الرغم من قلة المواقف الكوميدية، والاعتماد “الإفية” بالإضافة إلى بطء إيقاع الأحداث؛ إلا أن العمل متكامل من عناصر، وأداء للممثلين، ويعتبر الفيلم فاصلًا من اللحظات؛ ولكن التعيسة لنا في الحياة، فالبقاء أمام الشاشة لمدة ساعتين أمام الفيلم؛ أدعى لجلب الشعور بالضحك، والسعادة، لذا يعتبر الفيلم ناجحًا بشكل كبير في تجميع الأسرة، والعائلة، وفصلهم من لحظات الحياة الصعبة.
★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.