شهد إبراهيم: بانوراما أعمال رمضان ..بين النمطية والتكرار، والتألق والنجاح!
شهد إبراهيم ★
شهد موسم رمضان لهذا العام في مصر، غياب عدد من النجوم البارزين؛ الذين اعتادوا المنافسة في المواسم الرمضانية السابقة، وحققت أعمالهم نجاحًا لافتًا، وتفاعلًا كبيرًا، ويُعد “محمد رمضان”، “منى زكي”، “ياسمين عبد العزيز”، و”يسرا”، من أبرز النجوم البارزين الغائبين..
ومع انتهاء الموسم، اِتضحت حبكات الأعمال الدرامية بما يمكننا الحكم عليها، وقد شَهد الإنتاج الدرامي لهذا العام 2024 تحولًا واضحًا، إذ طغت عليه المسلسلات القصيرة؛ التي لا يزيد عدد حلقاتها عن 15 حلقة، بعد أن عانى المتابعون في المسلسلات الطويلة من المط والتطويل، والحشو دون هدف درامي حقيقي؛ ولكن للأسف وباستثناءات قليلة؛ جاءت أغلب الأعمال مخيبة للآمال.
“الحشاشين” … هل هناك سقطات تاريخية؟
شَهد الموسم الرمضاني تنوعًا ملحوظًا في الأعمال المقدمة، ما بين الكوميديا، والدراما الاجتماعية، والإثارة والتشويق، كما شهد أيضًا عودة الأعمال التاريخية، بعد غياب طويل عن ساحات الدراما المصرية؛ حيث عادت الدراما التاريخية بقوة، من خلال عملين تاريخيين أثارا جدلًا واسعًا منذ بداية عرضهما، أولهما هو “الحشاشين” والذي يدور حول شخصية “حسن الصباح” التي جسدها كريم عبد العزيز، وجماعة الحشاشين، والأحداث تدور عام 1000 ميلادي، وهي بداية بذرة الإرهاب، والمسلسل إخراج “بيتر ميمي”، وتأليف “عبد الرحيم كمال.”
فقد تعرض المسلسل لموجة واسعة من الانتقادات، بعد اكتشاف سقطات منها أخطاء اللغة، التي لا تعتبر خطأ تاريخيًا، فكل مؤلف من حقه التعبير عن الحقبة التاريخية بالطريقة الأسهل؛ التي ستصل لمحموعة كبيرة من المتابعين، بدون الخلل في السياق ، والأحداث التاريخية، ليست الفصحى فقط؛ التي يجب التعبير بها في العمل التاريخي، ولم يكن ذلك هو الانتقاد الوحيد فقط، بل علق الكثيرون على الأحداث نفسها؛ التي بالأساس تحمل الصواب أو الخطأ من القصص؛ التي جاءت لنا عن هذه الفرقة، ولا نستطيع الحسم بنسبة مئة بالمئة عن حقيقة الأحداث، لأن التتار قاموا بحرق مكتبة بغداد، وكل ما فيها من وثائق لهذه الفترة، بعد أن قام “هولاكو” قائد جيش التتار بحصار قلعة (ألموت) ـ التي بها الجنة المزعومة؛ التي أنشأها “حسن الصباح” على الأرض ـ انتقادين لا يمكنهما جعل المسلسل في مرمى الاتهامات بتحريف القصة، أو عدم تقديمها بشكل صحيح، وأيضًا لا يمكننا إنكار أن العمل يقدم صورة بصرية مميزة، سواء في مواقع التصوير المفتوحة، أو في التصوير الداخلي؛ حيث استطاع المخرج، وفريق التصوير استغلال الإضاءة في رسم كادرات بصرية مميزة، كذلك تناسق العناصر الأخرى من ديكور، وأزياء؛ حيث بدا لنا الكثير من المشاهد أشبه بلوحات فنية رائعة.
“جودر”..إعادة نظر !
المسلسل الثاني الذي حمل صبغة تاريخية فانتازية فريدة من نوعها هو مسلسل “جودر” والذي تدور أحداثه حول “جودر” ـ الذي يجسد شخصيته “ياسر جلال” ـ الذي تعقدت مقادير حياته قبل قدومه إلى الدنيا؛ حيث إنه المفتاح الوحيد للعدو شمعون؛ للوصول إلى كنوز الحكيم شمردل الأربعة، فهل ينجح في التصدي لشمعون وقوته، أم أن شمعون، وقوة الشر هي التي ستنجح؟!
تميز المسلسل بنجاح كبير بسبب اهتمامه بعناصر شتى من قصة وسيناريو، وحوار، وأزياء، وديكور، وإضاءة، وإخراج؛ حيث كانت جميع الكادرات بمثابة لوحة بديعة خالية من الأخطاء، وأعاد لنا الأجواء الأسطورية، والفولكلورية لقصة (ألف ليلة وليلة) خلال 15 حلقة، والتي لم تقدم في مثل هذه الصورة الرائعة من قبل، فحين تقديمها في ثمانينيات، وتسعينيات القرن الماضي للمؤلف “عبد السلام أمين” والشاعر “طاهر أبو فاشا”، وإخراج “فهمي عبد الحميد”، كانوا يواجهون مشاكل صعبة جدًا خلال التصوير، وخاصة في حلقات فاطيما وكريمة وحليمة ـ الثلاث أخوات اللاتي كانت تجسدهن “شيريهان” ـ حيث صعوبة جمع الثلاث شخصيات في كادر واحد.
أما مسلسل “جودر” فقدم بطريقة ستفتح الباب لجميع المخرجين للإبداع بشكل أكبر في الدراما التاريخية الفانتازية، وبذلك يعتبر إضافة كبيرة للدراما المصرية، ويذكر أن “جودر” من إخراج “إسلام خيري”، وتأليف “أنور عبد المغيث”.
“أشغال شقة” …كوميديا الموقف
من التاريخ إلى الكوميديا، حيث ظهر تنوعٌ كبيرٌ في الأعمال الكوميدية، وكان على رأسها مسلسل “أشغال شقة” والذي تدور أحداثه حول زوجين ـ هشام ماجد، وأسماء جلال ـ يقرران الاستعانة بمديرة منزل؛ لرعاية التوأمين؛ ولكنهما يعانيان بشدة في رحلة البحث عن مديرة منزل؛ لرعاية الطفلين، وهو من إخراج “خالد دياب”، وتأليف كل من “خالد دياب” و”شيرين دياب”.
وعلى الرغم من أنها تيمة قديمة؛ قُدمت بشكل متكرر فيما مضى، ولكن المسلسل نجح في تقديم وجبة كوميدية مختلفة ومميزة، مكثفة من واقع الحياة، أحداثه موجودة داخل كل بيت مصري، كما استعان المسلسل بعدد من النجوم ضيوف الشرف، كانتصار، إنعام سالوسة، نهى عابدين، إيمان السيد، مي كساب، ريم خوري، رحمة أحمد، إنجي وجدان ، وقدمت كل منهن دورها بشكل بسيط، وأثبت المسلسل بشكل كبير عنوان البساطة، وعدم المبالغة؛ التي طالما اعتمدت عليها الكوميديا بشكل كبير في 15 حلقة فقط، فالمسلسل سيُعيد لمؤلفي الكوميديا التفكير في كتابة أوراقهم، والتدقيق في جميع تفاصيل العمل.
“الكبير أوي 8″ …الوقوع في فخ التكرار
على الجانب الآخر، نرى مسلسل “الكبير أوي 8” تأليف، وإخراج “أحمد الجندي”، ومنذ الظهور الأول لشخصية الكبير في فيلم “طير أنت” 2009، حيث حققت الشخصية حينها نجاحًا كبيرًا، وهذا ما دفع مكي لإفراد مساحة كبيرة لها في مسلسل “الكبير أوي”، ويقوم المسلسل بشكل أساسي على المفارقات بين شخصية الكبير عمدة المزاريطة الصعيدي، وشخصية شقيقه التوأم “جوني” ـ الذي عاد لمشاركة الكبير العمودية ـ ، و”حزلقوم”، وقد استطاع المسلسل أن يحقق نجاحًا كبيرًا في أجزائه الأولى؛ ولكن للأسف جاء الجزء السابع إضافة إلى الجزء الثامن مخيبًا لآمال متابعيه، ويبدو أن السيناريو قد استنزف كل ما يمكن من المواقف الكوميدية الصالحة؛ لإثارة الضحك، والاعتماد بشكل كبير على “الإفيه” أكثر منها على الحدث، والمفارقات، كذلك كان ترتيب الاحداث بمثابة “استكشات” منفصلة يمكن حذف أي منها دون أن تؤثر على البناء الدرامي للمسلسل.
“بابا جه” …الكوميديا الاجتماعية
عاد “أكرم حسني” للمنافسة بمسلسل “بابا جه” والذي ينتمي لنوعية المسلسلات ذات الـ 15 حلقة، وهو من إخراج “خالد مرعي”، وتأليف “وائل حمدي”، والمسلسل كوميديا اجتماعية؛ نجحت في تحليل أهمية دور الأب في الأسرة، ويُحسب لجميع أفراد العمل؛ الأداء السلس والمميز بلا تعقيد، كما لمع إلى جوارهم الطفلة الصاعدة “لافينيا نادر”؛ التي أثبتت حضورها المميز ، وسبق أن قُدمت تلك التيمة في أعمال سابقة؛ ولكن “أكرم حسني” قدمها في شكل كوميدي مميز، وخفيف على القلب.
هل تم اقتباس “فراولة” من “البيضة والحجر” ؟
أما مسلسل “فراولة”، والمكون من 15 حلقة أيضًا، وهو من إخراج “محمد علي”، وتأليف “محمد سليمان عبد المالك”، والذي تدور أحداثه حول صدفة تحول “فراولة” من مندوبة مبيعات إلى خبيرة في العلاج بالطاقة، والحكاية بشكل كبير شبيهة لفيلم “البيضة والحجر” الذي كتبه الراحل “محمود أبو زيد” ، وقام ببطولته الراحل “أحمد زكي”، حيث أن المشترك بين العملين، تصديق حالة الوهم التي يعيشها الأبطال، ومحاولة تصديق أن لديهم القدرة على القيام بما يقدمونه من بيع الوهم للناس، كما أضاف المسلسل فكرة التسويق الشبكي باعتبارها فكرة حديثة منتشرة في 2024 بسبب مواقع السوشيال ميديا؛ ولكن المسلسل افتقد تقديم التيمة بشكل جديد، مع استقرار الأحداث في مسارها المتوقع التقليدي، كما جاء مستوى الحلقات متفاوتًا بعض الشيء، بعضها كان متماسكًا، وقادرًا على انتزاع الضحك من المشاهدين، وبعضها الآخر جاء باهتًا، وكأنه تكرار متوقع.
“كامل العدد” …جزء ثان…ولكن؟!
“كامل العدد +1” وهو من إخراج “خالد الحلفاوي”، وتأليف “يسر طاهر”، و”رنا أبو الريش”، والمسلسل مقتبس عن الفيلم المصري (عالم عيال عيال) والمأخوذ في الأصل من الفيلم الأجنبي (yours mine and ours)، وعلى الرغم من أنه جزء ثانٍ، وتوقع الجمهور عدم تقديم شيء جديد؛ إلا أنه حقق نجاحًا كبيرًا، وقدم قضايا اجتماعية معاصرة، مثل قضايا التيك توك، وتأثر الفتيات به، بكوميديا محبوكة ومميزة، تقوم على المواقف لا على “الإفيهات” وقد استطاع الأبطال تقديم أداء مميز؛ جعل المسلسل يتفوق في السباق الرمضاني، كما ظهر خلال الحلقات مشاهد للممثلين، وهم يسترجعون ذكرى مصطفى درويش ـ رحمه الله ـ وكانت لفتة رائعه من طاقم العمل، بالإضافة إلى جعلها جزءًا من الأحداث، وأنه توفى في المسلسل أيضًا، وجعلنا هذا نشعر بالواقعية، والإحساس الصادق بالأسرة، والعائلة، محققًا في ذلك نجاحًا كبيرًا.
منافسة شديدة وكوميديا متكررة!
“خالد نور ووالده نور خالد” والذي ربما لم ينجح بشكل كبير في جذب الأضواء، وفي اعتقادنا الشخصي أنه بسبب ارتفاع سقف التوقعات المسبق تجاه العمل قبل عرضه، بالإضافة إلى بطلي العمل، شيكو، وكريم محمود عبد العزيز، اللذين يجيدان تقديم الأعمال الكوميدية المعتمدة على أفكار تجمع بين الفانتازيا، والخيال العلمي، ومع ذلك جاء مستوى العمل أقل من المتوقع، فكما ذكرنا أن هناك كل المقومات، بالإضافة إلى المساحة الهائلة لكوميديا الموقف، ومع ذلك جاءت الكوميديا شحيحة للغاية، وحتى تلك التي نجحت سابقًا في حث المتفرج على الضحك أحيانًا فقدت رونقها، كونها وقعت في فخ التكرار في كل مشهد، والغريب أن أداء الممثلين جاء عاديًا، دون بصمة حقيقية في الشخصيات، وقُدمت جميع الأدوار النسائية بشكل نمطي، على الرغم من وجود أربعة نماذج تختلف شخصياتهن شكلًا ومضمونًا، وبجانب الخطوط الأساسية؛ ضم العمل بعض الخطوط الدرامية دون الحاجة إليها، فمثلًا خط الشاب ابن الأخ الذي يتسبب في الكثير من المصائب، ويتكلم بشكل مبالغ فيه، ذلك الأسلوب أصبح باهتًا، وقديمًا من أجل تحقيق الضحك، وكان من الممكن ألا نكتشف ذلك بالقدر نفسه؛ لولا أن سبقه مسلسل “أشغال شقة”؛ ولكن هذا ليس مبررًا أن العمل الكوميدي يظهر، ويلمع إذا كان متكاملًا وسط أكثر من عمل، ويُذكر أن “خالد نور ووالده نور خالد” من إخراج “محمد أمين”، وتأليف “أحمد عبد الوهاب”.
“لحظة غضب” …الكوميديا السوداء
قبل انتهائنا من الحديث عن الكوميديا، لا يمكننا أن ننسى مسلسل “لحظة غضب” والذي لم يجذب انتباه الكثير من المشاهدين، ولكن من وجهة نظرنا ـ التي قد لا يتفق البعض معها ـ أنه مسلسل وتجربة جديدة متكاملة من جميع الجوانب، فالعمل يقدم كوميديا سوداء لم نعتد تقديمها في الدراما التلفزيونية المصرية، وقدمها بشكل متناسب من جميع العناصر، بالإضافة إلى أداءات الممثلين؛ التي كانت جميعها متميزة جدًا، وبسرد مختلف وشائق يجذب جميع متابعيه طوال الـ 15 حلقة، والمسلسل من إخراج “عبد العزيز النجار”، وتأليف “مهاب طارق”.
“إمبراطورية م” والقضية الفلسطينية
عمل كوميدي آخر يعاد تقديمه هذا العام، وهو”إمبراطورية م” والمسلسل مأخوذ عن قصة للكاتب “إحسان عبد القدوس”، ومن إخراج “محمد سلامة”، وعلى الرغم من اعتماد المسلسل على رواية ناجحة؛ فإنه قد وقع في فخ تقديم شخصيات نمطية لم ينجح في تعميقها بالقدر الكافي، كذلك تقديم صراع بشكل مبالغ فيه مع رجال أعمال يعرضون أرقامًا خيالية لبيع “خالد النبوي” للبيت، ليقوموا بهدمه، وبناء كمبوند جديد على الأرض، بما يرمزللقضية الفلسطينية الآن، ومحاولات الكيان الصهيوني محو الثقافة الفلسطينية وتراثها، وبناء معالم وثقافة هشة لا تستند على شيء، وأعطى المسلسل رموزًا عديدة في ذلك السياق، ولم يخلُ أيضًا من الكوميديا الموجودة بين الأب، وأبنائه.
العتاولة .. دراما شعبية
مسلسل “العتاولة” يعتبر من المسلسلات؛ التي حققت نجاحًا كبيرًا حيث ضم العديد من النجوم، وجميعهم كانوا متميزين في أدوارهم؛ حتى وإن مال البعض لجانب من التقليدية، والنمطية في تقديم الشخصيات، فكانت الشخصيات المتمكنة في تقديم روحها بشكل متميز، ومتألق كثيرة ، والعمل دراما شعبية كانت ستتفوق لو انتهت بالنصف الأول؛ لكنها للأسف امتدت لثلاثين حلقة كاملة، مما نعتبره ثغرة أصابت بعض المتابعين بقليل من الملل، خاصة في الحلقات الوسطى، حيث إن المسلسل بدأ بداية قوية جدًا في سرد، وكشف جميع الشخصيات وجوانبها، وانتهى أيضًا إلى نهاية تكاد تكون قوية، المسلسل إخراج “أحمد خالد موسى”، وتأليف “هشام هلال”.
أجزاء كثيرة….ولكن؟!
أما مسلسل “المداح4” الجزء الرابع؛ والذي سبق أن عُرض على مدى ثلاث سنوات فائتة؛ حيث اعتمد على تيمة جديدة نسبيًا، وهي تيمة الرعب والإثارة، لكنها تأتي بطابع مصري شعبي، وهو سر تفوقها مقارنة بجميع أعمال الرعب المصرية الأخرى، ففي هذه المرة البطل هو شخص يعالج الجن بالقرآن، ورغم امتداده لأكثر من عام، وهذا دافع كبير لملل المتابعين منه، إلا أن المسلسل حقق نجاحًا جيدًا في عامه الرابع، بل ويعتبر من أنجح أجزاء المسلسل، بالإضافة إلى القبول، والأداء الواقعي الموجود لدى “حماده هلال”، بالإضافة إلى “فتحي عبد الوهاب”، وجميع طاقم العمل، والمسلسل من إخراج “أحمد سمير فرج”، وتأليف “أمين جمال”.
أعلى نسبة مشاهدة ..أهم تجربة
وإذا انتقلنا إلى الدراما الاجتماعية، فأغلب الأعمال؛ إما تدور ما بين الفيلات والقصور الباذخة، وإما على العكس تدور في مناطق شعبية، ومن بين هذه الطبقة، نجد مسلسل “أعلى نسبة مشاهدة” والذي يعتبر أهم تجربة درامية لعام 2024، رغم من أنه 16 حلقة فقط، إلا أن المسلسل يعتمد على إظهار العديد من القضايا؛ التي يسببها غفلة الأهل أولًا، ثم الفقر والجهل فيما بعد، حيث أقبلت الفتيات على الانخراط في تطبيق التيك توك، وكسب المال، ويعتبر العمل جرسًا مهمًا، ويناقش قضية مهمة من خلال إسقاط الضوء على ضرورة مراقبة علاقة أبنائنا وبناتنا بالوحش الصغير ذي الشاشة، الذي يفتح لهم نوافذ الشيطان، واتسم العمل بنجاح جميع عناصره، كما جاءت جميع أداءات الممثلين بشكل واقعي، وتلقائي، جعلنا نشعر بمصداقية العمل، والمسلسل من تأليف “سمر طاهر” وإخراج “ياسمين أحمد كامل”؛ التي استطاعت رسم كادرات واقعية ممتازة.
مسار إجباري ..مواهب شابة
أما “مسار إجباري”؛ الذي قدم لنا قصة شابين يجريان على رزقهما، بشكل واقعي، وصادق، دون مبالغة في التقديم، ولا في الأداء الخاص بالشخصيات، وضم في بطولته الممثلين الصاعدين، وبعض المواهب الشابة ، ومع ذلك نجحوا في تحقيق نجاحًا كبيرًا، والمسلسل تأليف “باهر دويدار”، كما يستعرض أيضًا خطوط علاقات مختلفة، وتكثيف أحداث كثيرة في 15 حلقة فقط؛ حيث إن الحلقة يحدث بها أكثر من حدث، وبكادرات مميزة؛ اِستطاعت “نادين خان” رسمها.
صلة رحم .. شكل مختلف
كذلك مسلسل “صلة رحم”؛ والذي يعتمد على الصراع النفسي، والمفاجآت؛ حيث إنه يتناول قضية ذات أبعاد فقهية، وقانونية، وإنسانية معقدة، وهي “تأجير الأرحام” وخلال المسلسل كانت جميع أداءات الممثلين واقعية وصادقة، وحقق المسلسل نجاحًا كبيرًا على الرغم من أنه ليس أول عمل يتناول هذه المسألة، ولكنه قدمه بشكل مختلف جعلنا نتعاطف مع قضية محرمة شرعًا، وأثبت لنا في نهاية العمل أن لا شيء يمكن أن يعارض إرادة الله، ولا تغيير قدره، ويوضح لنا أيضًا خطوط وصراعات نفسية لكل بطل من أبطال العمل، و”إياد نصار” الذي يتمزق نتيجة التناقض بين ضميره المهني كطبيب، وضعفه الإنساني كزوج يريد أن يكون أبًا، بالإضافة إلى “أسماء أبو اليزيد”، و”يسرا اللوزي”، ليس فقط أداء الممثلين الرائع؛ ولكن أيضًا تكامل جميع العناصر الدرامية مع بعضها أعطت طابعًا اجتماعيًا مميزًا ومختلفًا، وجعلت المسلسل يحقق نجاحًا كبيرًا، والمسلسل إخراج “تامر نادي”، وتأليف “محمد هشام عبية”.
العوضي، وفخ التكرار
مسلسل “حق عرب” اِعتمد على الدراما الشعبية شبه المضمونة للبطل القوي الماكر؛ الذي يتحدى الظروف، والفقر، والظلم، ويتمكن من الانتصار دائمًا، ويقدم “أحمد العوضي” في هذا النوع الدرامي نفسه بصورة ملحوظة دور البطل الشعبي؛ الذي يكاد يكون مكررًا في كل عام، بأداء أيضًا لا يختلف عن كل عام، وهذا يوقعه في فخ التكرار بالإضافة إلى عدم تقديم شخصيات جديدة تظل في ذهن المشاهدين، ويصبح العمل بمثابة تحقيق الأرباح فقط، بالإضافة لأداءات بعض الممثلين المتصنعة والمبالغ فيها، ولكن تألق كل من “وليد فواز” و”سلوى عثمان” و”رياض الخولي”، وكان أداؤهم واقعيًا ومتميزًا.
مي عمر ..لا جديد!
من أبرز الأعمال؛ التي تنتمي لهذا النوع هذا العام مسلسلات “المعلم” لـ “مصطفى شعبان”، و”بيت الرفاعي” لـ “أمير كرارة”، و”كوبرا” لـ “محمد عادل إمام”؛ والذي قدم نفس الشخصية بنفس الأداء في مسلسله السابق “هوجان” وليس هو فقط من وقع في هذه السقطة؛ بل أيضًا “غادة عبد الرازق” في مسلسل “صيد العقارب” الذي اعتمد على الزوجة؛ التي تستطيع الأخذ بالثأر، والانتقام، والتحدي، كل تلك التيمات؛ التي اعتادت “غادة عبد الرازق” تقديمها بشكل مبالغ فيه رغم أنها غير موجودة إلى هذا الحد في المجتمعات المصرية، وأيضًا مسلسل “نعمة الأفوكاتو” الذي ظهرت فيه “مي عمر” محامية في المحكمة، وفي الحياة، بدفاعها عن كل شخصيات العمل، والحديث على لسانهم في مونولوجات طويلة، بدلًا عن الحوار بين شخصيات مختلفة، ولا جديد في تلك الطريقة، التي اعتادت عليها “مي عمر”، وهي تقديم أعمال تكون فيها النجم الأوحد الظاهر فيها، بما في ذلك يحمل المسلسل أيضًا اسم شخصيتها في العمل، رغم وجود أبطال معها في العمل، وعلى الأفيش.
الفخراني ..لم يجتذب الجمهور!
أن تأتي متأخرًا، أو باكرًا؛ ليس خيرًا من أن لا تأتي، ربما لم يعرف الكثيرون في بداية الشهر الرمضاني أن هناك مسلسلًا جديدًا يُعرض لـ “يحيي الفخراني”، فقد فشل في اجتذاب الجمهور، كذلك أيضًا مسلسل “رحيل” لـ “ياسمين صبري” والذي عُرض في النصف الثاني من الشهر، وهذا لتكرار الشخصية؛ التي تقدمها كل عام، فالتفكير في شيء جديد مختلف؛ خيرٌ من تكرار أعمال سبق وأن قدمتها.
غياب نجوم ..وتألق شباب
رغم أننا لم تتح لنا الفرصة لمشاهدة الأعمال الأخرى؛ التي عرضت الموسم الرمضاني، ولكننا حاولنا تقديم لمحة سريعةعن الأعمال التي شاهدناها، والتي لفتت انتباه وتعليقات الجمهور بدرجات متفاوتة، وفي المجمل فإن هذا الموسم يعتبر متميزًا في الأعمال الدرامية؛ التي تعتمد على المواهب الشابة؛ التي استطاعت تقديم أدوارها بشكل مميز، واستغلال مساحتها في إظهار قدراتها التمثيلية المختلفة، وحققت في ذلك نجاحًا كبيرًا، رغم غياب بعض الفنانين؛ الذين اعتادوا تقديم أعمال درامية من بينهم “محمد رمضان” و”يسرا” و”منى زكي” و”ياسمين عبد العزيز”؛ إلا أن الموسم ضم عددًا كبيرًا من المسلسلات المختلفة، والمؤثرة.
★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.