مسرح

محمد القلاف: “الأول من نوعه ” وعودة إلى حقبة الثمانينيات؟

محمد القلاف ★

تحمل مسرحية (الأول من نوعه) للكاتب والمخرج عبدالعزيز صفر ملامح سياسية وواقعية،  والمسرحية تمثيل خالد المظفر، وعبد الله بهمن، وإيمان فيصل، ومحمد صفر، وأريج العطار، وأحمد المظفر، وأمير مطر، وسلمان كايد، ومهدي دشتي، كما تناقش الأمور العامة، وتُشخّص حالاتها، وتُبرز أهميتها، وهي صورة من صور مسرحيتَي “هنريك إبسن” (البطة البرية)، و(الاشباح) اللتين تناقشان الأوضاع الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية وما فيها من تدهور، وتفشي الفساد، وتراجع المؤسسات، والنفاق، واستغلال المصالح بدل الإصلاح، والمخرج كونه يميل لهذه المدرسة، وهذا ما كتبه في إحدى كتاباته في حسابه الشخصي “إن مؤلفي  الدراما الأوروبية منذ هنريك إبسن، يعالجون المشكلات الاِجتماعية …”

ما حكايتها؟

يحكي العرض دكتور في الجامعة يقيم علاقة حب مع طالبة تدرس في مادته، فيتقدم لها للزواج؛ بعدما أخذ الوصفة من دكتور علمي، وهي (الأول من نوعه) ليعيش حياة سعيدة، وتجربة جميلة، ثم مع مرور أشهر تبخرت الوصفة، وحدث صراع بين الزوجين؛ بتحريض كل من الطرفين سواء من الزوج والزوجة، وتنتهي بالطلاق؛ بسبب الفروق بينهما من الناحية العلمية، والحياتية.

ثيمات المسرحية (الثيمة الرئيسية)
زواج الشباب، ومشكلة الطلاق

تناقش هذه القضية، التي تعتبر مشكلة العصر؛ لكثرة الطلاق بين الشباب؛ وخاصة في الوسط التعليمي؛ كونها تشير إلى النسبة العالية التي نقرأها؛ حيث تشير الإحصائيات، والتقارير الصادرة عن وزارة العدل الكويتية إلى أن هناك ارتفاعًا سنويًا، فقد بلغت نسبة الطلاق الوسطية في دولة الكويت (51.8 %)، وذلك بحسب تقرير إدارة الإحصاء والبحوث التابعة لوزارة العدل الكويتية.


تبين المسرحية هذه النقطة، أن الطبقة الوسطى؛ وبالخصوص الشباب كثيرو الطلاق، ولا تستمر الحياة الزوجية لأكثر من سنة؛ لأسباب عديدة منها الطبقية، وتراجع التعليم، وإهمال الوالدين في التربية والتعليم في تحمل المسؤولية، وحب المادة، أي المظاهر.

(الثيمات الثانوية)
-أزمة التعليم

تطرقت المسرحية لأزمة التعليم في أورقة الجامعات، واستغلال مناصبهم فيها سواء مع الطلبة، أو الترقيات، ناهيك عن الشهادات المزورة، وشراء البحوث؛ لتتم الترقية من أجلها، وإعطاء علاجات، ونصائح، هم لا يفهمونها بسبب الشهادات المضروبة، وكل منهم يدلو بدلوه، وهو لا يفقه شيئاً في تخصصه؛ فضيعوا أنفسهم، وأضاعوا غيرهم من المجتمع.

المسلسلات الهابطة

لفت نظري، الاحترافية في مشهد البيت، عندما جلس الزوجان الدكتور طلال –  ولد ابوه – مع طيبة – بنت امها – يشاهدان المسلسلات في التلفاز ، هنا قام المخرج صفر، بعمل مشاهد من مسلسلات حديثة، وقام بمقارنتها، وانتقد الأعمال الخادشة للمجتمع، وأنها لا تمثلهم، وبعضها كان مبالغاً فيه، وهذه الفقرة تعتبر مهمة، وبارزة في النقد الموضوعي والبنّاء.

  كسر الجدار الرابع

بريشت، كان حاضراً في هذه المسرحية؛ في قالبه كسر الجدار الرابع، أي كسر الإيهام، بين فترة وأخرى كان الممثلون يخاطبون الجمهور، ويشركونهم بالعمل، ويبينون لهم أنهم يقومون بعمل مسرحي، وهنا الجمهور ليس فقط متلقٍ؛ إنما مشارك معهم.


الملاحظات
أعتقد أن هناك ملاحظات، وأن على القائمين بالعمل، الانتباه لها وهي:
أن الديكور ثاتب، وليس متغيراً من غرفة نوم ومكتب، وهذا يسبب الجمود، والملل للمتلقي، بينما الإفيهات فيها جميلة؛ ولكنها كثيرة، وهذا يجعل المتلقي منصرفاً عن المتابعة، والاستمتاع، والضحك؛ خاصة في مشهد الخطوبة، ومشهد المحكمة، والملاحظة الأخيرة أن الكاتب صحيح تناول أموراً عديدة؛ ولكن كان من الأجدى له أن يمسك خطاً واحداً، أو خطين لمناقشة المسائل التي تحدث في واقعنا؛ ولكن مشكلة الكاتب أنه أراد أن يتطرق لقضايا عديدة في عمل واحد؛ وهنا أغلب المواضيع لم تأخذ حقها.

في النهاية، العمل جميل، ومميز على الرغم من وجود الملاحظات؛ التي يمكن تداركها في المرات القادمة، والممثلون جميعهم فريق بارع، ففي هذه المسرحية تذكرنا حقبة الثمانينيات لمسرحيات كانت تطرح أموراً تمس المجتمع، وهمومه، وإذا استمر هذا الفريق بعمله هكذا، والكاتب بكتابته؛ سوف يكونون شيئاً بالمستقبل.


★ناقد-الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى