مسرح

نهلة إيهاب : عرض “العادلون” .. رؤية فنية لقضية إنسانية.

نهلة إيهاب ★
في زمن تُفرض فيه مسألة العلاقات والتداخلات بين الأشياء، يصبح الفن هو الملاذ المفضل، ويبقى المبدع هو الترمومتر، الذي يقيس درجة تصاعد الأحداث، وما يطرأ عليها من تغيرات… لذلك يطالعنا العرض المسرحي “العادلون” عن رواية الأديب الفرنسي” ألبير كامو”، إعداد الكاتب والصحفي “محمد عبد الرحمن” ، وإخراج “محمد فاضل القباني” ؛ وذلك ضمن الموسم المسرحي الجديد، الذي تقدِّمه الهيئة العامة لقصور الثقافة .

حيث تدور أحداث العرض حول مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين، يخططون لاغتيال أحد قادة الكيان الصهيوني ، ولكن أثناء ذلك تحدث المفارقة الدرامية الكبرى، التي تُغيِّر من مجرى سير الأحداث، وهي وجود أطفال وزوجة هذا القائد الصهيوني معه بسيارته الخاصة المستهدفة ، فيتراجع المناضل “الإنساني” عن خطته مما يعطي الأولوية للمواقف الإنسانية، التي لا تنقص من روح الانتفاضة لديه شيئاً .

فقد جاءت المعالجة الدرامية للعرض المسرحي هذا، متطابقة مع الأحداث الدرامية لنص المسرحية الأصلي “لألبير كامو”  فقد نجح المعد والكاتب “محمد عبد الرحمن” في الحفاظ علي جوهر النص ذاته، والخطوط الدرامية العريضة له؛ هذا إلى جانب الإسقاطات، التي ضافها لروح العرض المسرحي، فقد قام بتغييرموقع الأحداث، فبدلاً من روسيا أصبحت “فلسطين”، وبالتالي بالتغيير في أسماء الشخصيات الدرامية، حتى تتماشي مع القضية الفلسطينية.

كما وظف المخرج “محمد فاضل قباني” جميع عناصر العرض المسرحي،  لكي تتوافق مع الحالة الشعورية للقضية الإنسانية “القضية الفلسطينية”، لتصبح ذات بعد فني جمالي، يُخاطب الشعورالوجداني، والعقل الجمعي أيضاً، وذلك بالتعاون مع مهندسة الديكور والملابس “سماح نبيل” حيث جاء الديكور ذو المنظر الواحد، يضفي حالة من الشجن والقلق والجوف من المجهول أحياناً ؛ كما جاءت الملابس بالالوان الباهتة، التي لا روح فيها، وكأنها تشم رائحة الموت؛ وكذلك فعل التأليف الموسيقي لـ “محمد خالد “.

أما بالنسبة للإضاءة لـ”محمد الطايع”  فقد جاءت بالإضاءة الخافتة، والبؤر الضوئية، ذات الألوان النارية الحماسية.  
كما جاء الأداء التمثيلي لكلٍ من رامي نادر ، وخالد رأفت ، والسعيد قابيل ، وهدير طارق ، وعبد الرحمن كمال ، ومحمد فاضل قباني، معبراً عن مكنون، وأبعاد الشخصية الدرامية. 

فهكذا طرحت “القضية الفلسطينية” في العرض المسرحي ” العادلون ” على خشبة مسرح الطليعة بالقاهرة.. حيث إن لكل شعوب الأرض وطن يعيشون فيه ، أما الفلسطينيون فلديهم وطن يعيش فيهم (وطن برائحة الشهداء) .              


★ناقدة-مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى