أخبار ومتابعات

د.فاتن حسين ناجي:الحنو للشخصيات غير السوية بين المطرقة والسندان

د.فاتن حسين الطائي★

وفق سمات نفسية وجسدية، واتجاهات مغايرة للشخصيات الخيرة، تتكون الشخصية (الشريرة) وفق التسمية العامة لها، لما تحمله من أدوات فكرية ونفسية ومادية، قابلة للإطاحة بالآخر, تلك الشخصية، وعلى المديات الواسعة (الفترات الطويلة)، تأخذ جانب القسوة، وجانب الأذى ، وإن المتمعن في هذه الشخصيات، وبنائها الدرامي، يدرك أن خطابها بمفهومه الأسلوبي، يتأسس توليداً لمعان متمردة على الحدث الواقعي، محاولة جعل الأحداث فوضوية، تسير مع المتلقي، وفق عملية تجنب وكره.
لكن اليوم، نجد أن المعادلة قد اختلفت، وبدأ المتلقي (يحنو ) نحو الشخصية الشريرة، وتتمركز توقعاته النفسية، حول تحقيق أهداف تلك الشخصية، بأكمل وجه . التساؤل هنا، هل بناء هذه الشخصية، جاء مقصوداً من المؤلف، لجعل المتلقي يحتفي بها، ويدرجها ضمن شخصية الخير المسلوب حقه، أم هي شخصية واقعية، شابهت واقع المتلقي، ولم يكن للمؤلف قصد في استثناء قاعدتها، أم أن الواقع الذي نعيشه اليوم، أصبحت فيه الشخصية الشريرة، مسلوبة الحقوق عند البعض .
نتوقف عند قصدية المؤلف، إن كانت واقعية، فهي إذن خلل في البناء، في أن نجعل المتلقي، لايدرك الخير من الشر، ولايدرك أنه في بعض الأحيان، قد تكون تلك الشخصية اتجاهاً لدى البعض، من خلال إيجاد المؤلف مبررات لصناعتها، وفق النحو الذي نقصد، وهنا تكمن السلبية الأكبر، وهي (المبرر ) للأهداف، والتكوينات، والأفعال البعيدة عن الخير، أو التي يجب أن تكون بعيدة عن الخير، كأن يبرر القتل، ويبرر الكذب، ويبرر السرقة، وغيرها، ونجد مع نهاية الأحداث، أن الفاعل لم يأخذ جزاءه، والمشكلة الأكبر تكمن ، في أن المتلقي، يجد فيها نهاية صائبة ومرضية له، والمبرر يكمن في رسم حياة تلك الشخصية الأولية، في ظروفها التي جعلتها تتحول من الخير الى الشر، وظلم المجتمع لها وتمادي الآخرين في سلب حقوقها، هنا يبرر المؤلف التحول في أنه أسلوب في أخذ الحقوق، وهنا تكمن الثغرة الأكبر، في أن تأخذ الحقوق عن طريق الشر والأذى .
والمبرر الآخر، هو الكينونة الكلية، للواقع المحيط لها، والذي يجعل منها، الأكثر مظلومية مقابل الظالمين ،أو أن يجعل الشخصية السالبة لحقوقها، شخصية لاتدرك ذلك السلب، مما يجعلها تتمادى، للتتراكم مسببات الانتقام لدى الشخصية الشريرة .
ومهما اختلفت المبررات، لايجب أن تُبنى الشخصيات وفقها، ليتكون الإطار العام للخطأ، على أنه فضيلة، والشر على أنه، صيغة لأخذ الحقوق .
إن هذه الجدلية للشخصية، إما أن يكون لها بناء درامي متماسك، يجعل الشر يأخذ عواقبه، ضمن أطر المعقول، أويجعل للواقع، مظلومية عقلانية، ليتحول بعدها إلى شخصية سوية، حتى تكون النهايات، حاملة لمبدأ التغيير النفسي للمتلقي.

من عرض: هاملتهن
من عرض:هاملتهن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

★ناقدة وأستاذة مسرح- العراق

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى