إذاعة وتليفزيونرأيمشاركات شبابية

رغدة سامي: دعوة للقتل؟!

رغدة سامي عبد الحليم★

(تابعوا سفاحكم المفضل على المنصات التالية)، مع نهاية مفتوحة، حيث يستولي فيها شخص مجهول على أموال مدفونة، وصوت السفاح يوصيه أن يكمل مابدأه !
تلك هي خاتمة مسلسل (سفاح الجيزة ) الذي يعرض حالياً في بعض القنوات التلفزيونية، من ﺗﺄﻟﻴﻒ محمد صلاح العزب، و إخراج هادي الباجوري
ففي أيِّ عبث نعيش نحن؟ … أيِّ سفاح مفضل؟ …. ومنذ متى أصبح السفاحون أبطالاً مفضلين؟
كيف يقدم المجرم كقدوة؟

إغراء للشباب !
من المعروف أن الإعلام وخاصة التلفزيون، سلاح ذو حدين، إما أن يتيح لنا الوعي المفتقد، حيث يقوم بتصدير الواقع بمشكلاته، وتقديم حلول، أو على الأقل يقوم بطرح طرائق منطقية، للتعامل مع المشكلات .
وأما أن يصدر السيء، بصورة منمقة جميلة، ويقدمه كقدوة تغري المتلقي ، وخاصة الأطفال والشباب.
فكيف يقدم الفن، قصص المنحرفين اجتماعياً، وصور الشذوذ المجتمعي، والمرضى النفسيين كأبطال !
وبأي حق يقدم الفن، سفاحاً على هيئة بطل محبوب، يعجب به وبأفعاله المنحرفة المريضة، الجمهور، ويقيمون له التريند ابتهاجاً؟


وتكون حكايته، مجالاً مفتوحاً للمُزاح والهاشتاجات، وغيرها من الدعاوى غير المباشرة، والمشجعة لكل من يحمل بذرة مشابهة، لمثل تلك الأمراض النفسية.
هناك شعرة واحدة تفصلنا عن التوعية والنصح و وتنمية العقل البشري، وبين تقليد تلك الشخصيات، فالإنسان دائماً ما يميل للسهل القريب من العين، إن لم نكن حذرين في صناعة عمل فني، يتخذ من مشكلة خطيرة مثل (سفاح الجيزة) مثالاً يمكن أن يسيء البعض، استقبالها وتحليلها واستخدامها والتأثر بها ، وبدلاً من أن يكون هدفنا كما هو المفروض، الحد من تلك الظواهر السلبية، فإننا نساهم دون قصد بانتشارها.
خاصة إذا ما قدمت لنا كما حدث اليوم، نهاية مفتوحة حتى تكسب وقتاً ل(سيزون) آخرعلى حساب المشاهد، وعقله، وأسرته، وأطفاله تحديداً.

كارثة التريند!
أنا لست ضد تقديم قصص عن أحداث خطيرة ، لكن مع أهمية الانتباه لطريقة التقديم، والتفكير بتأثيره على المتلقي ، فثمة أخطاء صغيرة، قد تؤدي لعواقب وخيمة ، فما بالك لو كانت بحجم أكبر؟
فلا نأخذها على محمل الاهتمام، في سبيل نجاح مسلسل، أو في سبيل النجاح الجماهيري والمادي، مع خسارة أجيال جديدة قد نرسخ بداخلها أن الجريمة طبيعية دون عقاب، بل بتمجيد وإشادة، ليهرع البعض نحو كارثة (التريند)، التي انتشرت في أيامنا هذه، دون التفكير في عواقبها المستقبلية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

★ناقدة- مصر 

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى