فنون وآداب اخرىمشاركات شبابية

محسن النجدي: أنت من يحدد مسار هذه اللعبة!

محسن النجدي★ 

من مِنَّا لم يلحَّ عليه طفله يوماً، لشراء لعبة من ألعاب الفيديو، تلك اللعبة التي تنتمي للغة العصر وسلاح العلم، وهو سلاح ذو حدين، بالإمكان أن يستفيد منه الإنسان للدفاع عن نفسه، وفي الوقت ذاته، يستطيع القضاء على نفسه.

في الواقع الحالي نادراً ما نجد أسرة يخلو بيتها من التكنولوجيا، أو ألعاب الفيديو، لا يمكن أن نستثتي إلا الدول الفقيرة اقتصادياً.

 إحدى ألعاب الفيديو، التي حققت نسبة مبيعات كبيرة خلال فترة وجيزة من انطلاقها، لعبة “ديترويت نحو الإنسانية“، كتب سيناريو اللعبة (ديفيد كيج وآدم ويليامز)، وطوَّر اللعبة، الشركة الفرنسية (كوانتيك دريم).

لعبة ديترويت نحو الإنسانية

تدور أحداث اللعبة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم على نظام الأسلوب القصصي، أي إن اللعبة تعتمد على اللاعب، واختيارته بالمقام الأول، وليس اللاعب، هو من يسير على أسلوب واحد، وذلك ما يبين هنا الخروج عن النظام المألوف، أو النظام التقليدي بذلك، لأن اللاعب هو من يحدد مسار أحداث اللعبة، وقد تختلف الأحداث، من لاعب إلى لاعب آخر.

تبدأ سلسلة أحداث اللعبة في عالم افتراضي، عند ثلاث شخصيات رئيسية في اللعبة، (كونر، وكارا، وماركوس) وهي شخصيات ليست من البشر الحقيقيين، بل الآت قام البشر بصنعها، كنوع من تسهيل مسلتزمات الحياة، ومسماهم أندرويد، لاسيما بأن الأندرويد يواجهون صعوبة، ومشاكل في حياتهم مما ينعكس على الشخصيات الرئيسية الثلاث، بحيث إن (كارا) تسعى لتعيش في أمان، إلا أن البيئة المحيطة بها لا تساعدها على تحقيق ذلك، مما يعرضها للعنف، فتهرب مع ابنة مالكها، التي لم تحتمل رؤية طفلة صغيرة وحيدة مكسورة.

أما (كونر) المحقق الذي يلازم أحد رجال الشرطة، والذي لا يؤمن بقدرات الآلة، فمهنته قائمة على مساندة الأندرويد، وذلك يتسبب بانزعاجه، وهنا يقوم الصراع بين البشر والأندرويد، بحيث إن (كونر) يشعر بالإهانة، لكنه يضطر لاتباع الأوامر بحكم البرمجة، التي يعمل بها.

أما (ماركوس) خادم الرسام المسن (كارل)، الذي لا يجد من يعينه إلا (ماركوس) ولكارل ابن عاق، يشعر بالغيرة من (ماركوس) بسبب حب والده له، مماجعله يضطهد الأندرويد، بحيث يرى إنهم مجرد عبيد للبشر، وليست لهم أي سلطة، وهذا الامر يجعل (ماركوس) يفقد أعصابه.

أنت من يقرر النهايات

رغم اختلاف بداية كل شخصية من هذه الشخصيات، إلا أن من يحدد مسار بقية الأحداث، وكيف ستسير، هو اللاعب، فكيف ستكون مواجهة العاطفة، تجاه العقل، وكيف ستكون مواجهة المظلوم للظالم، وكيف ستكون مواجهة الصادق للكاذب، والمحكوم للحاكم، أو التابع للمتبوع، ومن بعد هذه المواجهات هنا، قد تحدث بعض المفارقات، التي تجعل اللاعب في حيرة، أو في توافق، ومواجهات الشخصيات لبعضها البعض، ومن تبدأ التساؤلات من سينتصر؟ وكيف ستكون نهاية كل شخصية؟ وهل ستحقق غايتها وهدفها وذاتها؟

أحداث كثيرة تمر بها هذه اللعبة، كثورة الأندرويد على المدينة، بعد المشاكل التي يوجهونها، كالعنصرية، أو العنف، أو حتى العبودية، هل هي فعلاً حقوق للأندرويد، أم إنها مجرد آلات خرجت عن السيطرة!، هنا تكون السلطة الأولى للاعب، ليصلح، أو يفسد العلاقة ما بين الأندرويد والبشر، ويحقق بالتالي مفهوم الإنسانية.

الألعاب الإكترونية غالباً ما تكون موجهة إلى فئة المراهقين والأطفال، ولكن (لعبة ديترويت) صُنفت من قبل النظام الأوروبي، للفئة العمرية (+18)، لما تحتويه اللعبة من أفكار، سواء كانت سياسية، أو ثورية حتى ولو حملت هماً إنسانياً، لأن بعض المشاهد فيها، قد لا تلائم الصغار، وقد يلائم التنصيف من هم في وطننا العربي، ويعود ذلك التصنيف تحديداً، لهذا النوع من الألعاب لتحقيق بعض أهداف اللعبة، وهي روح الاندماج، لذلك قد يعود هذا الاندماج بالسلب على الصغار والمراهقين في عالمنا، هذا إن لم يلتزموا بالتصنيف الخاص بالفئة العمرية، وأكثرهم بالتأكيد لا يفعل ذلك، بسبب عدم مراقبة الأهل في الغالب!.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

★ ناقد فني ــ الكويت

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى