فنون وآداب اخرى

عاطف أبو شهبة: مخرج وطفل وأراجوز في تاكسي!

 

عاطف أبو شهبة

أثناء عودتي من مهرجان الفيلم القصير غ الإسكندرية المقام مسرح سيد درويش (الأوبرا حالياً ) كان معي الأراجوز  في بعد ما ضاع الكيس الخاص به، ناديت على سائق تاكسي وقف لي، وعندما اقتربت منه وجدت معه طفلاً  يبدو عمره عشر سنوات، جالساً في الكرسي الأمامي ، ركبت في الكرسي الخلفي ، أخبرته باتجاهين لجليم شارع أبو قير حيث أسكن ، هز  رأسه وانطلق فجأة ،  وقف الطفل على الكرسي متجهاً ببصره ناحية الأراجوز وقال لي إيه ده يا عمو .؟

أنا : أراجوز ياحبيبي.

انتبه السائق وقال له : صدقتني بقى اسمه أراجوز  ووجه كلامه لي معلش يافنان أصل لسه قايل له اسمه من يومين جه في فيلم كده لقطة لواحد بيلعب الأراجوز في الشارع ولما قلت له أن ده اسمه أراجوز ضحك. وماصدقنيش أصل عمروش ابني هو اسمه عمر وبدلعه عمروش وباخده معايا يريح أمه من دوشته وأهو يشوف ناس.

أنا : ربنا يخلي بس منين عرفت أني فنان.

السائق :حضرتك راكب من قدام مسرح سيد درويش اللي بيسموه أوبرا بس احنا طلعنا لقيناه سيد درويش وماسك أراجوز وأنا للعلم معايا دبلوم تجارة وبشتغل سواق أعمل إيه.

تدخل الطفل عمو ينفع تعمل زي الفيلم.

أنا : لبست الأراجوز في يدي وحركته مصدر الصوت الخاص بالاراجوز وسألته.

اسمك إيه بقى

الطفل : عمروش ضحك باندهاش هو الصوت ده منين مين بيعمله.

أنا : من هنا وأخرجت الأمانة  وزمرت بيها ليكتشف أن صوتي تغير.

ابتسم االسائق وقال : طول عمري نفسي أعرف بيطلع الصوت ازاي فهمت دلوقتي.

أنا : دي اسمها الأمانة وبتتكون من قطعتين من الستانلستين وبنحط مابينهم شريط مشدود من نوع خاص فاكر الناموسية(كانت توضع فوق الأسرة للحماية من الذباب والناموس ) بناخد نفس نوع الشريط ونشده بين القطعتين ونلفه بخيط يبقي الشكل ده.

ونركبه ف سقف الحلق ونكلم زي كده.

وأصدرت الصوت مرة ثانية وانبهر الطفل وضحك بسعادة غير عادية.

أكملت ودي بنسميها الأمانة لأنه كان بتوع الأراجوز زمان بيهديها  لأولاده جيل وراء جيل.

السائق :هو أنا فاكر زمان وأنا قد ابني كده أو اشد شوية كنت بشوف الأراجوز ف المرسي أبو العباس وكان كمان في راجل شايل العدة وراء ظهره ويجي في الشارع وواحد معاه طبلة  وينصب الأراجوز كانت الستات في الشبابيك واحنا عيال نلف دايرة حوالينه ويعمل أراجوز والستات ترمي فلوس من الشبابيك والبلكونات فاكر أنا صحيح هو مبقاش موجود دلوقتي.

الطفل عمروش: عمو مرة ف المدرسة عملوا حفلة وجابوا حاجه زي الأراجوز كده بس مش لابسه نفس اللبس وكانوا مشغلين أغاني وكانت بترقص كدهوه وغنى أغنية وهز جسده بالرقص لدرجه أن الأب خاف واوقف السياره ببطء حتى لايقع تأسف الأب السائق لي وأكمل طريقه.

أنا : مافيش حاجه عادي ووجهت كلامي للطفل دي اسمها بقى عرايس قفاز ودي بتتحرك تقريباً زي الأراجوز وتصنع من الإسفنج .

السائق : أيوه فاكر عمروش عارف المرتبة اللي بتنام عليها أيوه هي دي مصنوع من الإسفنج برضه.

أنا : ايوه بالظبط كده وأقولك كمان في نوع اسمه عرايس العصا دي بقي زي القفاز بس بيزيد عليها عصا لتحريك الإيدين فهمت يا أستاذ.

ضحك عمروش موافقاً وجلس على الكرسي فجأة

السائق : نام هههه أخذ يعدل من وضعيه طفله على الكرسي بيد ويسوق بالأخرى  بعد أن استغرق في النوم واعتذر مرة ثانية

السائق : والله يا أستاذ أن مبسوط قوي بالمشوار ده وأنك بتفهم عمروش وفجاة صاح يباي اوع كده وأنت مخايلني يباي ياتعدي ياتقف.

أنا : نظرت فوجدت شاب يحاول العبور بين السيارات في تردد واضح.

السائق : أهي دي المصايب اللي تيجي للواحد اه صحيح مش كان في حاجه اسمها خيال مخيال مش فاكر

انا : أكملت طبعا خيال الظل.

السائق : أكمل حديثه أصل شفته ف التلفزيون وكنت بسمع عنه صراحه أبويا كان بيقولي أنه كان في دكاكين ف المولد بتتاجر وبيتعمل فيها الخيال ده.

أنا : كلامك صح أنت عارف أن العروسة بتاعته كانت بتتعمل من الجلد المدبوغ بس يكون شفاف وماسك نفسه تترسم وتتقطع في المناطق اللي عاوزينها تتحرك زي الذراع مثلا ونبطها ف جسم العروسه بحاجه نسميها مفصل عشان الحركة

السائق : طيب الجلد وعرفناه بس ده لون واحد بيبقي أنا شفت في التلفزيون ملون أفنان اه والله.

أنا : أيوه ماحنا بنلون الجلد بألوان مخصوص.

السائق :صحيح فنان أنا كده ممكن أشتغل معاكم بقى.

أنا : تشرفنا طبعاً لا استنى في نوعين كمان نوع اسمه المسرح الأسود وده عارف بتوع المرور بليل مش بتلاقي البدلة بتاعته بتنور كده من غير نور.

السائق : مفتخراً أيوه فسفور كدهون.

أنا : بالظبط في لمبه بقى بنسميها الترا بنظلم المسرح ونور اللمبة دي شكلها زي النيون كده بس بطلع إشعاع بيبين اللون الأبيض والألوان الفسفوي بس وفيه نوع بقى اسمه المسرح الورقي

السائق : كل ده فهمناه إيه بقى قصة المسرح الورقي كمان الورق بيتعمل منه مسرح !

أنا : لا ده قصة ثانية خالص ياه ده وصلت للبيت شكراً يا أسطى.

السائق : المسرح الورقي طب.

أنا : خد حسابك الأول.

عمروش استيقظ: إيه ده عمو أنت رايح فين مش حاتيجي معانا.

أنا :لا اتفضلوا أنتم بقى معايا بمد إيدي بالفلوس.

السائق : والله ما أنا واخد حاجه ربنا يخليك كفايه أنك نورتني أنا وعمروش الحق أم العيال بقى وانطلق مسرعاً


★مخرج مستقل ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى