إذاعة وتليفزيونرأي

حنين سالمة:لماذا أصبحت إعلانات المسرحيات بهذا الاتجاه؟

 

حنين ناصر سالمة

في ظل الثورة التكنولوجية، وتغير أنماط الحياة، نشهد تحولات كبيرة في مختلف القطاعات، من بينها المجال الفني والمسرحي، فبعد مرور أجيال وأجيال، جاء الجيل الجديد ضمن ظروف مغايرة؛ حيث نشأ شباب المستقبل وسط عالم رقمي متسارع، وصار جزءاً لا يتجزأ من ثقافة الإنترنت ومواقعه المختلفة، هذا الجيل يتمتع باستقلالية كبيرة، فهو لا يخضع بسهولة للأنظمة التقليدية، ولا يرضى بالأساليب التربوية القديمة، مما يجعل السيطرة على سلوكه تحدياً للأسر والمجتمع.
ومع هذا التغير، كان لا بد أن تتأثر صناعة الترفيه أيضاً، بما في ذلك المسارح، التي تُعَدُّ واحدة من أهم وسائل التثقيف والتسلية للأطفال والمراهقين، لكن الملاحظ أن الإعلانات المسرحية، التي يفترض أن تكون وسيلة لجذب الجمهور بطريقة إيجابية ومبتكرة، بدأت تتجه في السنوات الأخيرة إلى منحى مختلف تماماً، وربما غير صحي في بعض الأحيان، فلم تَعُدْ هذه الإعلانات تُرَكِّزُ على القيم التعليمية، أو الترفيه الراقي، بل أصبحت تتبنى خطاباً يعزز بعض السلوكيات السلبية لدى الأطفال والمراهقين، مما يثير التساؤل حول تأثير هذه الرسائل على الجيل الجديد.

جيل (ألفا) وإعلانات المسارح

جيل ألفا، هو الجيل الذي وُلد بعد عام 2010، وهو جيل نشأ في بيئة رقمية بامتياز؛ حيث أصبح الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من يومياته، ومن الصعب فصله عن تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي، والألعاب الإلكترونية، والتطبيقات الرقمية.
نتيجة لذلك، فإن سلوك هذا الجيل بات مختلفاً تماماً عن الأجيال السابقة؛ حيث يميل إلى الاستقلالية المفرطة، والتمرد على السلطة الأبوية والتقليدية.
في ظل هذه البيئة الجديدة، وجدت المسارح نفسها مضطرة لمواكبة اهتمامات الأطفال والمراهقين الجدد لجذب انتباههم، لكن بدلاً من توظيف أساليب إبداعية تحافظ على التوازن بين الترفيه والقيم التربوية، لجأت بعض المسارح إلى الترويج لرسائل تعتمد على التحدي والتمرد، مما يعزز السلوكيات غير المرغوبة لدى الأطفال.
على سبيل المثال، نجد أن بعض الإعلانات المسرحية تتضمن عبارات مثل “أنت ما تقدر علينا” كما هو الحال في مسرحية أبراكادابرا، و”أنت شكو وشتبي؟” في مسرحية صنع في الكويت، و” لا أهلاً بو، لا سهلاً بو ” في مسرحية (زين التي لا تخاف).
هذه العبارات ليست مجرد كلمات عابرة، بل تحمل في طياتها معانيَ تُعزز لغة التحدي والرفض والتمرد، مما قد يترك تأثيراً سلبياً على الأطفال؛ الذين يتأثرون سريعاً بما يشاهدونه ويسمعونه.

الإعلانات والترند.. هل كل ما هو شائع مفيد؟!


من الواضح أن هذه الإعلانات تسعى للاستفادة من لغة “الترند” المنتشرة بين الأطفال والمراهقين؛ حيث باتت العبارات الحادة والجريئة؛ وسيلة فعالة لجذب الانتباه وضمان انتشار المحتوى.

في ظل التنافس الشديد في سوق الترفيه، تلجأ بعض المسارح إلى استخدام الجمل الرنانة والصادمة؛ لضمان تحقيق انتشار واسع على منصات التواصل الاجتماعي.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل كل ما هو شائع وجذاب مفيد للأطفال؟!
من الناحية التربوية، تلعب العبارات المتكررة دوراً كبيراً في تكوين لغة الطفل وشخصيته.
عندما يسمع الطفل عبارات تتحدى الآخرين، أو تقلل من احترامهم، فإنه يعتاد استخدامها في حياته اليومية، مما ينعكس سلباً على علاقاته الاجتماعية، وطريقة تعامله مع الآخرين، كما أن تعزيز فكرة (التحدي والتمرد) في سياقات غير مناسبة قد يؤدي إلى خلق جيل أقل تقبلًا للحوار، وأكثر ميلًا للصدام، وهو أمر خطير على المدى البعيد.

لا يمكن إنكار أن الترفيه والمسرح يلعبان دوراً رئيسياً في تشكيل ثقافة الأجيال القادمة، ولكن يجب أن يكون هذا التأثير إيجابياً.
إن اعتماد الإعلانات المسرحية على لغة التحدي والتمرد؛ قد يكون استراتيجية ناجحة على المدى القصير من حيث الانتشار، لكنه قد يترك أثراً طويل الأمد على سلوك الأطفال؛ لذا، من المهم أن يتبنى صُنَّاع المسرح نهجاً أكثر مسؤولية في إنتاج محتواهم الإعلاني، بحيث يكون جذاباً دون أن يكون مضراً، ومواكباً للترند دون أن يفقد قيمته التربوية.


★ناقدة ـ الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى