حنين سالمة: كيف تَطوَّر عرض “مستشفى فايف ستارز”.. ما بين الورشة والمهرجان؟!
حنين سالمة★
من الجميل أن تكون شاهداً بين مرحلتين، ما قبل وما بعد، فتلامس مراحل تطوُّر العمل، هذا ما شعرت به أثناء حضوري لأحد عروض مهرجان باك ستيج للمسرح في دورته الأولى؛ حيث عُرضت مسرحية (مستشفى فايف ستارز) للمرة الثانية، بعد أن عُرضت للمرة الأولى قبل أسابيع على مسرح الشامية، وكانت نتاج ورشة تمثيل أقامها د. مبارك المزعل.
تتناول المسرحية، قصة مجموعة من الأشخاص الأصحاء، وجدوا أنفسهم في مستشفى للمجانين.. ويتم الاستثمار بهم من خلال ازدياد عددهم عبر خطة يضعها كل من الدكتور، وصاحبة المستشفى؛ ليتضح فيما بعد أن دكتور هذا المستشفى، لديه ملف طبي، وأنه مجنون، ولكنه يدَّعي أنه طبيب، وتصبح هذه المجموعة في مأزق، محاولين الخروج خلسة من المستشفى بمساعدة الممرضة .
رغم أن العرض يحمل العديد من الثغرات، والضعف إلا أننا سنحاول أن نتطرَّق في هذا المقال فقط لمرحلة التطوُّر الكبير، الذي حصل بين العرض السابق، والعرض الحالي، والذي كان بدوره بالطبع تطوُّراً نحو الأفضل.
بداية لا بد من الإشارة إلى تطوُّر أداء مجموعة من الممثلين، وعلى وجه الخصوص، الممثل (علي بومجداد) الذي وجدت من خلال عرض المهرجان أن أداءه قد تطوَّر بشكل ملحوظ، كما أنني لاحظت أن بعضاً من الممثلين تم استبدالهم، وأبرزهم شخصية (فيصل العلوان) والذي أعتقد أنه قدَّم أفضل أداء تمثيلي بين الجميع في العرض السابق، ولكن تم استبداله في عرض المهرجان بالفنان (عبدالله المسلم) الذي يُعتبَر متمكناً في المسرح، وليس كبقية الممثلين، الذين كانوا إما هواة، أو مبتدئين في هذا المجال؛ لذا فإن وجود (المسلم) أضاف للعرض الكثير، فقد لعب المسلم في العرض على تعزيز الجانب الكوميدي؛ حتى يحاول معالجة ضعف النص المسرحي، ولا بد أن نشير في عرض الورشة، إلى تفرُّد الممثل (محمد المنصور) في أدائه الكوميدي والمميز، والذي نعتقد من وجهة نظرنا أنه في عرض المهرجان، كان أداؤه أقل مما كان عليه في عرض الورشة.
أما على صعيد الإخراج، فعرض المهرجان كان من إخراج (ابراهيم الشيخلي) الذي أضاف الكثير إلى العرض المسرحي، محاولاً تفاديَ أخطاء كثيرة، كانت موجودة في العرض السابق، مثل تغيير الديكور بشكل مستمر، ومبالغ فيه، مع ظهور كل ممثل بشكل منفرد يُملي على الجمهور قصة لجوئه إلى مستشفى المجانين، وبالطبع كان ذلك التغيير ذكاء من المخرج؛ حتى لا يصاب الجمهور بالملل، فاستعان بتغيير الديكور مرتين فقط لا غير، وأن يتم سرد قصص المرضى من خلال ممثل واحد فقط، وبخفة فلا حاجة إلى مونولوج طويل، يلقيه كل ممثل كما كان عليه العرض في السابق، أما عن عملية تغيير الديكور، فقد واجه المخرج ثغرة كبيرة؛ حيث إنه كان هناك بقعة يتحاور الممثلان فيها، وكان صوت ارتطام الديكور، وقطع الأثاث على خشبة المسرح أثناء عملية تغيير الديكور، أعلى من صوت الممثل، فلم نستطيع فهم ما يقوله الممثلان.
أضاف (الشيخلي) مشهداً إخراجياً جميلاً في بداية العرض، وهو مشهد صعق الدكتور للمرضى على أسرتهم، عبر رفع يده، واهتزاز المرضى.. مرفقاً بذلك توظيف الإضاءة، والصوت للإيحاء في الصعق الكهربائي، وهذا المشهد لم يكن موجوداً في العرض السابق.
تغيرت مجريات القصة بين العرض القديم، والعرض الجديد؛ حيث كانت الأحداث في العرض السابق تدور حول محاولة تهريب المريض (محمد) من المستشفى، وأثناء مساعدة الممرضة لهم، تجد ملف الدكتور النفسي، ويتصل المرضى على الشرطة؛ ليدخل كل من (عبدالهادي حسين)، و(عبدالوهاب حسين)لاعبَيْن دور الشرطيين، ويلقيان القبض على الدكتور، وتنتهي المسرحية بتحرير الجميع.
أما في عرض المهرجان، فقد تغيرت المجريات بأن جشع المال الذي سيطر على الدكتور، وصاحبة المستشفى جعلهما يتجهان نحو فكرة المتاجرة بالأعضاء، ويأخذ الدكتور المريض (محمد)؛ ليبيع كليته، وأثناء العملية يتوفى المريض، فتحاول الممرضة مساعدة البقية؛ ليأخذها الدكتور لاحقاً، ويتخلص منها هي الأخرى، وينتقم المرضى منه عبر الدكتور بالكهرباء، كما فعل معهم في بداية العرض، ولكن تتدخل صاحبة المستشفى، برفقة دكتور آخر، ويتخلصان من الدكتور عبر رميه في المحرقة، وتنتهي المسرحية، بدخول ممرضة جديدة، برفقة مريض جديد؛ لتتكرر السلسلة، فتنتهي المسرحية كما بدأت.
رغم وجود ضعف في العرضين السابق والحالي، إلا أننا نثني على تطوُّر العرض على جميع الأصعدة، ولكننا على يقين تام بأنه لو كانت المدة بين العرضين أطول، ونال المخرج مساحته ووقته الكافي في إخراج المسرحية؛ لكان العرض أفضل؛ حتى من النسخة التي قُدِّمَت في المهرجان.
★ناقدة ـ الكويت.