سينما

شهد إبراهيم:”بنسيون دلال”..الأفلام التجارية بين السقوط الفني والنجاح الجماهيري.

شهد إبراهيم ★

مع انتشار شركات الإنتاج في الفترة الأخيرة، برزت العديد من الظواهر السينمائية والاقتصادية؛ التي لم تَصُبَّ جميعها في مصلحة الفن السينمائي، فقد باتت الأهداف الربحية على رأس القيم الفنية للعمل، ومحصلة لهذا السعي الربحي البحت، بدأ في الظهور ـ ومنذ زمن طويل ـ  ما يُعرف بالسينما التجارية، التي عادةً ما تبتعد عن المعاني الحقيقية والجمالية؛ التي قامت عليها السينما، وتركز على الطريقة التي تجلب بها الجمهور، فأسهبت بذلك في إبعاده عن همومه، وضغوطات الحياة؛ متحولة غالباً إلى أداة لإشباع الرغبات العابرة.

يحصد الملايين !

على هذه الخلفية يمكن النظر لفيلم “بنسيون دلال” وهو عمل كوميدي اجتماعي، في إطار عائلي مشوق، عبارة عن مشاهد ملتصقة ببعضها؛ يفتقر فيها لمعظم أركان العمل السينمائي الفني، وعلى الرغم من ذلك؛ فعندما ننظر إلى الإيرادات التي حققها الفيلم في مصر والسعودية، نجدها تصل إلى الملايين، ومازال العد تصاعدياً.

الفيلم تأليف حسين نيازي، ومن إخراج شادي الرملي.

وتدور الأحداث حول “سيد الجدع”، الأب الذي يقرر خيانة أبنائه الخمسة، وبيع البنسيون العائلي ــ  الذي يشاركون في ملكيته ــ  بأوراق مزورة، مما يفتح الباب أمام سلسلة من الأحداث المختلفة؛ التي تعكس لنا تناقضات أفراد العائلة بين محاولات لإقامة حفل غنائي، وتصوير فيلم، وسرقة بنك، ينجرف الجميع في دوامة من التعقيدات؛ التي تنتهي بمفاجأة غيرمتوقعة، والفيلم بطولة كلٍ من: بيومي فؤاد، ومحمد رضوان، وأمجد الحجار، ووليد فواز، وطاهر أبو ليلة، ومحمود حافظ، وعمر متولي، ومجموعة من المواهب الشابة،  والوجوه الصاعدة.

يحتوي الفيلم على قصص قريبة من قصص مواقع التواصل الإجتماعي؛ حيث نجد الابنة “عايدة” الناشطة النسوية تدعو أصدقاءها ومتابعيها على الإنترنت؛ لتصوير فيلم عن التحرش؛  بينما يستضيف المتشدد دينياً، أميرَ جماعته، ومعه شخص غامض في البنسيون، والابن «باستاردو» يقوم بسرقة البنك المجاور للبنسيون؛ من خلال نفق قام بحفره في بدروم البنسيون، وفي حقيقة الأمر؛ أغلب ممثلي العمل لم يقدِّموا سوى مجموعة من الحركات البهلوانية الضعيفة، و”الإفيهات” المجانية؛ ناهيك عن المبالغات غير المبررة في الانفعالات، فمعظمهم ينفعل بسرعة خيالية، ويتكلم بصوت عالٍ كدلالة على العصبية، والتفاعل مع الدور، وبدلاً من أن يحتفظ النجوم البعيدون عن السينما الشعبية التجارية بهويتهم، وشكلهم، اِنسحبوا تجاه تيارها الجارف، وارتدوا رداء لم يكن يوماً لهم، وبالحديث عن هؤلاء النجوم نتذكر أداء “محمد رضوان” المتألق، كذلك أداء “وليد فواز” المناسب، وبعض أداءات المواهب الشابة، منهم “أمجد الحجار”، وميشيل ميلاد.

وعن الملابس؛ فكانت مناسبة إلى حد ما مع كل شخصية من الشخصيات، وأما الإضاءة؛ فكانت في التصوير الداخلي”البنسيون” عبارة عن إضاءة خافتة مناسبة للحالة الدرامية؛ على عكس الإضاءة الداخلية وقت الحفلة.
معظم الديكور يرتكز في مبنى الفندق، والذي كان مناسباً مع الأحداث، ومع قِدَمِ عمر الفندق.
وبالنسبة لعنصر الموسيقى؛ فقد غاب وبَعُدَ كل البعد في التعبير عن الحالة الدرامية للمشاهد، فالموسيقى غير مناسبة، وأما المؤثرات الصوتية؛ فكانت منضبطة بشكل مناسب.
كل هذا مع مقدار لا بأس به من الألفاظ و”الإفيهات” الخارجة، أو التي تحتوي على تلميح خارج، التي أصبحت غالباً منتشرة في معظم الأفلام.
في الحقيقة يبدو أنه رغم أنف صُنَّاع السينما، وكبارها، ونقدها، إلا أنه دائماً سيكون للسينما التجارية إقبالاً جماهيرياً.


★ طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي ـ جامعة عين شمس ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى