أخبار ومتابعات

عبد الرحمن الخضيري:بائعة الكتب، سلوى السعيد : مهنتي لا تقل أهمية عن الطبيب والمهندس.

 


كنت ألمح تواجدها اللافت خلال جولاتي بين معارض الكتب العربية؛ تنبض بالحيوية والنشاط، تأسر التفاتها، وحديثها كل قاصديها من عشاق الكتب مثلي، الذين يصعب إقناعهم بكتاب معين مهما رافقه من ضوضاء، أو إعلانات مدفوعة الثمن، هي لا تشبه ما أسمعه عن بائعي الكتب المتفلسفين، أوالمتململين من أسئلة زوارها، مهما كانت أسئلتهم مستفزة أحياناً، يلفتني بها قدرتها العجيبة على  تحليل كتاب ما، وأسلوبها الفاتن بذلك ! اِلتقيت بها في معرض الرياض الدولي  للكتاب،  في رحاب جامعة الملك سعود، تقول لي “سلوى” : لم أتردد في أن أعمل بائعة كتب  في دار نشر، فأنا أراها ملهمة ومهمة، وهي لا تقل أهمية عن  أهمية وجود الطبيب والمهندس، ففي ظني لا يوجد دولة في العالم،  أو جماعة من البشر تستطيع تحمل تكاليف الجهل، فالجهل أشبه بالوباء  في استطاعته القضاء على أمم بكاملها، كذلك تصف “سلوى” نفسها بحلقة وصل بين الكتاب والقُراء، وهذا مصدر سعادتها .
كذلك لاتخفي تعبها نتيجة العمل الطويل بين أرفف الكتب واصفة إياه بـ (المُهلِك) لما يتطلبه العمل في النشر من  مجهود ذهني، وبدني كبير جداً، قد لا يظهر للناس حيث تبحث ، كيف توفر  كتاباً ما  لها على الرف في أي معرض أو مكتبة، يستغرق ذلك  مجهودات بدنية من حيث  التحضير والتجهيز للكتب، ونقلها لأي معرض، وإعادة استلامها، ورصها في أماكنها، كما أن أوقات العمل في المعارض الدولية غالباً تكون لساعات طويلة جداً..


أما عن استعداداتها، وتحضيراتها الشخصية للمعارض الداخلية والخارجية، توضح “سلوى” قائلة: ربنا  أكرمني بفرص كثيرة لزيارة معارض دولية متعددة، ومختلفة،  وأشارك فيها، فكل دولة أزورها من أجل معرض كتاب أشعربإنها تقيم كرنفال احتفالي للكتاب، وليست مساحة  تجارية لبيع الكتب فقط ، وستلاحظ الجهود الكبيرة ، والعمل المتواصل في المعارض ممزوجة  بحب عملها، حتى لو كانت إمكانيات تلك الدولة متواضعة.
وحين سألتها هل عشتِ أوقاتاً صعبة  في مهنتك، أوصلتك لدرجة البكاء حين تتذكرينها،  تقول “سلوى” :  قد أتضايق من بعض المواقف المتعلقة  بالتنظيم في المعارض،  والحمد لله كلها تنتهي بلا مشاكل، وبكل محبة.
وهل هناك  مواقف أدخلت البهجة إلى قلبها، تبتسم “سلوى”، وتتذكر فتقول: كثير، مثل مقطع فيديو لها مع مجموعة من  الأطفال في المغرب حينما عرفوا أني مصرية، سألوني ببراءة الطفولة هل تشجعين الأهلي، أو الوداد  بسبب مباراة قريبة جمعتهما، وبقينا نضحك معاً، كذلك من المواقف التي تبهجها، توضح حينما أرشح لقارئ ما، كتاباً لم يكن في باله،  ويعجبه ترشيحي؛ حيث تعيش إحساساً  جميلاً ، كذلك كيف  تكون ردة  فعلها عندما يقال لها غداً سنشارك في معرض ما، يأتي جوابها بأنها  سعيدة ومتحمسة، فهي تعتقد  بأهمية دورها  في نشر الثقافة، علاوة أن عملها يوفر لها  فرصة مهمة، وهي التعلم، والتبادل المعرفي، والتعرف عن قرب على المثقفين، والكُتَّاب ، والكتب في البلدان المختلفة.
وحينما دخل أحدهم يسألها عن كتاب هل هو جيد ؟
قفز في ذهني سؤال،  بصراحة يا “سلوى” هل قرأت الكتب التي بين يديك ؟  ليأتيني جوابها أولاً، اِسمح لي أن أخبرك شيئاً مهماً ! ليس من المعقول أن  كل الكتب التي أبيعها  قد قرأتها، فهذا منطقياً، غير معقول؛ ولكن بعض منها أكون قرأته، وأحببته، وفي بعض الكتب أكون قد قرأت لنفس الكاتب، أو أعرف موضوع الكتاب الذي يتحدث عنه.
وعن علاقتها بالكتاب هل هي علاقة مهنية بحتة، أو حب وشغف، تكشف “سلوى” لنا أن علاقتها بالكتاب في المقام الأول علاقة حب؛  فهي تعتقد أن لا أحدَ يستطيع تحمل مهنة بائع الكتب، ومجال النشر، وهو لا يعيش علاقة حب مع الكتاب والقراءة لأنها كما تصفها “سلوى” مهنة مرهقة  على المستوى الذهني، والبدني، ولذلك فلن يتورط بها سوى المحب العاشق. 
حاولت الالتفاف عليها بسؤال آخر قائلاً: هل دار في مخيلتك يوماً ما أنك ستتركين العمل كبائعة كتب، وتعتزلين القُراء وأسئلتهم فقالت: صحيح تزورني هواجس من هذا النوع  لو تركت العمل في مجال الكتب ( هشتغل ايه ) ؛ لكن الحقيقة أنا وجدت  نفسي في هذا المجال، ولا أرى نفسي في مهنة أخرى غيرها،  فما أجمل مناداتي بـ (بياعة الكتب ) فأنا أراه  شرفاً كبيراً.


★صحفي ـ سعودي.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى