مسرح

روان محمد: “تشارلي”.. صَدِّقْ حلمكَ، يتحققْ.

روان محمد ★
صدق حلمك يتحقق، هذه الجملة التي عبَّر عنها محمد فهيم، عن فرحته بتحقيق حلمه أثناء حضوره في برنامج (معكم مني الشاذلي) وحديثه عن حضور أحد أفراد عائلة “تشارلي تشابلن” لعرض “تشارلي” ، وهو جافين جوليان تشابلن، وكيف عبَّر عن مدى تأثره بالعرض، وحبه له بجمله You got charlie perfect  بالتصوير مع الفنان محمد فهيم، الذي قام بدور “تشارلي” والذي كان رده (وشهد شاهد من أهلها) وهذا العرض الذي تم عرضه في موسم الرياض بمسرح محمد العلي، وعُرض عشر ليالٍ، وكانت هذه المرة الأولى الذي يشارك فيها الفنان محمد فهيم، بموسم الرياض، وبرغم من أن هذا العرض كانت تذكرته باهظة الثمن للغاية، فهي تصل حتى ألفي جنيهٍ؛ ومع ذلك لم يتراجع الجمهورعن الحضور؛ ولكن خصص هذا العرض لفئة معينة، وبرغم من ذلك كانت معظم ليالي العرض ( أرش كومبليه) وقد تم اختيار الفنان محمد فيهم، لجائزه أفضل شخصية مسرحية شابة لعام ۲۰۲۳ في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح.


يبدأ العرض باستعراض راقص ومبهج مفعم بالحياة والسرور، وبعد الاستعراض يبدأ مشهد بين سيدني وتشارلي، ووالدتهما ؛ يزهر عن فكرة “تشارلي” وهو طفل مشرد، ويتطلع لحلمه لتدعمه والدته برغم من أنها غير واعية بشكل كافٍ؛ فهي سكرانة دائماً، ويعترض أخوه على هذه الأفكار؛ ولكنه يستمع إليه؛ بعد ذالك يبدأ مشهد المصنع؛ الكثير من العمال هنا وهناك يركضون في الأنحاء المختلفة بسرعة كبيرة، وضوضاء، ثم فجأه يظهر” تشارلي” ويأمرهم بأن يبدأوا تصوير المشهد، وهنا نرى استخدام خاصية (تمثيل داخل تمثيل ) وباستخدمه تلك الخاصية يعرض السيرة الذاتية لـ “تشارلي شابلن”، وبرغم من تركيزه على الجانب السوداوي، والحزين لحياة “تشارلي شابلن” ؛ إلا أنه أيضاً ركَّزَ علي الجانب السياسي، فوضع “تشارلي” في منطقة تجعله مناضلاً سياسياً؛  ومن أهم النقاط المستخدمة هو فيلم “الديكتاتور العظيم” أول فيلم ناطق لـ “تشارلي شابلن” ، وعرض عام  ١٩٤٠ ، وكان هذا من تفكير المؤلف الكبيرمدحت العدل، والذي قام بالتأكيد على هذه النقطة وكان المخرج أحمد البوهي، ووصلت الفكرة السياسية التي كان يسلط عليها الضوء إلى الجمهور، وتحدث محمد فهيم، عن أن الفترة التي حضَّروا فيها لهذا العرض، كانت طويلة، فقد أخذوا ثمانية أشهر في جمع العملومات فقط عن حياة “تشارلي تشابلن” فليس يجمع سيرة ذاتية؛ ولكن الوصول ليس مستحيلاً، وكان من السهل أن هذه إحدى الأفكار التي أراد محمد فيهم، إيصالها للمتفرج، وهي تصديق الحلم ؛ ليصبح حقيقة.

لقد مزج هذا العرض المشاعر الإنسانية مع الاستمتاع، وكان العرض متكاملاً من الجوانب الفنية، فكان اختيار الملابس اختياراً موفقاً للمصممة ريم العدل، وكانت سهلة في التغيير، فكانت المشاهد تتبدل، والملابس أيضاً، وهذا جعل المتفرج في حالة من الانبهار بوجود سلاسة وسرعة في تغيير الملابس، وأيضاً الأداء التمثيلي للفنان الدكتور  أيمن الشيوي، في دور “اِدغار هوفر”، الذي كان يمثل السلطة الأمريكية، والممثلة داليا الجندي، في دور “هيدا هوبر” الصحفية الأمريكية و( الباليرينا) في دور زوجة تشارلي” الثانية، وجعلها صامتة لهدف، وهو أن السلطات طلبت من زوجة “تشارلي” الأصلية (أونا) أن تفشي أسراره، وتتحدث عنه بالسوء؛ ولكنها رفضت ذلك؛ ولهذا السبب جعلها المؤلف مدحت العدل صامتة تماماً؛ للتنويه  عن ذلك بطريقة غير مباشرة، والممثل عماد اسماعیل، في دور سيدني شقيق “تشارلي” الذي كان متقناً لإحساسه، فوصل ذلك للجمهور، وتأثر به ، مع انضمام الفنانة نور قدري، في دور الأم، واختيار المخرج محمد البوهي، لـ “نور” برغم صغر سنها، كان له هدف، وهو أن في حياة “تشارلي (الحقيقة)؛ فآخر مرة رأى  فيها “تشارلي” أمه؛ كان في عمر الخامسة، ولذلك توقفت ذاكرته عن تذكرها، وهي أكبر من ذلك؛ لأنه لم يرها في سن متقدمة، واختياره لمحمد فهيم، في دور “تشارلي” الذي أبهر الجميع في الأداء التمثيلي؛ ليس للشبه الكبير بينهما مع استخدام المكياج، ولكن اختياره الأساسي لمحمد فهيم، هو حلم محمد فيهم، منذ طفولته، فبالنسبه له يرى أن “تشارلي تشابلن” هو أيقونة الفن ، ويسعى لتقديمه منذ زمن بعيد، والشبه الذي خدم العرض، وجعل الجمهوريصدق أنه يرى “تشارلي شابلن” وكأنه بعث من جديد، وبرغم من أن الإضاءة كانت متناسقة، وهي من أهم العناصر الفنية؛ ولكن هذا العرض قد كسر القواعد الفنية هذه، وجعل عنصر الديكور بارزاً، ومفعماً بالحركة والحيوية، فقد نجح مصمم الديكور حازم شبل، في إتقان كل قطعة في كل مشهد، وسرعة تغيير الديكور؛ جعلت المشاهد يتماهى مع العرض، وكأنه بداخله إلى حد كبير، وكذلك امتزاج الموسيقى مع الاستعرضات الراقصة، وكانت الكلمات لمدحت العدل، والألحان لإيهاب عبد الواحد، والتوزيع للفنان نادر حمدي.

العرض من إنتاج أحمد فهمي، الذي رصد له ميزانية ضخمة.
وهذا المجهود الكبير المبذول في العرض؛ جعله من أكبر وأضخم العروض المصرية الغنائية في الفترة الأخيرة، وجعل الكثير من الشخصيات المنضمة للعرض من قبل، وجوهاً جديدة، وهذا لدعم الفنانين الشباب، وإعطائهم فرصة؛ لكي يُعبِّروا عن إبداعهم ، ولتشجيعهم على الاستمرار.
وفي النهاية كان العرض متكاملاً فنياً من جميع الجهات. أتمنى أن يرى الجميع ما رأيت في هذا العرض المتألق، الذي يمكن رؤيته أكثر من مرَّة، وفي كل مرَّة سوف ترى أشياء مختلفة تجذب العين لكثره تفاصيله، والاستمتاع به في كل مرَّة.


★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي ـ جامعة عين شمس ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى