مسرح

ندى مرجان: ” ماكبث المصنع” .. العرض الذي اقتنص العديد من الجوائز.

ندى مرجان ★

حصدَتْ مسرحية (ماكبث المصنع) العديدَ من الجوائز في المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الـ 17، وحصد المخرج محمود الحسيني، مركز أول، مخرج عرض، وأيضاً مركز أول، دراماتورج، وحصل روماني جرجس، على مركز أول، ديكور للعرض، وحصل العرض ككل؛ على مركز أول عرض في المهرجان القومي للمسرح المصري.


وعلى الرغم من ذلك؛ فقد قدّم العرض فريق الهواة بكلية طب أسنان جامعة القاهرة، وحصلوا على المركز الأول في مسابقة الجامعة؛ مما أهلّهم للمشاركة في المهرجان القومي، وحصولهم على المركز الأول، وكذلك مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، مُمثِّلاً لمصر مع عرض آخر للهواة أيضاً، وهو “حيث لا يراني أحد”.


اِعتمد المخرج على نص “ماكبث” لويليام شكسبير في تقديم عرضه “ماكبث المصنع” مُستبدِلاً الأجواء بأجواء العصر الحالي، التي يسيطر عليها الذكاء الِاصطناعي، وإن ظلّت مأساة البطل واحدة.
يبدأ العرض بمشاهِدَ سريعةٍ تعكس إيقاع العصر وجموده، ولا إنسانيته، وتَحوُّل الإنسان إلى آلة، ما بين عمل ماكبث، في المصنع، وذهابه إلى البيت، ونومه، واستيقاظه؛ للذهاب إلى العمل، فهي علاقات آلية وباردة ومجرّدة من أية مشاعر، وقد استخدم المخرج في هذه الِانتقالات أسلوباً أقربَ إلى الفوتو مونتاج السينمائي.

في مسرحية (ماكبث) لويليام شكسبير، تُجسِّد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ فيهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث، بأنه سيكون الملك القادم على عرش إسكوتلندا، وفي مسرحيته “ماكبث المصنع” اِستبدل المخرج محمود الحسيني، الذكاءَ الِاصطناعي بساحرات شكسبير، مما يُوحي بالتحذير من تلك الوسائل الجديدة؛ التي تتلاعب بالإنسان.

فتبدأ أحداث المسرحية كما بدأت الحياة الأولى؛ فتحرِّضُ حواءُ آدمَ بأن يرتكب الخطيئة، حيث تلعب الزوجة في العملين المسرحيين نفس الدور التحريضي؛ فدفعت ليدي ماكبث، زوجها إلى قتل الملك؛ لتولي عرش إسكتلندا، أما زوجة ماكبث المصنع؛ فتدفعه للتخلُّص من عمه؛ ليصبح صاحب الخوذة الذهبية، لا الفضية فحسب، أي يكون الرجل الأول في المصنع، ويترأس الإدارة، وهنا يأتي دور «مدركة»، وهي شخصية افتراضية تُجسِّد طغيان الذكاء الِاصطناعي في العصر الحديث، وتشير على البطل بأن يقتل عمّه، وكان المقابل أن يفقد عيناً، وهي بذلك ترمز إلى البصيرة ، وساقاً ويداً أي أنه سيصبح عاجزاً ؛ ويَقبَل الشاب بتلك الشروط؛ التي تؤكد أن التشوه الداخلي الذي سمّم روحه وأخلاقه عبر الطمع؛ أصبح يوازيه تشوه خارجي، وتتحقق النبوءة، وتتم الصفقة؛ التي تُعيد إلى الأذهان الحكاية الألمانية «فاوست»، الرجل الذي باع روحه للشيطان؛ ليرضيَ طموحه.
ويتخلص ماكبث المصنع، من عمه، في انقلاب سيارة؛ حيث يقود الشاب السيارة ومعه عمه؛ فتقع حادثة مروعة، ويموت العم، ويتولى مكانه.

على خُطَى النص الشكسيبري، يتورَّط مكبث المصنع، في مزيد من الخسارة، فساءت علاقته بزوجته؛ التي عانت من الكوابيس حتى أصيبت بحالة من الجنون والهذيان، وساءت حالة المصنع، الذي لم يَعُدْ مُنتِجاً كما كان، ولم يَعُدْ قادراً على تلبية احتياجات طالبي منتجاته، فساءت حالة ماكبث، وانتابه الشك في زوجته، فقام بقتلها؛ ليكتشف بعدها أنها كانت تحمل جنيناً في أحشائها؛ لتكتمل المأساة، وتصل إلى ذروتها، فتصيبه لعنة الندم والخذلان إلى الأبد.
وركّز المخرج في أداء الفرقة على منهج “البيو ميكانيك” الذي اعتمده الروسي مايرهولد، في طريقة عمل الممثل، حيث يبدأ الممثل من الحركة وإيقاعها؛ ليصل إلى المشاعر الداخلية، فضلاً عن الِاقتصاد في التعبير، والِابتعاد عن الثرثرة اللغوية، واستغل المخرج (البروجكتور) في تجسيد مشاهد كثيرة ومتوالية، أسهمت في تسريع إيقاع العرض؛
وكان للفنانة سلوى محمد علي، تعقيباً على العروض؛ التي استعانت بالذكاء الِاصطناعي في حفل ختام المهرجان وتسليم الجوائز، وهوأهمية توضيح إلى أيِّ مدًى تم الاستعانة بالذكاء الِاصطناعي.


★ناقدة ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى